طالعتنا الصحف بحكم محكمة وصفته بالتاريخي أعطي الأم الحق في تسجيل شهادة ميلاد ابنها بنفسها، بعد تعنُّت الأب ورفضه نتيجة خلافات أسرية مع زوجته.
ونكاية فيها أبلغ مكتب الصحة بأن تسجيل المولود يجب أن يكون عن طريقه هو دون زوجته، فحررت له الزوجة محضرًا بالواقعة بمركز الشرطة، وبعدها توجهت إلى مكتب الصحة لإثبات ميلاد مولودها واستخراج شهادة ميلاد له، إلا أنها فوجئت باستجابة مكتب الصحة لرغبة الزوج وأهله عنادًا فيها، فطلب القاضي من الزوجة اختصام زوجها وتم إعلانه، إلا أنه امتنع عن المثول وأهله أمام المحكمة أكثر من جلسة.
فقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بإصدار حكمها بأنه لا يجوز للزوج وأهله إهانة زوجته وحرمانها من حقها في استخراج شهادة ميلاد المولود، وأن الخلافات الزوجية أثناء الحمل لا تحرم الزوجة من حق المولود في أوراقه الثبوتية، بشرط أن تثبت أن المولود جاء بناء على علاقة شرعية مع الزوج بشهادة تستخرج من مكتب الصحة والطبيب الذي أجرى عملية الولادة، وألزم جهة الإدارة بإثبات واقعة ميلاد الطفل المذكور في سجلات المواليد وتسليم والدته شهادة قيد ميلاده وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
الحقيقة أنه ينقصنا كثيرًا كمواطنين وجهات تنفيذية وصحفيين وإعلاميين الوعي بالقوانين ومواده، فالقاضي الجليل - تحية تقدير لحكمه المنصف للأم- استند إلى مادة مدرجة بالفعل في قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008 وبالتحديد المادة 15، وتنص على أن الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة هم والد الطفل إذا كان حاضرًا، ووالدة الطفل شريطة إثبات العلاقة الزوجية على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية، ومـديرو المستشـفيات والمؤسسـات العقابيـة، ودور الحجـر الصـحي، وغيرهـا مـن الأمـاكن التـي تقـع فيهـا الولادات، والعمدة أو الشيخ، كما يجوز التبليغ ممن حضر الولادة من الأقارب والأصهار البـالغين حتى الدرجـة الثانيـة على النحـو الـذي تبينه اللائحة التنفيذية.
لكن للأسف موظفو مكاتب الصحة لا يعلمون بهذه المادة المعدلة منذ عام 2008، ولم توزع عليهم نشرة بمواد القانون، ولا تزال المشاحنات بين الأهل وموظفي مكاتب الصحة نتيجة عدم وعي الجميع بمواد القانون، وهذا يلزم السيدة وزيرة الصحة والسكان بضرورة تعميم نشرة بمواد قانون الطفل وحقوقه على مكاتب الصحة بجميع المحافظات، بل إعداد دورات تثقيفية تشريعية بأبرز مواد القوانين المتعلقة بالأسرة المصرية وحقوقهم الصحية، فهناك مواد كثيرة تحمي وتعطي الكثير من الحقوق، لكن لا نعلم عنها شيئًا، وكذلك الموظفون مقدمو الخدمات الحكومية، وحتى أصحاب المحال أو أصحاب الشركات الخاصة، وتلك كارثة كبرى تستلزم الوقوف عندها وحساب تكلفة المشاحنات والشعور بالظلم، نتيجة الإزهاق اليومي للحقوق المهدرة التي تُمارس على أفراد المجتمع، نتيجة الجهل التشريعي وعدم التوعية به.
فعلى سبيل المثال، وحتى لا نخرج عن بنود قانون الطفل، ولنا في مقالات أخرى نسرد مواد قوانين أخرى خاصة بحقوق الأسرة وتشمل تفاصيلنا اليومية.
ففي باب الحماية من أخطار المرور بقانون الطفل تنص المادة رقم 52 على حماية الطفل، وتلزم الأهل وأصحاب المحال بعدم تأجير الدراجة للطفل أقل من ثماني سنوات، وتشدد عقوبة على المخالفة والمواد من 64 إلى 68 تختص بحقوق الطفل العامل وتلزم أصحاب المحال والورش وغيرها من الأماكن التي تعتمد على عمالة الأطفال، فممنوع تشغيل الطفل أقل من خمسة عشر عامًا، وممنوع العمل أكثر من ست ساعات في اليوم، تتخللها أوقات راحة، ولا يجوز تشغيل الأطفال في الفترة من السابعة مساء حتى السابعة صباحًا، والمهن لا تكون خطرة وتعرض حياته للخطر، ويجب أن يكون لكل طفل عامل بطاقة بصورة الطفل مختومة من مكتب القوى العاملة.
هل كل أصحاب الورش والمحال والمطاعم يعلمون تلك الإجراءات؟ يجب مع أوراق الترخيص أن يتم وضع شروط هذه المواد في أوراق الترخيص وتوقيعه عليها حتى لا يتعرض للمساءلة.
لا بد من إتاحة بيئة تثقيفية للقوانين من خلال مجلس النواب؛ حيث يضيف توصية في كل قانون تتم الموافقة عليه، وبعد نشره في الجريدة الرسمية بألا يكتفي بتسلم الوزارات نسخة منه لإعداد اللائحة التنفيذية، بل إلزام المكتب الفني بكل وزارة بتوزيعه وتعميمه على كل إداراتها ومؤسساتها التابعة بكل المحافظات.. فالقوانين توضع لضبط الإيقاع الحقوقي لكل فرد والتثقيف بها مسئولية الحكومة والجمعيات الأهلية العاملة في مجال التوعية، فتلك ضمانة لأمان المجتمع وليست رفاهية.
[email protected]