** لا صوت يعلو هذه الأيام فوق صوت بطولة كأس الأمم الأوروبية "يورو 2020"، فعلى امتداد شهر كامل يتابع عشاق الكرة الجميلة والمثيرة نجوم أوروبا وهم يصولون ويجولون فى ملاعب 11 مدينة أوروبية تقام على أراضيها مباريات البطولة، ووسط حضور جماهيري ملحوظ لم نعتده منذ ما يقرب من العامين بسبب "اللي مايتسماش فيروس كورونا" الذى ضرب العالم كله بعنف، ومازال يواصل حصد المزيد من الأرواح، حفظنا الله وإياكم من شره، ورفع عنا بلاءه. آمين يا رب العالمين.
.................................................
** إذا كنت ــ وكثيرون غيرى ــ نحرص على متابعة مثل هذه البطولات، فليس هذا لمجرد الاستمتاع بمبارياتها وكرتها الجميلة والمثيرة، وإنما لكى نعيش أجواءها المميزة، سواء على أرضية الملعب أو فى احتفالات جماهيرها في المدرجات، وأيضًا متابعة الأحداث المثيرة التي تحيط بها، وكيفية التعامل مع المواقف الإنسانية الطارئة، ولعل أبرز مثال على مدى إنسانية هذه الكرة الأوروبية، ما حدث بالنسبة لواقعة سقوط النجم الدنماركي كريستيان إريكسن مغشيًا عليه فى افتتاح مباريات منتخب بلاده ضد منتخب فنلندا، بدون أن يلمسه أحد، وإنما نتيجة تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة.
هل شاهدتم مثلى كيف تم التعامل مع هذه الواقعة؟! وماذا فعل زملاؤه اللاعبون والطاقم الطبي من الفريقين، وكيف تم إنقاذه داخل الملعب بعد أن توقف قلبه لمدة 30 ثانية، حسبما ذكر طبيب الاتحاد الأوروبى لكرة القدم "يويفا"؟! وكيف أحاط اللاعبون بمكان سقوطه من كل جانب، حتى لا يشاهده أحد من ذويه أو من الجماهير وهو فى هذا الوضع بين الحياة والموت؟ ثم ما كل هذا الشعور الإنسانى الرائع الصادر عن بعض لاعبي المنتخبات الأخرى، هل شاهدتم النجم البلجيكي روميلو لوكاكو لاعب منتخب بلجيكا وهو يهدى الهدفين اللذين سجلهما في مباراة فريقه ضد منتخب روسيا، إلى إريكسن زميله فى إنترميلان؟ وهل شاهدتم البلجيكى الآخر كيفين دى بروين وهو يرفض الاحتفال بالهدف الذى سجله فى مرمى الدنمارك "منتخب إريكسن" احترامًا لما حدث للاعب على أرض الملعب؟
ولأن قميص إريكسن يحمل الرقم 10، فقد اقترح كثيرون ومنهم لوكاكو، بأن تخصص الدقيقة العاشرة من المباراة لتشجيع إريكسن والهتاف باسمه رفعًا لمعنوياته وهو على سرير المرض في المستشفى؟
إنها دورس إنسانية عظيمة نتمنى أن نراها كثيرًا فى ملاعبنا، فى حالة حدوث مكروه لا قدر الله لأي من اللاعبين. وهناك نقطة لا يمكن إغفالها، تتعلق بأهمية إجراء الإسعافات الأولية داخل أرض الملعب، وليس بالضرورة سرعة نقل المصاب إلى عربة الإسعاف أو المستشفى، لأن الحركة ربما تكون ضارة بحالته، وتزيد من تفاقم الإصابة.
وهناك درس آخر يتعلق بالجماهير الواعية الحاضرة للمباراة، فرغم أنه ُطلب منها الرحيل على أساس أنه لن يكون ممكنًا استكمال المباراة، إلا أنهم رفضوا وظلوا قابعين فى أماكنهم بالمدرجات لحين الاطمئنان على أريكسن، وبالفعل اطمأنوا وتم استكمال المباراة، التي انتهت بفوز منتخب فنلندا 1/صفر.
.................................................
** هناك مباريات من شدة إثارتها وقوتها، وعدم معرفة الطرف الذي سيفوز بها، تجعلنا لا نمل منها ولا نريد انتهاءها، بل نتمنى أن تستمر ساعات وساعات.. هكذا كان حالى وأنا أتابع مباراة الصدمة والرعب بين منتخبى فرنسا وألمانيا، والتى انتهت بفوز الديوك الفرنسية على المانشافت الألماني بهدف للاشيء.. ورغم أن المباراة كانت تقام على ملعب أليانز أرينا بمدينة ميونيخ، إلا أن الفرنسيين لعبوا وكأنهم فى استاد دى فرانس أو ملعب بارك دى برينس بالعاصمة باريس، كما أن الفريق ضم أكثر من لاعب اعتاد اللعب على هذا الملعب مثل الظهيرين لوكاس هيرنانديز وبنيامين بافار لاعبى فريق بايرن ميونيخ، وهذا فى تقديرى كان له تأثير إيجابى على أداء منتخب فرنسا، فضلًا عن أن النجم الظاهرة كيليان مبابيه، بسم الله ما شاء الله عليه، لا يفرق معه ملعب ولا مكان ولا زمان ولا أى منتخب، وكان مكمن الخطورة الأول بسرعته ومهارته وثقته بنفسه وبإمكاناته.
.................................................
** أطرف تعليق قرأته عن الفارق بين النجمين الكبيرين ليونيل ميسى وكريستيانو رونالدو، وأيهما الأفضل، جاء على لسان الإسبانى المدرب المخضرم فيسنتي ديل بوسكي (70 سنة) أحد أساطير ريال مدريد، لاعبًا ومدربًا، فعندما سألته إحدى القنوات التليفزيونية الإسبانية عن رأيه، قال: ميسي هو أفضل لاعب كرة قدم فى العالم.. عارفين ليه؟ لأنه فى تقديره يمتلك ميزة كبرى، ألا وهى أنه يلعب كرة الشوارع التى يعشقها محبو كرة القدم، ويستمتعون بها. وعلق قائلًا: ميسي يشبه أولئك الذي لعبنا معهم فى الشوارع والأحياء صغارًا، الكرة التي نحبها والتي كانت تهتم بإثارة المتعة والشغف باللعب، لأنها تشهد الكثير من الإبداع والابتكار فى فنيّات اللعب، بالمراوغة والترقيص على أرض الملعب. مشيرًا إلى أن ميسي قادر على أن يراوغ أى لاعب فى أى مكان بالملعب ولهذا يراه هو الأفضل، ولكنه للأمانة، لم يقلل من كريستيانو رونالدو واعتبره ثانى أفضل لاعب بعد البرغوث.