من يؤتمن على (العرض) يؤتمن على المال!!
جملة عنترية أضافها والد الفتاة مريم بخط فخم على قائمة منقولات ابنته التي استحدث المصريون كتابتها في السنوات الأخيرة عندما أصبحت العروس تشارك في تأثيث منزل الزوجية تيسيرًا على الشباب في أعباء الزواج، وبالطبع قائمة المنقولات ومؤخر الصداق والنفقة وغيرها لا يتم النظر اليها إلا في حال لا قدر الله خراب مؤسسة الزواج ووقوع الطلاق كي لا يستحوذ الزوج على منقولاتها لا قدر الله أو إلقائها في الشارع هي وأبناءها.
أبومريم كحالة خاصة أعلن على الملأ تنازله عن الحقوق الشرعية لابنته في حال الطلاق وسرب تلك الورقة (الخاصة به) لكل وسائل الإعلام الحديث ليكون ما فعله نموذجًا يتباهى به الآباء الجدد، رغم أن أبومريم لم يقل على الملأ هل ساهم في شراء أثاث شقة الزوجية أم لا، وهل حصل على مهر مناسب بابنته أم لا، وهل كتب مؤخر صداق مناسب أم لا!!
الشيء اللافت للنظر هنا هو ربط الأب بين الحفاظ على (العرض) وهو الشرف أو جسد المرأة كما يقولون وبين تنازله عن حقوق ابنته، وكأن من يحرص على حقوق ابنته من المفترض أن يزوجها لـ(قواد يتاجر بجسدها) وليس لرجل شريف، غير ذلك أن كل أب لو سألته هل ابنتك أمينة على نفسها سيقول لك بالتأكيد نعم، سواء تزوجت في الأصل أو لا، هذا شيء يخصها مهما تبدلت حالتها الاجتماعية، لذلك الربط هنا مهين للغاية للمرأة وللأب نفسه، وترسيخ لفكرة أن المرأة مخلوق ناقص محتاج لمن يراقبه أو يُقوم سلوكه وهذا غير صحيح بالمرة.
غير أن هذا التنازل المجاني عن حقوق ابنته دون أن يرى هذا الزوج وسلوكه معها في الأساس وقت الاستقرار، أو وقت الخلاف والأزمات والعناد والمشكلات، ما حدث هو مزايدة رخيصة فقط للشو الإعلامي أو الاجتماعي، وإذا أصبح هذا مثالًا أو نموذجًا سيكون بابًا للمزيد من سرقة الحقوق، ومزيد من القضايا أمام محاكم الأسرة والتي بدأت جميعها بأب يثق في أخلاق ورجولة رجل عند الخلاف.
- وإذا تحدثنا على حقوق النساء في مصر في الزواج أو بعد انتهاؤه لا قدر الله في جمهوريتنا الجديدة بالفعل يجب اعادة النظر في مسألة قائمة المنقولات فهي بالفعل إهانة للطرفين ولا تفي في معظم الأحيان بأي جزء من مستلزمات الحياة إذا ما قرر الزوجين انتهاء الزواج في أي وقت وغالبًا ما قد يصبح الأثاث وقتها مجرد (كراكيب عاف عليها الزمن).
- لماذا لا تعدل القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية بحيث تضمن حقوق الجميع سواء إمرأة أو رجل أو أطفال اذا ما انتهت مؤسسة الزواج، مثلًا بالقانون وبدون وجود طرق للتحايل يتم اقتسام الثروة الخاصة بالطرفين وقت الطلاق؛ بحيث لا يصبح أحدهما مظلومًا أو مطرودًا اذا ما حصل أحدهما على شقة الزوجية.
- لماذا لا يتم حساب قيمة مؤخر الصداق وقائمة المنقولات وأي حقوق تخص الأنثى (بالمناسبة هذة حقوق اجتماعية وشرعية ليست هبة أو تفضل من أحد) يتم حسابها بقيمة الجنيه الذهب الذي تتواكب قيمته مع الوقت المحسوب فيه ليست مثل الأثاث الذي قد يتهالك أو تفقد النقود قيمتها الفعلية بعد فترة من الزمن تتغير فيها الأحوال والأسعار.
فكما يكون الزواج شراكة في كل الأحوال يجب أن يصبح الطلاق كذلك وكفانا مهازل نراها يوميًا بمحاكم الأسرة وأطفال تضيع حياتهم تحت وطأة العناد والتطرف إذا ما شعر الرجل بقدرته على اذلال طليقته وسرقة كل حقوقها، حتي لو تحملت بمفردها مسؤولية أو بمعني أصح عبأ تربية أطفالها في هذه الظروف الطاحنة فيكون القانون المطاط وغياب ضمير بعض الرجال سيفًا على رقبة كل امرأة عاشت بين رحي الاستمرار في زواج فاشل، أو تركه لتواجه قانون ظالم أو مجتمع لا يمانع من إذلال نسائه بدلًا من حمايتهم من قسوة الحياة وليزايد كل أبومريم بحياة وحق بناته في مجتمع لا يكترث بحياة الملايين من نسائه.