أوضح تقرير حديث صادر عن البنك الدولى ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج إلى منطقة الشرق الأوسط، العام الماضى، بنسبة 3.2% لتصل إلى 56 مليار دولار، وذكر التقرير أن تحويلات المصريين بالخارج إلى مصر ارتفعت العام الماضى بنسبة 11% لتصل إلى 30 مليار دولار، لتحتل المركز الخامس بالنسبة لتحويلات العاملين إلى دولهم.
التقرير يحمل بين سطوره دلالات يجب الانتباه إليها؛ حيث إنها تترجم أهمية الثروة البشرية، وما تمثله من قيمة مضافة مرتفعة بالنسبة للاقتصاد المصرى، فالمصريون العاملون بالخارج الذين تتراوح أعدادهم مابين 10 ملايين إلى 12 مليونًا يتواجد العدد الأكبر منهم بدول الخليج العربى، يمثلون أحد بل أهم مصادر النقد الأجنبى، خاصة بعد الأحداث التى شهدتها مصر منذ عام 2011 .
حيث ذكر تقرير صادر عن البنك المركزى أن التحويلات كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى بلغت 6.4 % فى 2017، وأنها ارتفعت خلال الخمسة شهور الأولى من السنة المالية 2019/ 2020 «يوليو/نوفمبر 2019» بنحو 1.2 مليار دولار بمعدل نمو سنوى 12.1 %، لتسجل 11.1 مليار دولار «مقابل 9.9 مليار دولار خلال الفترة المناظرة من العام السابق»، ليصل حجم التحويلات حوالى 25.15 مليار دولار فى العام المالى 2018/2019 ليصل إلى حوالى 30 مليار دولار العام الماضى .
ساهمت هذه التحويلات فى زيادة الاحتياطى النقدى بشكل كبير، باعتبارها أحد أهم مصادر العملة الصعبة التى يعتمد عليها الاقتصاد المصرى، خاصة بعد إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها الدولة لتحتل مصر المرتبة الخامسة كأعلى المستفيدين من التحويلات على مستوى العالم طبقًا لما ذكره البنك الدولى، من هذه الدلالات أيضًا وجود قاعدة اقتصادية ثابتة تؤكد «أن رأس المال جبان» وبالتالى فإن زيادة التحويلات طبقًا لما جاء فى هذا التقرير تعكس ارتفاع درجة ثقة أبناء مصر بالخارج فى الاستقرار الأمنى والسياسى وبالتبعية الاقتصادى وتفاؤلهم فى مستقبل هذا الوطن.
ووصول قيمة تحويلات المصريين بالخارج إلى حوالى 30 مليار دولار، رغم ما يعكسه من مؤشرات إيجابية عديدة إلا أنه يحمل بين طياته تحديًا كبيرًا للقائمين على وضع السياسات المالية والاستثمارية من ناحية ضرورة الحفاظ على هذا المعدل من التحويلات والعمل على زيادته أو بوضع برنامج يستهدف تعظيم العائد من هذه التحويلات، مثل منح مزايا محددة بالنسبة لتحويل الأموال للاستثمار فى مشروعات إنتاجية مخططة من الدولة خاصة مع التنفيذ الفعلى للمشروع القومى لتطوير الريف فى الكثير من القرى، مما يزيد من عوامل جاذبيتها لإقامة مشروعات إنتاجية مختلفة، كما يمكن الاستفادة من أبناء الوطن الذين يعملون بدول معينة عند طرح اكتتابات فى البورصة بمشروعات جديدة أو توسعات فى مشروعات قائمة فى قطاعات حيوية مثل الأدوية والصناعات المتقدمة تكنولوجيا بعيدًا عن شراء الأراضى أو الوحدات السكنية.
كذلك فإنه يجب على الجهاز المصرفى التحرك دون إبطاء فى تسهيل الإجراءات الخاصة بالتحويل سواء بافتتاح فروع له بالدول التى توجد بها أعداد كبيرة من المصريين، أيضًا بتوسيع شبكة الخدمات المصرفية بالمحافظات، خاصة مع ما يلوح فى الأفق من قرب دخول بعض الدول مثل العراق وليبيا مرحلة إعادة الإعمار وهما من الأسواق التى كانت فى الماضى تستوعب ملايين من العاملين المصريين باختلاف مؤهلاتهم العلمية أو مستوياتهم المهارية.