"أم المحسنين" وسيدة التعليم الأولى.. من هي "الوالدة باشا"؟ | صور

25-5-2021 | 19:48
أم المحسنين وسيدة التعليم الأولى من هي الوالدة باشا؟ | صورالأميرة أمينة هانم إلهامي "الولدة باشا"
هبة سعيد سليمان

جميلة ذات شعر داكن وبشرة بيضاء وعينين معبرتين، تتجول في أيام الصيف المُشرق حول بستان فى قصرها على مضيق البوسفور، كانت بالغة التأثير على ضيوفها ولبقة وحسنة المعشر، ترتدي العباءة وتذهب مع العديد من خدمها في رحلات على متن قاربها المغطى من الجانبين بغلاف مخملي أزرق يعرفه الناس على طول ضفاف البوسفور ومولعين به.

موضوعات مقترحة

هى واحدة من أعظم الشخصيات في القرن العشرين ذكراها حية فى القصر المسمى باسمها، هى صاحبة العصمة وأم المحسنين، الوالدة باشا، صاحبة طراز خاص أحيت بالتربية جزءًا من تراث الأمة، سيدة التعليم الأولى في مصر وأعظم مَثل في الجود والسخاء والبر والإحسان.

ولدت الأميرة أمينة هانم إلهامي الابنة الكبرى للأمير إبراهيم إلهامى بن عباس حلمى الأول بن طوسون باشا بن محمد على باشا فى 24 مايو 1858، ووالدتها نسرين قدين، تعلمت القراءة والكتابة باللغتين العربية والتركية وآداب الدين الإسلامي.
الأميرة أمينة هانم إلهامي "الولدة باشا"


تزوجت من الأمير محمد توفيق قبل وصوله للعرش بست سنوات بقصر القبة فى 15 يناير 1873 وعمرها 15 عامًا في حفل زفاف فخم أُقيم مع حفل زفاف ثلاثة من أشقاء الأمير، وعُرف باسم "أفراح الأنجال"، وحضره عدد من الضيوف المحليين والأجانب وعرض الشوار "الجهاز" الخاص بها على عربات وطاف به أرجاء المحروسة لمدة عشرة أيام ليشاهده الناس وذبحت الذبائح لإطعام الفقراء وعزفت الموسيقى في أرجاء الشوارع واستمرت الاحتفالات لمدة شهر كامل وقدم الطعام للعامة أربعة أيام في الأسبوع.

تولى الخديو توفيق العرش في 1879، فتولت دورًا بارزًا أكثر من نساء العائلة الخديوية السابقين، فأفنت حياتها في خدمة الفقراء والمحتاجين والمرضى ورعاية الجمعيات الخيرية فى مصر ولُقبت بأم المحسنين لكثرة أعمالها الخيرية، أنشأت المدارس الإلهامية الابتدائية للبنات والإلهامية الثانوية للبنين والإلهامية الصناعية والإلهامية لتعليم الطراز الفرعوني والإسلامي في الأثاث والزخارف، وأرسلت العديد من البعثات الدراسية على نفقتها الخاصة؛ حيث خصص لها الخديوى إسماعيل 600 كيس سنويًا مصروف شخصي لها أنفقتها على المدارس المصرية.
الأميرة أمينة هانم إلهامي "الولدة باشا"


وأشارت لها الصحافة العربية بكل احترام باسم "حرم الخديوي"، وأصبحت الأم الكبري في الأسرة الخديوية بعد وفاة والدة الخديوي توفيق في 1884 ثم جدته في 1886، وقامت بجميع مهامها كزوجة للخديو توفيق على أكمل وجه ووقفت دائمًا بجانبه، فاستقبلت بانتظام زوجات وبنات الدبلوماسيين والزائرين الأوروبيين، وحضرت المناسبات الرسمية مثل حفلات الأوبرا؛ حيث جلست ورفيقاتها خلف الستار.

تدهورت صحة الخديو توفيق وتوفى في سن مبكرة عام 1892، وترملت صغيرة السن وحزنت على وفاته حزنًا شديدًا، ورفضت ارتداء المجوهرات، وتفرغت لرعاية وتربية أبنائها وحرصت على تعليمهم الفنون الإسلامية والموسيقى والآثار، وتولى ابنها عباس حلمي عرش مصر وهو ما زال يكمل دراسته بالخارج وأصبحت "الوالدة باشا" واستمرت بالقيام بدورها الدبلوماسي، وأوصت ولديها اللذين يقيمان بالخارج للدراسة بسويسرا ثم النمسا على المحافظة على الصلوات، فقد كانت شديدة التدين وحريصة على إقامة الصلوات الخمس، كما أدت فريضة الحج أكثر من مرة، وانعكست تربيتها على إنجازاتهم في الحياة.

اهتمت بولدنا الأكبر الخديو عباس الذي ورث العرش خلفًا لوالده وهو فى الثامنة عشرة من عمره، ثم تولى بعده أخوه الأصغر محمد توفيق الذى تقلد ولاية العهد لعدة سنوات.
الأميرة أمينة هانم إلهامي "الولدة باشا"


وكانت أمينة هانم متواضعة وبسيطة ونبيلة فكان لها بالغ التقدير من السلطان العثماني عبدالحميد، فعند زيارتها لتركيا كان يُرسل لها وفد مخصوص لاستقبالها، وأهداها القصر الخشبي الذى يعد من أجمل مبانى مضيق البوسفور عام 1895 وقامت بهدمه وبنت مكانه القصر الحالي بأسلوب الفن الحديث وتكلف تشييده 120 ألف ليرة تركية، ويقع على ساحل بيبيك في إسطنبول، ويعرف باسم قصر الوالدة باشا، وهو الاسم الذي أطلقه عليها أهل إسطنبول؛ لأنها كانت بالنسبة لهم من الأشخاص المميزين وزوجة خديوى وأم خديوى، وتعتبر المرأة الوحيدة التى سميت بهذا الاسم في تاريخ الدولة العثمانية وأقامت به عندما خلع الإنجليز ابنها عن العرش عام 1914.

قامت ببناء القبة الضخمة الموجودة بصحراء المماليك والمعروفة بقبة أفندينا، واختارت طرازها الفني على الطراز الإسلامي المملوكي، وأصبحت أضرحة زوجها وأولادها، حصلت على وسام الامتياز ووسام الشفقة.

أنجبت خمسة أبناء هم الأمير عباس حلمي الثاني عام 1874، والأمير محمد علي توفيق ولي العهد، الأميرة نازلي التى توفيت في طفولتها، والأميرة فخر النساء خديجة التى تزوجت من عباس حليم باشا، والأميرة نعمة الله التى تزوجت من الأمير كمال الدين، توفيت عام 1931 في قصرها بتركيا، وأحضر ابنها محمد علي جثمانها فى 26 يونيو 1931 وأُعلن الحداد الملكي عليها 20 يومًا وحزن عليها المصريون، ونعتها مجلة المصور بصفحتها الأولى التي حملت عنوان: "ماتت أم المحسنين وغربت عن مصر طالما كانت أشعتها واسطة الحياة لكثير من الفقراء"، وتوسط الصفحة صورتها مع الخديو توفيق، كما نشرت مجلة "العروسة صورتين نادرتين لها تحت عنوان: (صورتان نادرتان لفقيدة مصر العظيمة "أم المحسنين" وعرضت جميع مقتنياتها للبيع بمصر، وأصبح قصرها في تركيا مقرًا للقنصلية المصرية.

الأميرة أمينة هانم إلهامي "الولدة باشا"


الأميرة أمينة هانم إلهامي "الولدة باشا"


الأميرة أمينة هانم إلهامي "الولدة باشا"

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة