Close ad

صورة الطفلة الفيتنامية العارية خلدها التاريخ

25-5-2021 | 00:18

يعاتب الطفل والده قائلا: حرمتني من التمتع بعطلة نهاية هذا الأسبوع كما عودتنا؟ وتمازح الأم زوجها في أذنيه وتخبره إذا لم تحرص على نزهة العطلة القادمة سيقاضيك ابنك، ودار هذا الحوار بالفعل في السويد، ونشرته إحدى صحفها من خلال تحقيق لها عن الآثار النفسية الفادحة الناتجة عن حرمان الطفل من المرح والتنزه.

وطفل في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية يبحث بين حطام منزله في غزة عن متعلقاته وبقايا ألعابه، وعيناه تذرف دموعا، وبكى معه كل من يحمل بين أضلعه أدنى المشاعر الإنسانية، وذلك أثناء عرض مشهد هذا الطفل عبر وسائل التواصل الإجتماعي.

وبين المشهدين تتضح معاني كثيرة، أولها أن الحياة الكريمة يجب توافرها لمن يمتلك القوة، والدول الصناعية الكبرى هي المنوطة بمنح هذه القوة والرفاهية لفريق دون الآخر، وهؤلاء يحاولون جادين بتوفير الأمان لأنفسهم وحلفائهم، أما الطرف الذي سبق حكمهم عليه بنبذه ومعاداته لا يدخرون جهدًا في حرمانه من سبل الحياة الكريمة، ولا يقتصر الأمر على هذا بل يسلبون منه ثرواته وحقوقه.

وبعد كل حرب على أهل غزة وفلسطين يشرد آلاف الأطفال في العراء، ونشاهد صور تدمى لها القلوب في المخيمات وفي المعسكرات، وأبسطها صورة تدافع الأطفال والكبار على عاملي هيئات الإغاثة أثناء إلقائهم بالمعلبات الغذائية عليهم، مثلما يُلقى البرسيم والتبن على قطع الماشية.

وصارت هذه الصور جزءًا لا يتجزأ من حياة أبناء الفلسطينين، وتكاد لا تغيب عنهم أسبوعًا أو شهرًا، ومنها صور تحكي مأساة أشد قسوة عن أطفال يعيشون بدون أطراف، وآخرون يحيون عاجزين عن الحركة والعمل بسبب إصابتهم بالشلل.

ومئات من هؤلاء كانوا أطفالًا في الأمس القريب وأصابهم ما أصاب أطفال العدوان الأخير على غزة، وصاروا الآن شبابًا تعولهم مؤسسات إنسانية، أو يتجولون في الشوارع على كراسٍ متحركة كباعة متجولين، ولا ننسى موت أكثر من 60 طفلا في الاعتداء الإسرائيلي الأخير.

وقراءة في المشهد الأول للطفل السويدي توضح مدى خوف الغرب على أطفالهم، ويبرز أهمية حرص مؤسسات الغرب التعليمية والاجتماعية على حماية الأسرة ورعاية أبنائها، بل تعقد المراكز الدراسية البحوث لكيفية الارتقاء بمهارات وتدعيم صحة أطفالهم النفسية، وهذا سعيًا منهم لتأسيس أجيال تسمو بمجتمعاتهم، ولتكون قادرة على الدفاع عن مكتسبات حضارتهم وتنميتها.

ومن ناحية أخرى يعاني جيل كامل من صدمات نفسية قاسية، ودائمًا ما يشعر أطفال هذه الدول العربية بالفزع والخوف المتواصل، وقد تتأزم حالتهم النفسية ويصعب شفاؤهم، والمطلوب أن يوفر لهم أهلهم وسائل العلاج لإعادة توازنهم النفسي، والسؤال من المسئول عن رعاية الأطفال الذين فقدوا ذويهم؟

ويغيب ضمير الدول الكبرى وتتحجر قلوبهم أمام أنين آلاف أطفال الشرق الأوسط في العراق وسوريا وفلسطين الذين يشردون ويذبحون كل يوم، هذا بالإضافة إلى سقوط آلاف آخرون منهم موتي بسبب الجوع والمرض.

ولكن من ناحية أخرى مازال العالم يتذكر صورة الطفلة الفيتنامية "كيم فوغ" التي التقطها المصورون الصحفيون أثناء هروبها عارية من أهوال الحرب الأمريكية على فيتنام، ووقتها أثارت مشاعر العالم وحفظها أرشيفهم الصحفي وخلدها التاريخ، ومن المخزي أن يتلاحق نشر صور اليوم تفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي في حق أطفال عرب ولا يتحرك ضمير أهل الدول الصناعية الكبرى إلا من رحم ربي.

Email: [email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: