Close ad
22-5-2021 | 14:20

هذا الاسم والعنوان ينطبق تمامًا على ما حدث ويحدث على أرض فلسطين وما يخرج منها، وهو عنوان لكتاب صدر عام 1921 يسجل بعض ما تحمله الفلسطينيون من فظائع وأهوال على يد البريطانيين الذين مهدوا الطريق للصهاينة ودربوهم على طرق الإبادة الفردية والجماعية لكل ما هو معنوي أو مادي أو إنساني يحمل اسم "فلسطين"..

الكتاب عبارة عن سجل مصور، يوثق بالصور بعض فظائع البريطانيين واليهود خلال الفترة من 1921 - 1938، واهتم كاتبه، الذي لم يكتب اسمه على صفحاته لعله خشي الموت والتعذيب، واعتنى بتسجيل كافة مراحل الإبادة، كما وصفها من عمليات: "النسف، والحرق، والتخريب، وتدمير المدن والقرى، والتشويه، والتعذيب، وقتل النساء والأطفال، وإهانة كتاب الله، وتخريب المساجد"..

يجيب الكتاب على عبارة وشعار تقليدي تصدر الأحداث في فلسطين، وتم الترويج له منذ بداية القرن الماضي حتى اليوم، وهو أن الفلسطينيين هم من فرط في الوطن وباع الأرض، مثل الترويج للمحرقة (الهولوكوست)،.. ومن خلال السرد التاريخي للأحداث يؤكد أن ثورات الشعب الفلسطيني لم تتوقف يومًا ضد المحتل الغادر سواء البريطاني أو اليهودي، منذ عام 1920 وحتى اليوم، فكيف تستقيم عمليات الرفض للمحتل والثورة عليه، فمن يبيع أرضه لا يثور ضد من دفع له الثمن..

وتقول مقدمة الكتاب: "أراد الإنكليز أن يسلبوا هذا الشعب وطنه ويعطوه لليهود، فأبى وجاهد واستبسل، وثبت أمدًا طويلًا، واحتمل من التضحيات الجسام ما لم يتحمله شعب، ولا يزال يجاهد ويحتمل ويقدم من الفداء أعزه وأعظمه، فقد تتابعت الثورات في فلسطين منذ احتلها الإنكليز منذ الحرب الكبرى "الحرب العالمية الأولى - 1914- 1918، وتكاد تكون حياة هذا الشعب عبارة عن ثورات دائمة تتخللها فترات من الهدوء المؤقت، وذلك بسبب السياسة الإنكليزية الظالمة، الهادفة إلى إجلاء الشعب العربي عن بلاد آبائه وأجداده، وإحلال شعب غريب يجلب من آفاق الأرض محله، وهو تطبيق لوعد بلفور؛ وهو سياسة الوطن القومي اليهودي".. ونظرًا لهول وتنوع فظائع الإبادة وتعدد أشكال التنكيل، لم يتمكن الكتاب من تسجيل إلا القليل مما تيسر لكاتبه الوصول إليه من الأحداث والصور التي تعكس بعض ما قدمت "فلسطين الشهيدة، في جهادها الطويل، والتي تسجل بعض ما فعله البريطانيون من فظائع وآثام، أقلها التقتيل، وأهونها النسف والتدمير.. كما لم يكن التصوير منتشرًا في ذلك الوقت، وكانت الصور تتم خلسة، وكل من كان يحمل كاميرا، كان البريطانيون يعتبرونه كمن يحمل سلاحًا يستحق الموت..

بدأت الثورة الأولى في القدس في الرابع من أبريل 1920، ولم تتوافر للمؤلف أي معلومات أو صور عنها، أما الثورة الثانية فقد اندلعت في "يافا" ومحيطها، والتي اختارها الصهاينة ليطلقوا عليها اسم "تل أبيب"، وامتدت هذه الثورة حتى قضاء "منطقة" بني صعب - طولكرم، وكانت ضد اليهود الذين ارتكبوا من الفظائع الكثير فاستحيوا النساء، وقتلوا الأطفال، واستعملوا ماء الفضة ليحرقوا به الوجوه ليشوهوها، ومن بين الوقائع، أن البريطانيين قاموا بأسر 40 جريحًا عربيًا بعد موقعة بينهم وبين العرب، بجوار مستعمرة "ملبس" اليهودية، واقتاد البريطانيون هؤلاء الأسرى إلى هذه المستعمرة وعهدوا بهم إلى اليهود الذين قاموا بواجبهم الإجرامي جيدًا، وأجهزوا على الأسرى بقتلهم.. واكتظت مستشفيات يافا بجرحى الثورة، وخاصة المستشفى البلدي، والمستشفى الفرنسي، والمستشفى الإنجليزي بيافا، والذي امتلأ بالأطفال الجرحى وكبار السن..

ثم وقعت ثورة البراق عام 1929، وبينها ثورات أخرى عديدة، مثل ثورة القدس وحيفا وغزة وبيسان ونابلس، ثم وقعت ثورة كبرى في أغسطس 1929 وشملت عموم فلسطين، وكانت أهم وقائعها في القدس والخليل وصفد ويافا وحيفا وقضاء غزة، واندلعت هذه الثورة الشاملة بسبب اعتداء اليهود على البراق الشريف والمسجد الأقصى، وكانت ضحاياها بالمئات، وعلى أثرها علق البريطانيون ضحايا الثورة على أعواد المشانق، ومن بينهم الشهداء: فؤاد حجازي، وعطا الزير، ومحمد جمجوم، وإلياس حنا منصور..

أما ثورة المظاهرات، كما جاء بالكتاب، فكانت في القدس ويافا عام 1933، وجاءت نتيجة تدفق الهجرة اليهودية والاستيلاء على مساحات الأراضي، واصطدام المحتجون العزل - إلا من الحجارة - بالجنود البريطانيين المسلحين، ولقي العشرات من المواطنين حتفهم بالسلاح، أو تحت سنابك خيل البوليس البريطاني..

كما اشتعلت شرارة الثورة الكبرى الأحد 19 من أبريل 1936، وبدأت بالإضراب العام ليتحول إلى ثورة شاملة استمرت حتى عام 1938، وارتكب البريطانيون ضد الثائرين أقسى الفظائع، وأشدها هولًا وإغراقًا في الهمجية، وكان من أشهر فظائعهم، نسف البيوت بالديناميت، كما ذكر الكتاب، فكانوا ينسفون أحياء كاملة، ومدنًا برمتها من أقصاها إلى أقصاها، كما دمروا مدينة يافا القديمة، ومدينة جنين، وقرى قريبة من يافا شملت باقة الغربية، وشعب، وكوكب أبوالهيجاء، وكانت المهلة التي يمنحها المعتدون للفلسطينيين لإخلاء منازلهم قبل النسف، 24 ساعة فقط، وهذه المدة كانت في الواقع لا تزد على وقت النهار فقط، وكانت البلدات عبارة عن عائلات وأسر تقيم على أطلال بيوتها، ومن بين المنشآت التي نسفت مسجد الشيخ رسلان، ومصنع الصابون بيافا، والمسجد الصغير والسوق الرئيسي بجنين لتتحول هذه المباني إلى ركام.. حتى المواشي لم تسلم من القتل، أو المصادرة..

ومن بين الفظائع التي اقترفها الإنكليز، كما يسرد الكتاب، عمليات "التفتيش" وهو لم يكن تفتيشًا بمعناه المعروف، لكنه كان عملية تخريب مرتبة، من سلب ونهب وتعذيب وقتل، فكانوا يطلقون النار على النساء، كما حدث مع أم الرفاعي، وسهيلا علي مجدلاني، وكذلك مع عائشة حسن أبووعر من قرية قباطية بنابلس..

ولم يتردد البريطانيون في إهانة كتاب الله "القرآن الكريم"، فكانوا يمزقونه ويلقون به على الأرض ليدوسوه بأقدامهم، كما ذكر الكتاب، كما كانت هناك مجموعة صور لسيدة تدعى "مس نيوتن" مدت المؤلف بمجموعة من الصور سجلتها والتقطتها بكاميرا في قرية "إجزم" بحيفا، وكتبت عليها باللغة الإنكليزية: "التخريب في إجزم، 19 فبراير 1938، قرآن ممزق، نزع من جلده، وبُعثرت أوراقه ولطخت بالزيت"..هذه السيدة "نيوتن" بعد أن علمت بالمذابح، ذهبت إلى هذه القرية القريبة من حيفا، وسجلت ما استطاعت من مشاهد، وجمعته في كراسة باللغة الانكليزية لتوثق فظائع قومها البريطانيين، وهم الآباء الروحيون لقتلة العصر الحديث "الصهاينة"، فهم "شر خلف لشر سلف"..

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة