Close ad

القضية الفلسطينية .. جرح العرب النازف (1-3)

17-5-2021 | 13:05

قفزت القضية الفلسطينية إلى صدارة أوليات الرأي العام العربي والعالمي، بعد فترة من الغياب، لتتحول إلى حديث الساعة، على وقع الاعتداءات المتواصلة من قبل الكيان المحتل، والتي تفتقد لكل معاني الإنسانية، بدا خلالها الكيان متجبرًا ومتعجرفا وظالما، مدعوما بقوى لها تاريخها في الاحتلال وسرقة مقدرات الشعوب، ليدك ويقصف ويهدم ويقتل دون رادع أو وازع من ضمير، في كل الأراضي الفلسطينية بالضفة وغزة وحي الشيخ جراح، وغيرها من المدن العربية.

وعلى مدار أيام، تحول ما يحدث في فلسطين المحتلة، إلى حديث الساعة، في كل أنحاء الوطن العربي، على المستويين الشعبي والرسمي، لتستعيد القضية الفلسطينية صدارة اهتمامات الرأي العام العربي، بعد سنوات من النسيان المؤقت، لم تمثل فيه تلك القضية التاريخية، أولوية لدى بعض الأنظمة، فضلا عن خسارتها جزءا لا يُستهان به من التعاطف الشعبي، على وقع الانقسامات التي ضربت الصف الفلسطيني، فضلا على ما يعانيه المشهد الفلسطيني الداخلي من أزمات، تتزامن مع ما تعيشه العديد من الدول العربية من أزمات، عقب ما يعرف بثورات الربيع العربي، لكنها في تلك اللحظات الصعبة، عادت من جديد، بحجم تفاقم التجبر والقصف المستمر وهدم المنازل وقتل للأطفال والنساء والشباب من قبل الكيان الأكبر شرا على الكوكب، لتؤكد تلك العودة رغم مرارتها، حقيقة مرة تكشف بوضوح عن سنوات الاحتلال التي تفوق السبعين عامًا، الأمر الذي يحتم ضرورة النظر بقوة، ودون أي تراخ أو تهاون، في هذا الملف، بحثا عن إيجاد حل عادل وشامل، للقضية الفلسطينية باعتبارها مفتاح السلام في الشرق الأوسط.

وربما لا يخفي على أحد ما تعرضت له القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة، من ضربات قوية وهزات عنيفة، تجلت بفقدانها الزعيم الملهم ياسر عرفات، الذي قاد النضال الفلسطيني منذ الأيام الأولى للنكبة وحتى وفاته عام 2004، ليدخل الفلسطينيون بعدها في صراع أيدولوجي على السلطة بين فتح "الواقعية" الساعية لإيجاد حل سلمي للقضية، وحماس "الحالمة" الساعية لاستعادة كامل الأرض بالمقاومة غير آخذة بعين الاعتبار فارق موازين القوى، وكذلك النكسات التي تعرضت لها الدول العربية، من احتلال العراق، وتدمير سوريا، ودعم الدول الغربية وعلى رأسها القوة الأكبر في العالم الداعمة بكل إمكاناتها للكيان المحتل إسرائيل، وإن تزحزحت حماس نسبيا عن موقفها بإعلانها عام 2017 بقبول قيام دولة فلسطينية على حدود 67 دون الاعتراف بإسرائيل.

لكن الانقسام لم يقف عند هذا الحد، فحتى حركة فتح التي يقودها الرئيس أبو مازن، منقسمة داخليا بين تيار أبو مازن وتيار دحلان المعارض، حتى باتت القضية الفلسطينية مشتتة ومبعثرة مع انتهاء ولاية عباس، وكذلك حكومة حماس في غزة، وفشل دعوات المصالحة والتي كان آخرها الاتفاق على القيام بانتخابات برلمانية يوم 22 مايو، والتي قام عباس بإلغائها.

وفي ظل تلك الصورة القاتمة، لا تزال إسرائيل تمضي في حصارها لقطاع غزة في محاولة منها لتحويله لسجن غير قابل للحياة، وتقطيع أوصال الضفة بالمستوطنات التي تنتشر كالسرطان في الأراضي الفلسطينية، ومحاولات تهويد القدس الشرقية بصورة مستمرة، مستفيدة من قيام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل وهو ما يقضي على أي حل سلمي مستقبلي.

على الجانب الآخر قامت عدد من الدول العربية: الإمارات والبحرين والسودان والمغرب بالاعتراف بإسرائيل معتبرة بأن هذه الخطوة ستفتح آفاقا للسلام، وهو ما قوبل باستهجان كبير من قبل الفلسطينيين.

والحقيقة أن الداخل الإسرائيلي ليس أفضل فهناك أيضا انقسام داخلي، حيث من المتوقع أن تذهب إسرائيل لجولة انتخابات خامسة خلال عامين عقب فشل نتنياهو في التوافق على حكومة وحدة وطنية، في ظل عدم تمتعه بأغلبية مقاعد البرلمان، ولأول مرة باتت الأحزاب السياسية العربية قادرة على التأثير على المعادلة السياسية، من خلال مقاعدها في الكنيست الإسرائيلي، يضاف إلى ذلك الاتهامات بالفساد التي تلاحق نتنياهو، والتي يعتقد الكثيرون بأن خروجه من الحكومة قد يعني دخوله في محاكمات في قضايا فساد، قد تنتهي به مسجونا بعد سنوات من شغله منصب رئاسة الوزراء الإسرائيلية، وهو ما يفسر بصورة واضحة سعيه لإشعال الوضع لإرضاء اليمين المتطرف من خلال الاستيلاء على منازل الفلسطينيين في حي الشيخ جراح المتاخم للمسجد الأقصى، والذي كان الشرارة التي تصاعدت معها الأحداث.

وللحديث بقية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة