منذ قرن وربع وبالتحديد في شهر يونيو من عام 1911م ، فوجئ أهالي قرية "النخلة البحرية" التابعة لمركز أبوحمص بمديرية البحيرة، وفي حدود الساعة التاسعة صباحا، بأصوات انفجارات ضخمة حول قريتهم، وارتطام صخور من السماء شاهدوها علي بعد 7 كيلو مترات؛ مما أصابهم الفزع والخوف والهلع فى ذلك الوقت البعيد، الذي لم تكن ظهرت فيه المواقع الإخبارية الإليكترونية، وصفحات السوشيال ميديا المحلية التى تتبع أخبار القري والنجوع والمدن على صفحات التواصل الاجتماعى.
كان إرسال الخبر بما حدث لإبلاغ الحكومة، يحتاج لأيام أو ساعات طويلة، وهو ماحدث حين أبلغ طبيب يدعي محمد علي أفندي، جريدة "الأهالي" المستقلة، التي كانت تصدر آنذاك في مصر؛ ليتم نشر خبر عن تلك الصخور التى هبطت من السماء، وأحدثت فزعًا وخوفًا على القرية بعد مرور ساعات على الحادث الغريب.
القصة الخبرية المثيرة التى تنشرها "بوابة الأهرام" نقلا من أرشيف الصحف، تُظهر شهود العيان الذين شاهدوا الانفجار العنيف، وأغلبهم من الفلاحين فى القرية الذين أكدوا أن الأحجار سقطت في أرض مقدارها 4 كيلو ونصف كيلو متر، وأنها كلها من انفجار نيزك واحد انفجر علي علو شاهق، وأنه كان قادمًا من جهة الشمال الغربي، وأنه قام بعمل خط من الدخان الأبيض، ولم تكن زاوية ميله أكثر من 30 درجة مئوية، ولم ينفجر مرة واحدة بل مرات متتالية، وكان صوت انفجاره كصوت طلقات الرصاص وسُمع صوته في القرى المجاورة مثل قرية "بركة غطاس" التي تبعد حوالي 7 كيلو مترات عن قرية "النخلة البحري".
أحد الفلاحين، أكد فى شهادته أنه شاهده علي بعد 50 مترا، ولكنه لم يسمع الانفجار، وإنما شاهد الغبار يثور من الأرض حيث وقع، كما أكد تقرير هيئة المساحة الجيولوجية التي قامت بعرضه الصحف والمجلات المصرية، أن الأحجار غارت في الأرض مابين عمق 10 و30 سنتيمترات، وكانت الثقوب التي ثقبتها مائلة وليست عمودية، وحين تم استخراجها من الأرض لم تكن بحرارة مرتفعة الحكومة المصرية بدورها أرسلت وفدا لجمع الأحجار التي هبطت علي القرية من السماء، حيث قام المستر هيوم رئيس المساحة الجيولوجية في مصر آنذاك بجمع الأحجار وكتب تقريرا عن رؤية المزارعين للنيازك التي سقطت من السماء، مؤكداً أن سقوط النيازك هى أول مشاهدة لها في العصر الحديث في مصر.
أما الصحف المصرية التى أفردت صفحاتها لتغطية الحادث، فقدمت عدة أسئلة منها: هل هي أحجار هبطت من السماء؟، أم كانت أحجار قذفها بركان خامد؟ ، بل إن بعض المقالات الطويلة التى تناولت الحادث رجحت سقوط الأحجار؛ نتيجة بركان قذفت علي الأرض علي هذه القرية من مسافة كبيرة مصلحة المساحة الجيولوجية أرسلت بدورها، الموظف أفندى حسن، كما أوردت الصحف والمجلات المصرية الصادرة آنذاك أسمه، حيث فوجئ حسن أفندى بقيام المزارعين ببيع الأحجار، فقام بشراء 20 حجرا منهم، وأكد أفندي حسن في تقريره الذي قدمه لمصلحة المساحة الجيولوجية أنه لم يتبق مع الأهالي أي أحجار للبيع بعد قيامه بشراء الـ20 حجرا نيزيكيا منهم، وبعد مرور عام علي الواقعة قامت الصحف بترجمة بحث لجون بول أحد الباحثين في الجيولوجيا ، عن نيازك قرية النخلة البحرية، وقام بنشر بحثه باللغة الانجليزية، حيث أكد جون بول أن الحجارة التي تم جمعها من القرية بلغت نحو 40 حجرًا ووزنها 10 كيلو جرامات، ونصفها مغطي بطلاء أسود من مادة منصهرة، وبعضها طلاؤه غير تام أو مكسور، وبعض الأحجار متبلور ولونه رمادي مخضر.
وأكد جون بول أنه حدث أكثر من انفجار واحد في القرية نتيجة سقوط النيازك، وأن الانفجار الأول نتج عنه حجارة مختلفة الألوان والأشكال، وبلغ ثقل هذه الحجارة نحو 1813 كيلو جراما، بينما بلغ أصغرها 20 جراما ، كما وصل حجم أصغر الأحجار المنصهرة نحو 34 جراما ،حيث تم حفظ بعض الأحجار في المعرض الجيولوجي بالقاهرة، كما تم إرسال بعض أحجار من النيازك في العواصم الكبرى مثل: لندن، وباريس، وواشنطن، وفيينا، وروما وبسان طرسبرج، حيث رحبت بها معارض العواصم الأوربية والأمريكية؛ لأنها أول النيازك الساقطة علي القطر المصري آنذاك، كما تم فحص الأحجار وأجراء تجارب عليها فوجدت مكونة من حديد مُشع، وسيليكون مُشع، وألمونيوم مُشع وغيرها من المواد.