من المؤسف، وما يبعث على الأسى، أن نفرًا من المحسوبين على ما نسميه بالنخبة اشتروا بضاعة جماعة الإخوان الإرهابية الفاسدة المغلفة بالمظلومية، وأنهم أهل خير وصلاح، ولا هم لهم سوى نصرة الإسلام، والوقوف في ظهر المستضعفين والمهمشين والمطحونين الذين لا يجدون سندًا لهم في دنياهم، ويزداد الأسف أضعافًا ونحن نتابع إصرار بعض النخبويين على تسويق وترويج تلك البضاعة المسرطنة، ويتمادون أكثر بدعوتهم للقبول بدمج الإخوان بالمجتمع، وأن يكونوا أحرارًا في العمل الاجتماعي والأهلي وربما السياسي كذلك باعتبارهم مكونًا لا يصح استبعاده من المعادلة.
هؤلاء أعطوا ظهورهم للحقائق المروعة والدامغة التي تكشفت، منذ ثورة الثلاثين من يونيو، وحتى الآن، وأماطت اللثام عن اعتناق الجماعة ومنتسبيها أفكارًا تحض على العنف والإرهاب، وقتل المخالفين بدم بارد، ورفع السلاح في وجه الدولة، ومحاولة تقويض مؤسساتها، وحرق الكنائس والمساجد، وأن قادتها ورموزها أئمة لمتطرفي وإرهابيي العالم.
ولعبت الأعمال الفنية الراقية والهادفة دورًا طليعيًا في توثيق الجرائم الإرهابية الإخوانية، وفضحت شذوذ أفكارهم، وتناقضاتهم، وفسادهم الديني والأخلاقي، وخيانتهم للوطن بسهولة ويسر وبلا خجل ولا حياء، وبعدها يزعمون زورًا وبهتانًا عبر منابرهم أنهم يدافعون عنه وعن مصالحه، ويتصدر هذه الأعمال مسلسل "الاختيار" بجزءيه، وشاهدنا هذا العام كشفه بالصوت والصورة ما كان يدور داخل تجمعهم الإرهابي في ميدان رابعة العدوية، وتكديسهم السلاح به، وتصويبه نحو صدور رجال الشرطة المدنية.
الحقيقة الموثقة بفيديوهات صورتها قناتهم المفضلة "الجزيرة"، وموقع "رصد" وغيرهما وجهت ضربة قاضية وقاصمة للجماعة الإرهابية، التي لم تستطع الرد ولا الدفاع، خصوصا وأن ما عُرض أكدته عناصر إخوانية كانت ضالعة باعتصام رابعة الإرهابي، مثل أحمد المغير الملقب برجل خيرت الشاطر، ونزع "الاختيار 2" ما تبقى من قناع المظلومية الذي تتخفى خلفه هذه الجماعة، ليظهر وجهها القبيح الدميم.
بضاعة المظلومية الزائفة هذه كان يروج لها بعض النخبة في تعليقاتهم بمنصات التواصل الاجتماعي ومقالاتهم، ومداخلاتهم الهاتفية للقنوات الإخوانية والجزيرة، واستغلتها الدوائر الإخوانية وممولوهم كتكأة لتشويه صورة مصر والدولة المصرية، ودفعت بها لعدد من المنظمات والهيئات الحقوقية المشبوهة لإعداد تقارير تحمل كذبًا بواحًا عما يدور بالبلاد من جهود جبارة لإصلاح ما أفسده الإخوان، خلال العام المشئوم الذى تولوا فيه الحكم، وعما تقوم به القوات المسلحة والشرطة من ملاحقات متواصلة لبؤر وأوكار الإرهاب وكل مَن يستهدف زعزعة الاستقرار والإضرار بالأمن القومي المصري.
ولا أدرى ما الذي تنتظره هذه الفئة النخبوية لكي تعتذر، وبدون تباطؤ، للشعب المصري وللدولة المصرية عما فعلوه، ومساندتهم لجماعة لا تحمل سوي الخراب والدم، ولا تجيد إلا المتاجرة بالدين، وحياكة الدسائس والمؤامرات، وتجري الخيانة في عروق عناصرها مجرى الدم، ألا تكفيهم ما حملته السنوات الماضية من براهين وأدلة لا يتطرق إليها ذرة شك عن انسياق هذه الجماعة خلف الشيطان لتأسيس دولة الرعب والعنف وهدم الأوطان؟
ولماذا يستنكف هؤلاء عن الإقدام على خطوة مراجعة أنفسهم ومصارحتها بما ارتكبوه من أخطاء أضرت بالوطن فى وقت عصيب كان يمر به، وتدافع قواته المسلحة وشرطتها المدنية بشجاعة وبسالة عن كيان الدولة الوطنية، وكانت أفعالهم المخزية عونًا لجماعة إرهابية وخرجت من عباءتها حركات التطرف والإرهاب، أليس هذا أبسط حقوق الرأي العام عليهم بصفتهم من النخبة التي يتأثر بها العامة وبما يطرحونه من مواقف وتقييمات وتحليلات.
فالاعتذار ليس عيبًا ولا سوأة، إنما العيب والعار في المماطلة والعناد والثبات على مواقفهم السابقة غير الحصيفة والخارجة عن إطار الصف الوطني، فالوقت لم يفت بعد لتستعيدوا وعيكم الغائب، وأن تغادروا الخندق الذي يقف فيه أعداء وطننا الغالي.