امتلكت مدينة إشبيلية الأندلسية تاريخًا عريقًا إبان حكم المسلمين لبلاد الأندلس، ومنذ الفتح الإسلامي لإسبانيا عام 92هـ/897م تمتعت المدينة بمكانة إستراتيجية وسياسية وحضارية كبيرة، فموقعها الفريد على ضفاف نهر الوادى الكبير ضمن لها موقعًا استراتيجيًا فريدًا تمتع بكافة المقومات الاقتصادية، من أراض زراعية زُرع فيها التين وغابات الزيتون، وموارد طبيعية وفرت المواد الخام للعديد من الصناعات المختلفة؛ ولذلك تعرضت المدينة أكثر من مرة خلال العصر الإسلامي لهجوم النورمان (الفايكينج) فى عهد الإمارة الأموية سنة 229هـ/844م.وبالتحديد في عهد الأمير الأموي عبد الرحمن الأوسط.
مسجد إشبيلية الجامع
وبلغت إشبيلية ذروة مجدها خلال القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، إبان عصر ملوك الطوائف، وهيمنت على كافة المدن الأندلسية بما فيها قرطبة العاصمة القديمة لبلاد الأندلس، وذلك في عصر ملكها الشاعر المعتمد بن عباد(461ـ 483هـ).
وفى عصر الدولة الموحدية التي حكمت الأندلس ما بين عامي (555-668هـ) أصبحت إشبيلية وحتى سقوطها عام 646هـ / 1248م عاصمة للأندلس، وكان من بين أهم المعالم الحضارية التي شيدها الموحدون فى إشبيلية المسجد الجامع الذى بدأوا تشييده فى عصر السلطان أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن، حيث بُدئ في بنائه في شهر رمضان سنة 567هـ/ 1172م، وأقيمت فيه أول صلاة جمعة في 24 ذي الحجة سنة 577هـ/ 1182.
مسجد إشبيلية الجامع
وأهم ما يميز المسجد مئذنته الشهيرة "الخيرالدا"، والتي تعد توأمًا لمسجد الكتيبة بمدينة مُراكُش المغربية، وقد اندثر هذا المسجد اليوم بعد أن حوله القشتاليون الإسبان إلى كاتدرائية إثر سقوط المدينة، ودُفن فيها لاحقًا كريستوفر كولمبوس مكتشف العالم الجديد، ولم يبق من المسجد سوى المئذنة "الخيرالدا" التى باتت رمزًا للمدينة، والتى تُصنف من أهم آيات الفن العربي الإسلامي في الأندلس.
مسجد إشبيلية الجامع
مسجد إشبيلية الجامع