Close ad

رسالة من "النيل"..

10-4-2021 | 15:21

"لا يوجد في الحياة شيء يدعونا إلى الخوف.. وإنما كل شيء يدعونا إلى الفهم، والآن حان الوقت لكي نزيد مما نفهمه، حتى نقلل مما نخافه".. عالمة الفيزياء ماري كوري..

تتقافز كلمات هذه العالمة، البولندية الأصل الفرنسية الجنسية، وتكاد معانيها تعبر تمامًا عن تجربة مشروع أول حلم أكاديمي أهلي مصري ظل صاحبه يجوب الآفاق والقارات، على مدى يزيد على نصف قرن، باحثًا عن أسباب تحقيقه والوصول إليه.. صاحب هذا الحلم هو الراحل الدكتور إبراهيم بدران نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة الأسبق، والحلم الذي تجسد إلى حقيقة هو مشروع "جامعة النيل الأهلية"..

ولأننا نعيش ونتعايش مع تحديات راهنة سعيًا لصيانة الحاضر والحفاظ على المستقبل، فإن المصري لديه، كما تقول السرديات، القدرات الخاصة لكي يواجه التحديات.. فمنها ما هو مرتبط بمياه النيل، ومنها ما ارتبط بقناة السويس، ومنها ما هو يحمل اسم النيل كالجامعة.. هذا المشروع "الجامعة"، يستحق الإشارة إليه وتأمل كيف بدأ، وما هي الرسالة التي يحملها، فهو يتجاوز الكيان الأكاديمي العلمي ليعبر عن تجربة وموقف لرجل أفنى حياته باحثًا عن سبل لنهضة بلده، باحثًا عن سر نهضة الشعوب والأمم، حاملًا رسالة لشباب مصر ابتداء من مراحل تكوين هذا الحلم الإولي، إلى بدايات تحقيقه، مرورًا بالمحن والعراقيل التي تعرض لها وكادت أن تقتلعه من جذوره.. لولا شرفاء هذا الوطن.. وهم كثر..

المشروع، وإن حمل اسم جامعة النيل، فإنه يحمل، أيضًا، الكثير من الدلالات والتفاعلات الوطنية التي تكشف سمات المصريين وشغفهم وإصرارهم على تطوير حاضرهم والبحث عن سبل لجودة حياتهم، في تجربة هذا المشروع والوصول إليه.. كأن المصريين كالنبات الذي ينبت ولا هم له، سوى البحث عن الضوء لينمو، فهو "خلق لينمو"، وهكذا المصري.. فقد "خُلِقْ لينهض" ..

الأهمية وراء هذه الجامعة، تكمن في اعتبارها أول جامعة مصرية أهلية لا تهدف للربح، وأيضًا أنها أول جامعة بحثية في العالم تبدأ رسالتها على الرصيف.. كيف ولماذا؟!

تجربة الجامعة وما تحتويه من مواقف كان مهمًا أن توضع وتسجل في كتاب ليشكل تأريخا للتاريخ، والهدف منه عرض للماضي لاستخلاص العبر، سعيًا لإنارة الطريق أمام أبنائنا نحو المستقبل.. فقد واجهت الجامعة، بمفردها منذ عام 2011، رئيس جمهورية سابق، الراحل محمد مرسي، و4 رؤساء وزارات هم: أحمد شفيق، وعصام شرف، وكمال الجنزوري، وحازم الببلاوى، وهشام قنديل، وحوالي 12 من وزراء التعليم العالي، والعدل، والداخلية، والشباب، والتعاون الدولي.. فضلاً عن كيانات سياسية وتشريعية، مثل: مجلس الشعب، ومؤسسات مثل المجلس الأعلى للجامعات، وغيره من الجهات الإدارية والتنفيذية.. جميعها بلا استثناء، كانت تقف مع الطرف النافذ، ضد الجامعة.. كلهم من الداخل والخارج، كانوا يقفون ضد هذا الكيان العلمي الوليد..

أضف إلى كل هؤلاء فريق من المستشارين القانونيين والمحامين، الذين قاموا برفع أكثر من 10 من القضايا بأنواعها الإدارية والجنائية، وحتى الدستورية، ضد الجامعة وطلبتها وطالباتها من شباب مصر..

ويبدو، بل من المؤكد، أن ما يرتبط باسم "النيل" دائمًا هو في تحد، فلم لم يكد يتحقق الحلم، وهو "إنشاء أول جامعة بحثية، بعد 6 عقود قضاها، المؤسس والمنشأ للمشروع، في جولات قطع فيها آلاف الأميال على نفقته الخاصة، حتى يصل إلى هدفه ويحقق حلمه.. إلا وواجهته عواصف عاتية ومازالت..

وإذا كان مجلس الأمناء برئاسة السيد عمرو موسى، رئيس مجلس الأمناء، ووزير الخارجية الأسبق، قد افتتح مؤخرا معامل الهندسة المدنية وإدارة البنية التحتية للجامعة، إلا أن تحديات التوسعات للجامعة مازالت قائمة، فقد فوجئت إدارة الجامعة برسائل من جهاز المجتمعات العمرانية باقتطاع نحو 50% من أرض الجامعة، التي خصصت للتوسعات البحثية والأكاديمية المستقبلية للجامعة.. والمتوقع هو إقامة مشروعات خدمية استهلاكية، على أرض الجامعة التي تسعى للتوسعات البحثية..

هناك جملة من الأسباب الأكاديمية والمجتمعية، المحلية والخارجية، دفعت إلى أهمية بلورة تجربة ولادة "جامعة النيل" وضرورة مساندتها، باعتبارها جامعة أهلية، غير هادفة للربح، فهي تلبي احتياج الوطن إلى مثل هذا الكيان البحثي الفريد، ليشع ضياءً على ربوع الوطن، ونورًا لبقية الأوطان المحبة للحياة..

أول هذه الأسباب، أن نسجل التصور الأساسي للجامعة، وهو أن تعمل وفق منظومة، غير هادفة للربح "A non-profit university، حتى تكون البداية في التطوير وتجويد وتأهيل الطلاب لسوق العمل، بعيدًا عن التعليم النمطي، وأن تعمل الجامعة على جذب العقول المصرية المهاجرة للتعاون معها..

نطالب بأن تستمر الرؤى العلمية لاستكمال مشروع جامعة النيل وتوسعاتها المستقبلية الساعية إلى بزوغ أول جامعة أهلية، تنبت من أرض مصر في القرن الحادي والعشرين..

ثابت أمين عواد
[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة