Close ad

"يا وابور الساعة 12".. رفقًا بالمسافرين

28-3-2021 | 12:36

استيقظت مصر صباح الجمعة الماضي على حادث أليم ومفجع، بفقد ٢٢ شهيدًا وإصابة ١٨٦مواطنًا آخرين في حادث تصادم قطارين في وسط صعيد مصر بمحافظة سوهاج، وكما قال رئيس الجمهورية تعقيبًا على هذا الحادث الكبير، فإن الألم حقًا لابد أن يؤكد الإصرار والضرورة الملحة لإنهاء مثل هذا النمط من الكوارث، وأن ينال المتسبب في هذه الكوارث سواء بإهمال أو بفساد أو بسواه جزاءه الرادع، دون استثناء ولا تلكؤ ولا مماطلة؛ حيث تضمنت توجيهات الرئيس ضرورة الإسراع بفتح تحقيق فوريّ، للوقوف على ملابسات الحادث، موجهًا بتشكيل لجنة من الجهات الرقابية والفنية المتخصصة، وهو ما تم بالفعل في وقتها.

وبنظرة لأبرز بعض حوادث القطارات في مصر في سنوات سابقة نكتشف أن هذا المرفق ليس هينًا ويعد عبئًا كبيرًا، يحتاج للكثير من الدعم والتطوير المستمر، خصوصًا أن العمل به لا يتوقف من حيث الاستخدام من قبل المسافرين المتجهين من الجنوب للشمال والعكس.

ففي 13 فبراير 1992 لقي 43 شخصًا مصرعهم إثر اصطدام قطارين قرب محطة البدرشين، وفي عام 1993 لقي 12 شخصًا مصرعهم، وأصيب نحو 60 مواطنًا إثر تصادم قطارين على بعد 90 كيلو من شمال القاهرة، وفي ديسمبر 1995 لقي 75 شخصًا مصرعهم وأُصيب المئات إثر تصادم قطار بآخر من الخلف، حدث تصادم بين قطارين شمال مدينة أسوان ما أسفر عن مصرع نحو 11 شخصًا وإصابة المئات، وفي أبريل 1999 أدى تصادم قطارين من قطارات الركاب إلى مصرع 10 من ركاب القطار، وإصابة نحو 50 شخصًا، وفي نوفمبر من العام نفسه اصطدم قطار متجه من القاهرة إلى الإسكندرية بشاحنة نقل لخروجه عن القضبان متجها إلى الأراضي الزراعية، ما أسفر عن مصرع 10 وإصابة نحو 7 آخرين، وغيرها من الحوادث والتي كان آخرها قبل هذا الحادث في فبراير 2019، حيث حريق قطار محطة مصر الذي أدى إلى وفاة 20 وإصابة 40 آخرين.

ما يؤكد هذه الضرورة الملحة للتصدي لأزمات هذا المرفق الحيوي المهم، بل وتطويره بالصورة التي تليق بحجم مصر وتاريخها، وقد أشار رئيس الوزراء من سوهاج إلى تعرض السكك الحديدية لوقوع بعض الحوادث الأليمة كل عدة سنوات، وتحدث كمواطن مصري وليس كرئيس للوزراء عن لسان حالنا الذي يتساءل: إلى متى سيستمر وقوع هذه الحوادث، مؤكدًا أن الدولة بدأت منذ 3 سنوات في تحديث وتطوير هذا المرفق، بعد أن شهد عقودًا من الإهمال وعدم التطوير والصيانة للدرجة التي وصل فيها إلى حالة من التقادم، حتى إننا واجهنا مشكلة عند بدء التطوير تتمثل في أنه كان لدينا آلاف من الكيلومترات من خطوط السكك الحديدية كانت لا تزال تعتمد على أنظمة التحكم اليدوية، كما تعتمد على العنصر البشري بشكل أساسي، حيث لا يليق بهذا المرفق الحيوي الذي يخدم ملايين المصريين، أن تكون هناك عربات قطارات متهالكة منذ سنوات عديدة وانتهى عمرها الافتراضي، لذا رصدت مئات المليارات لتحديث هذا المرفق المهم.

ورغم أن الدولة بدأت خطوات جادة في مسار التحديث، فلا يزال هناك الكثير للانتهاء من خطة التطوير بالكامل، وتنفيذ مبادرة رئيس الجمهورية برفع وتطوير وكفاءة قطاع السكك الحديدية، بالإضافة لميكنته ورفع كفاءة المحطات ثم المعدات والتى تشمل الجرارات وعربات القطار، وتحديث الأنظمة بحيث تعمل بشكل آليّ، وتحويل جميع المزلقانات للعمل إلكترونيا بدلا من العمل بشكل يدوي، واستمرار العمل على قدم وساق لتطوير نُظم التحكم، التي كانت تدار بطريقة يدوية وميكانيكية قديمة من أجل تحويلها إلى نظم إلكترونية، وإنه لأمر جيد بالفعل حجم الأعمال الهائل الذي تقوم به الحكومة، لتحديث عشرات الآلاف من غرف التحكم، وتعاقد الدولة على شراء قطارات بعشرات المليارات من الجنيهات، حيث لا يمكن اتخاذ قرار بإيقاف هذا المرفق الحيوي الذي يسهم في نقل ملايين المصريين يوميا، من خلال عشرات الآلاف من الرحلات اليومية.

ويبقى موازيًا لمشهد المأساة والمرارة والألم الذي انتاب كل مصري وطني، هذا المشهد النبيل والموقف العظيم من أبناء مصر "الصعايدة"، الذين تواجدوا يدًا بيد مع المسئولين ليقدموا أروع الأمثلة في نبل الأخلاق وتقديم المساعدة، ما بين متبرعين للدم للمصابين في المستشفيات المختلفة، وبين من يحاولون رفع العربات، ومن يجلبون الوجبات للعالقين المصابين في رحلة القطارين، ليكون المصري دائمًا صورة إنسانية مشرفة في السراء والضراء..

ونجدد عزاءنا لأسر الشهداء الذين لقوا ربهم إثر هذا الحادث المفجع، وخالص الأمنيات بالشفاء للمصابين، وحفظ الله البلاد والعباد من كل سوء، وجعل مصر سالمة آمنة مطمئنة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة