الثامن من مارس هو يوم المرأة العالمي ونحتفي به وبحواء بإهدائها وآدم أيضا نماذج واقعية وجميلة ورائعة لنساء تجاوزن المائة من العمر ويعشن بقلب وعقل وروح الشابات لنعرف منهن أكسير الشباب الحقيقي الذي لا يرتبط بالعمر ولا بالمكان ويتحدى الظروف.
فلا شك أن كل "شابة" منهن تعرضت لظروف قاسية؛ بحكم العمر وكابدت محن فراق بعض الأحبة وتعرضت لغدر ولخيانة ولمشاكل صحية وأخرى مادية وأسرية ولمواقف مؤلمة لا تخلو منها أي حياة؛ ولكنهن اخترن العيش كشابات وحققن مقولة فرنسيس بيكون الرائعة؛ "تكمن الشيخوخة في الروح أكثر مما تكمن في الجسد".
نبدأ مع الأسترالية آيرين أوشيا (102) عام التي فازت بلقب أكبر من قام بالقفز بالمظلة بالعالم وحطمت الرقم السابق لها، وقد بدأت القفز بالمظلة لأول مرة عندما احتفلت بعامها الستين..
ظهرت في الفيديو الذي وثق تجربتها بشوشة ولطيفة ومقبلة على الحياة؛ وقفزت آيرين هذه المرة لتجمع تبرعات لمساعدة مرضى بمرض توفيت ابنتها به؛ ولم تكتف بالحزن لفراق ابنتها وتصرفت بإيجابية وقررت دعم كل من يمرون بمرض ابنتها.
أما الهندية ماتسانما (107) فقد عُرفت بأنها أكبر نجمة على اليوتيوب ويتابعها الملايين؛ فقد اقتنعت بفكرة حفيدها بإنشاء قناة على اليوتيوب خاصة بها لتقديم كيفية صنع الأكلات الهندية القديمة التي لا يعرفها الكثيرون حاليا وحققت نجاحًا باهرًا؛ وأثبتت أن بكل عمر يمكن أن تضيف حواء لنفسها ولغيرها ما يفيد؛ متى اقتنعت بذلك ورفضت الاستسلام "لأكذوبة" الشيخوخة وجددت عقلها ولم ترفض الأفكار الجديدة "واستفادت" منها وأفادت غيرها وهي بهذا العمر.
وترتدي إيلين كارمن زي راقصة الباليه وهي شابة عمرها 103 أعوام وتؤدي حركاتها برشاقة ولا تخجل من علامات السن بوجهها ولا تخفيها بجراحات التجميل وتعتز بعمرها وهي أكبر راقصة باليه بالعالم وتحتفظ بذاكرة مذهلة. ولا تفكر بالتقاعد وتسعى لإنشاء مدرسة لتعليم الباليه..
وتذكرنا بالهندية مدربة اليوجا تاو بورشن لينش التي تجاوزت المائة وما زالت تدرب جميع الأعمار والتي رغبت بتعلمها منذ صغرها وحينما أخبرتها قريبتها بأن اليوجا بها حركات لا تستطيع البنات فعلها فردت إذا استطاع الأولاد تأديتها فسأستطيع أنا أيضا.
ونجحت بأدائها وتفوقت بها وتدرب اليوجا بأمريكا وتعيش وحدها وتقول: عندما أستيقظ صباحا أنظر إلى الشمس وأقول سيكون هذا أفضل يوم في حياتي؛ وسيكون ذلك دائما كذلك..هو دائما كذلك"؛ وربما كان ذلك السر وراء احتفاظها باللياقة النفسية والجسدية.
ونتوقف مع البريطانية إيلين آش (107) أعوام التي ما زالت تقود سيارتها بنفسها وتقول أنها كانت تتمنى تعلم فنون الدفاع عن النفس وقد تبدأ في تعلمها وتمارس الرياضة وقد مثلت بريطانيا في لعبة الكريكيت سابقا.
ولا تحتفظ إيلين لنفسها بالسر في حياتها الناجحة وتكشفه وتقول إنه حب الناس والتنفس الصحيح؛ فهي تمارس اليوجا دائما للحفاظ على صحتها ولجمالها أيضا كما تلعب كرة السلة..
وللشابة الألمانية اغيبورج فولف وعمرها 103 تجربة مختلفة فقد بدأت مهنتها كعارضة للأزياء بهذا العمر!!
فقد رأت إعلانًا لشركة للملابس تحتفل بمرور مائة عام على تأسيس الشركة يطلب عارضات وعارضي أزياء بعمر الشركة فسارعت للتقدم وفازت بالوظيفة؛ والرائع أنها لم تسخر من الفكرة ولا من رغبتها بالعمل كعارضة بهذا العمر وفرحت بالفرصة واستفادت منها وتدربت على عملها الجديد وهي بهذا العمر.
وفعلت ما قاله الرائع دوما نجيب محفوظ: "نحن لا نموت حين تفارقنا الروح وحسب؛ نموت قبل ذلك حين تتشابه أيامنا ونتوقف عن التغيير حين لا يزداد شيء سوى أعمارنا وأوزاننا.
ولم تبخل القروية التونسية التي تجاوزت المائة عام بأربعة أعوام وكشفت "سر" شبابها وحيويتها العقلية والجسدية وقالت: إن لم تتعب لن تحصل على ما تريده، ومهما تعبت وشقيت خلال اليوم عندما يحل الظلام وينتهي اليوم اتطلع لليوم التالي ولا أفكر فيما مضى فلن يعود ولم يعد مهما؛ فعندما تحفر الذكريات ستجد الأمور السيئة وتفسد ما هو جميل.
وقالت أيضا: سألني الطبيب هل تسمعين جيدًا فقلت: الكلام الجيد أحب سماعه والكلام السيء لا أسمعه.
سألني وهل ترين جيدا؟ فقلت أرى ما لا يعكر مزاجي.
وأثبتت بتجربتها الواقعية أننا نستطيع "اختيار" ما نركز عليه لنطرد الوجع ونحتفظ بما يفيدنا.
وكانت تطبيقًا عمليًا لقول شمس التبريزي: الحياة لأولئك الذين حافظوا على طفولتهم ولم يرضخوا يومًا لمنطق الكبار.