Close ad

الوعي الغائب لبعض الفنانين المعاصرين

28-2-2021 | 14:37

ظهرت في الفترة الأخيرة ظاهرة فنية جديدة وهي تصريحات سياسية لبعض الفنانين بشكل قد يبدو معه أنه ممنهج ومقصود؛ لأنه من الغريب أن تصدر تصريحات سياسية من أكثر من فنان خلال الأسابيع الأخيرة، وكلها تصب في اتجاه معين؛ وهو التطبيع الفني.

والأغرب أنهم يعلمون أن هذا مخالف لـعقيدة الشعوب العربية الواعية بالفطرة والدين والتاريخ والجغرافيا، وهذه الشعوب تعرف جيدًا من هو العدو ومن هو الصديق، ولا يمكن خداعها.

وهناك ذكرى آلاف الشهداء وثأرهم لأرضهم المحتلة في عدة دول شقيقة، وهناك القدس المقدسة لدى كل المسلمين والمسيحيين على السواء، وهنا من حق الجمهور أن يتساءل هل صدفة سلسلة هؤلاء الفنانين الواحد تلو الآخر، ونفس الكلام وتحت مسمى السلام، والاكتشاف المفاجئ أن العدو أصبح صديقًا، وأن الفن رسالة سلام ليس له علاقة بـالخصومات السياسية، وأنهم اكتشفوا أن وعيهم كان غائبًا في الماضي واستردوا وعيهم صدفة معًا الآن.

والمشكلة تتصاعد؛ حيث بدأت بادعاء الصدفة لفنان مشهور، ثم ظهر الثاني بادعاء أن الفن ليس له مكان أو علاقة بالخلافات السياسية، ثم ثالثة اكتشفت فجأة أن العدو أصبح صديقًا، في الوقت الذي مازالت أراضي الأشقاء محتلة وتعاني، وأن هناك دم عشرات الألوف من أبطالنا وشهدائنا لن تنساهم أمتهم العربية، وأن القضية تمس وجود العرب جميعًا، فهي ليست قضية بلد أو أكثر فهي قضية الوجود العربي؛ فحينما تبحث كل دولة عن مصلحة مؤقتة سوف يأتي دورها مستقبلًا في إطار الرؤية الشاملة.

وعلى هؤلاء الفنانين أن يعرفوا أنهم إذا كانوا بدون وعي أو غائبين عن الوعي، فإن الشعوب العربية وعيها حاضر ولم ولن يغيب أبدًا، ولن يتسامح مع من باعوه؛ لأن هناك قضايا ومواقف لا تحتمل وجهات النظر ولا يصلح معها النسيان أو العفو، وهذا درس مهم للجميع.

والآن نطالب النقابات الفنية المسئولة باتخاذ أشد العقوبات ضد هؤلاء الفنانين حتى لا تصبح ظاهرة، وخاصة مع تردد أنباء عن عقود عمل بمبالغ كبيرة جدًا لهؤلاء الفنانين تحديدًا، وعلى الجميع تحمل مسئولياته والقيام بدوره نحو وطنه، وإلا سوف يكون عقاب الشعب شديدًا للجميع.

وعلى هؤلاء غائبي الوعي أن يعرفوا أن شعوبهم تملك من الوعي والحضارة ما يجعلها تميز بين الغث والثمين، بين الفنان الحقيقي المحب لوطنه وشعبه، وبين من يبيع وطنه وشعبه، وقبل ذلك يبيع تاريخه وأهله.

رحمة الله على أم كلثوم التي زارت بلدانًا عديدة للتبرع لبلدها، وعبدالحليم حافظ الذي غنى لـعروبة القدس في إنجلترا رغم تهديدات من العدو بنسف الحفل، وكان حليم وأم كلثوم وكل فناني مصر والعرب صفًا واحدًا مع قضية الوجود للعرب جميعًا قضية القدس المقدسة.

هؤلاء فنانين ساهموا في نشر وتدعيم الوعي القومي، وعاشوا لوطنهم وفنهم، والآن هناك من يعيشون ليبيعوا فنهم بالبخس، من يحاول طمس وتزييف الوعي القومي للأجيال القادمة.

رحم الله جيل العمالقة من الفنانين السابقين ولعلهم يكونون قدوة لفناني الجيل الحالي، فالشعوب العربية واعية بالفطرة ولن ترحم من يبيع مبادئه أو وطنه، والمشكلة ليست شخصية أو حتى تمس مجموعة من الفنانين، إنما قضية حقوق الوطن ووعي المجتمع والأجيال القادمة حتى لا نفاجأ بعد ذلك أن البحث عن الحق وجهات نظر، ونضلل رؤية الأجيال القادمة، ثم قد يأتي بعد ذلك من يدعي أن البحث عن الحق تخلف وميراث كاذب، وأنها مجرد مشكلة نفسية زرعها الأجداد بلا سبب أو مبرر وتضيع الحقيقة والحقوق، يوم لا ينفع ندم بسبب قلة باعت واستباحت.. والله ولي التوفيق

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: