Close ad

الزواج والسعادة

27-2-2021 | 16:27

يربط الكثيرون - من الجنسين - بين الزواج والسعادة؛ ويعطل البعض حياته ويوقفها ويحرم نفسه من فرصه التي يستحقها في السعادة انتظارًا للزواج؛ ويحرم نفسه من التمتع بما لديه باللحظة الحالية وتوسيع حياته ليكون أقل احتياجًا للونس العاطفي ويساعده في حسن الاختيار وليتمهل ولا يندفع كمن يسير بالصحراء ويرى السراب ماءً؛ وهو ما يحدث كثيرًا ويتسبب بـفسخ الخطبة أو بـالطلاق.

تؤكد القراءة "الواعية" للحياة أن السعادة لا تأتي من مكون "واحد" حتى لو كان الزواج؛ ولا ننكر دوره في السعادة والحصول على الإشباعات العاطفية والجسدية والنفسية والمزايا الاجتماعية والخلاص من تأخر الزواج "ودوامة" البحث عن شريك الحياة.

ومع ذلك فمن يقتصر بنظرته للسعادة على الزواج يظلم نفسه؛ ويضع البيض كله في سلة واحدة وهو خطأ شائع من الجنسين وإن كان لحواء النصيب الأكبر منه.

والصواب سعي الإنسان لإسعاد نفسه بكل المكونات ومنها السعادة الروحية بتحسين علاقته بالخالق عز وجل ليتمتع برضاه ثم بالسكينة وهي أهم مفاتيح السعادة ثم النجاح بعمله وبهواياته وبعلاقاته الأسرية؛ فلا يعيش غريبًا ببيته وأحيانًا ضيفًا غير مرغوب به وبسعيه للتوازن - ما أمكنه - بين كل جوانب حياته وألا يتعامل مع أي موقف أو إنسان وكأنه لن يستطيع الحياة بدونه وكأن حياته "ستنهار" وسعادته ستتلاشى إذا خسره؛ فهذا من أهم أسباب غياب السعادة "وموسميتها"؛ أي بربطها بالموقف أو بالإنسان.

بينما من يرى أن بقاءه على قيد الحياة يشكل سببًا للسعادة "متى" أحس بهذه النعمة وأحسن تقديرها ومن ثم الاستفادة منها ليصبح يومه أفضل من أمسه وغده أفضل من أمسه والعكس صحيح..

يخطئ من يرى أن الطرف الآخر بالزواج سيمنحه السعادة ويتعامل معه كواهب لها وصدق الإمام علي كرم الله وجهه وهو القائل: "إذا وضعت أحدًا فوق قدره فتوقع أن يضعك دون قدرك".

والصواب أن يثق أنه والطرف الآخر سيتبادلان إسعاد بعضهما البعض وأنه يستطيع "تشجيع" الطرف الآخر على أفضل تعامل ممكن وليس التعامل المثالي؛ فلا وجود له بالواقع، ويمكنه ذلك بتجنب ما يثق أنه يضايقه وفعل ما يسعده مع ضرورة "التنبه" أن الطرف الآخر يجيد تقدير ذلك ولا يتعامل معه وكأنه حقًا "مضمونًا" له مهما أساء إليه أو تعامل معه بأقل عطاء ممكن وهذا من أهم أسباب غياب السعادة الزوجية.

ونشير لأهمية الاحترام المتبادل بين الزوجين - في كل الأعمار - واللطف في إبداء الملاحظات ولم نقل الانتقادات؛ فلا أحد يحب الانتقاد؛ بينما نرحب بالملاحظات التي تقال بود وباحترام وبعيدًا عن الناس مع احترام أهل الطرف الآخر وعدم الإساءة إليهم بالقول أو بالفعل ويكفي أنهم يشكلون جزءًا من حياة الطرف الآخر الذي يشاركه الزواج لاحترامهم..

ومن أسباب السعادة الزوجية عدم تحميل الشريك ما يفوق قدراته المادية أو العاطفية وتجنب استنزافه أو معايرته بما يقدمه الآخرون؛ فذلك من أهم أسباب "الضغينة" المكتومة غالبًا والتي تحرض على "عقاب" الطرف الآخر عاطفيًا وأحيانًا جسديًا وانتهاز أي فرصة للنيل منه؛ فلا أحد يتعرض للظلم ويتقبل ذلك برضى بل ويسعد من ظلمه ومن يظن غير ذلك - من الجنسين - يخدع نفسه.

ونحذر من المبالغة ورؤية مطالبة الشريك بحقوقه وكأنها عدوان وظلم؛ ونوصي بالاعتدال وتجنب تحريض بعض الأهل والأصدقاء ووسائل التواصل الاجتماعي على "مؤسسة" الزواج والنظر لحقوق الطرف الآخر ووجوب منحها إياه كما ينظر لحقوقه، والتأكد أنه لن يفوز بأفضل ما يرغب من الشريك وهو يمنحه أقل مما يحصل عليه؛ فستقل الرغبة من الطرف الأكثر عطاءً ولو بعد حين؛ وهذا يبرر إصرار أحد الزوجين على طلب الطلاق أو الانفصال مع بقاء الزواج بعد عشرة طويلة؛ والسبب "فقدان" الرغبة بمواصلة الزواج بعد التناقص المتواصل برصيد الطرف الآخر.

فالكثيرون - من الجنسين - يتناسون أن الزواج كي ينجح يحتاج لرصيد جيد يزيد ولا ينقص من المودة والرحمة والاهتمام المتبادل واحترام رغبات الشريك "والسعي" لإشباعها - ما استطاع - وتجنب السخرية منها أو مضايقته بسببها؛ حتى لو لم يقتنع بها مع تغليف الصراحة باللطف وبالحرص على مصلحته بأقل الكلمات وبلا مبالغات، فيتقبلها الشريك كحلوى وليس كحجارة تلقى عليه؛ فسيرد على الأخيرة بما هو أقسى.

وللفوز بالسعادة بالزواج نوصي بمواصلة الاهتمامات التي كانت تحقق السعادة لصاحبها قبل الزواج، والاهتمام بمظهره داخل البيت وبرشاقته ليسعد "نفسه" قبل أن يرضي الطرف الآخر؛ مع أهمية ذلك بالطبع، ولكن ما يفعله الإنسان ليسعد نفسه يواصله ولا يشعر بالتنازل ولا "ينتظر" مقابلًا عليه من أحد ونوصي بتذكر ذلك ويقودنا لأهمية منع التفكير بالتضحية أو بالتنازل عند "التخلي" عن أي شيء لإنجاح الزواج أو لإسعاد الشريك.

فالشعور بالتنازل "يوغر" الصدر تجاه الشريك ويجعل صاحبه "متحفزًا" عند أول هفوة منه ويقول لنفسه: ألا يكفي تضحيتي!! لقد استهان بي وينفجر بوجهه ولا يعلم الشريك سبب انفجاره "ويقرأه" عدوانًا ويرد بالأسوأ ويدخلان صراعًا والأذكى أن يقول أفعل ذلك لأنني "سأسعد " نفسي بإنجاح الزواج.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: