حدث ما كان لابد أن يحدث واستعاد الليبيون قدرًا كبيرًا من الوعي الغائب، وأدركوا أن روح الرغبة في السلام قادرة على أن تطفئ شرارة الكراهية والخلاف والشقاق التي كانت تتغذى ألهبتها من وقود التدخلات والمطامع الخارجية المرذولة!
لم يكن معقولا ولا مقبولا أن تستمر إلى ما لا نهاية لعبة ضرب الليبيين في بعضهم البعض، وأن تستمر إلى ما لا نهاية صراعات ومعارك لا جدوى منها، فقد كان الشعب الليبي يفقد الآلاف من أبنائه ويفتقد أيضًا العدل والأمن والاستقرار والتنمية، ولا شك أن ذلك كان ثمنًا باهظًا فوق الطاقة وفوق الاحتمال والأخطر من ذلك كله أن مكانة وسمعة ليبيا كانت قد اهتزت وجرى النيل منها باعتبارها ساحة مفتوحة لعصابات الهجرة غير الشرعية.
لقد أدرك الليبيون قبل فوات الأوان أن بوابة الذهاب لتحقيق مجمل أمانيهم الوطنية ترتكز أساسًا إلى متانة جدار الوحدة الوطنية، الذي كان قد اهتزت أركانه في ظل غيبوبة سياسية سمحت لقوى الشر أن تنفذ مخططاتها اللئيمة في ضرب الجميع بالجميع، وتحريض الجميع على الجميع لتزداد نيران الفرقة والشقاق اشتعالا لغير ما غاية وبدون ما هدف يصب في مصلحة الليبيين.
وربما يجيء يوم تتضح فيه كل الحقائق ويتحدث الليبيون بمختلف انتماءاتهم واتجاهاتهم عن الدور الذى لعبته مصر لتجنيب ليبيا مخاطر الاستمرار في الانزلاق نحو مستنقع الخلافات والصراعات المدبرة من خارج الحدود، وكان لسان حال القاهرة على كل مستويات الاتصال مع جميع الرفقاء الليبيين لسانًا واحدًا وصوتًا واحدًا يحمل نصيحة مخلصة مفادها أن أمن واستقرار أي وطن لا تصنعه الأيديولوجيات والنظريات مهما كان بريقها ولا يمكن أيضا أن يتحقق الأمن والاستقرار في ظل مطامع الجماعات ونزعات الأنانية عند بعض الزعامات المريضة بحب الذات.. والحمد لله أن النصيحة المخلصة أعطت ثمارها!
لقد أتت النصائح المخلصة لمصر أكلها وأنتجت ثمارها، متفوقة على كافة النصائح الأخرى التى كان الآخرون يهمسون بها في آذان الليبيين لخدمة أطماعهم المكشوفة، لأن الشعب الليبى ظل طوال السنوات الأخيرة يراجع ويدقق ويفحص كل النصائح وجميع الهمسات، ثم أيقن في النهاية أن مصر ليست لها مطامع وأنها لا تتكلم لغتين ولا تطالع الفرقاء الليبيين بوجهين، ثم إنها قدمت الدليل تلو الدليل على أنها ليست مع فصيل بعينه وإنما هى مع من يختاره الشعب الليبى ممثلا لإرادته الحرة بعيدا عن الوصاية والتدخلات الأجنبية.
خير الكلام:
<< أنصح الناس لك من خاف الله فيك!