لم يتبق سوى أيام قليلة على نهاية المهلة الأخيرة التي حددتها الحكومة للمواطنين من راغبي التصالح في مخالفات البناء لتقديم الطلبات وسداد جدية التصالح، وذلك من خلال تقنين الأوضاع للمخالفات البنائية الخاصة بهم، فبحسب قرار الحكومة الأخير في ديسمبر الماضي، بمد فترة التصالح لتكون المهلة الحالية هي الأخيرة، ولا يجوز المد بعدها وفقا للقانون، وتنتهي هذه المهلة آخر مارس القادم. ومع تطبيق إجراءات التصالح وتلقي مقدمات جدية التصالح التى يقوم بدفعها مالك العقار تحولت إيصالات الجدية إلى أداة نصب أو تضليل للمواطنين الباحثين عن سكن إذ لجأ ملاك بعض الوحدات التى لا تنطبق عليها شروط التصالح باستخدام إيصالات دفع جدية التصالح كمستند لبيع هذه الوحدات التى يتم عرضها بأسعار مخفضة عن سعر سوق العقارات ويفاجأ المشترى أن هذه الوحدة لا تنطبق عليها شروط التصالح ومن ثم إزالتها .
موضوعات مقترحة
عقارات كثيرة في المدن الجديدة وغيرها يتم تداولها عبر الشركات وسماسرة العقارات وتطبيقات التسويق العقاري لبيعها لمواطنين ليس لديهم خبرة بشروط التصالح وقد ساهم في هذه الظاهرة قرار الحكومة الذي سمح لأجهزة المدن والأحياء بتلقي طلبات التصالح دون النظر إذا كانت تنطبق عليها الشروط أم لا أي تم بناؤها قبل صدور القانون رقم 17 في أبريل 2019 ويحق لصاحبها التصالح عليها أو بعد ذلك التاريخ ولا يحق له التصالح عليها إلا أن البعض من أصحاب الضمائر الخربة يستغلون هذه الثغرة ويقومون بموجب ايصال سداد جدية الحجز ببيع الوحدات المخالفة دون انتظار لقرار لجان فحص الطلبات .
يستهدف قانون التصالح في مخالفات البناء، رقم 17 لسنة 2019، المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2020، التصالح على مخالفات قانون البناء الموحد، وتقنين المخالفات السابقة عليه، لضبط أوضاع البناء في مصر، وإعادة تنظيم الخريطة العمرانية، والعمل على تطوير منظومة المرافق والخدمات.
جرس الإنذار
وكشف حريق عقار فيصل في الأيام الماضية، عن حجم المشكلة التي تواجهها الدولة في ملف البناء المخالف، وما أدى إليه البناء العشوائي، الذي يسبب كوارث، حيث أدت الظروف التي مرت بها مصر أثناء الثورات إلى ظهور كم كبير من البناء المخالف والتي من بينها عقار فيصل المحترق.
وتمثل كارثة حريق عقار فيصل، صافرة إنذار لمن يتهاون بأرواح القاطنين بالمنشآت السكنية المخالفة ويقوم بخرق النصوص القانونية في عشوائية البناء واستغلال الأدوار السكنية في غير أغراضها طمعا في المال، حيث يقوم أصحاب العقارات المخالفة ولم يتم إصدار تراخيص لها ببيعها ليقع المواطنون في فخ امتلاك شقق في مثل تلك العقارات والتعرض للمساءلة القانونية دون ذنب، أو خسارة أملاكهم كما حدث مع سكان عقار فيصل المحترق.
تحذير مجلس الوزراء
وأهاب مجلس الوزراء المواطنين بعدم اللجوء إلى شراء أو استئجار أي وحدات سكنية أو تجارية أو غيرها، دون التأكد من صدور التراخيص اللازمة لبناء العقارات الكائنة بها، وذلك حرصا على سلامة المواطنين وحمايتهم من التعرض لعمليات نصب وخسارة أملاكهم مقابل لا شئ، حيث إن بعض العقارات يمكن هدمها لعدم صلاحيتها، ويكون الضحية في هذا الشأن المواطن.
نزيف البناء المخالف
وعلى الرغم من جهود الدولة الكبيرة لوقف نزيف البناء المخالف وحماية المواطن من شراء شقق غير مرخصة، إلا أن أصحاب العقارات المخالفة مازالوا يبيعون الوهم للمواطنين قبل الحصول على قرار الموافقة بالتصالح، ويعتمدون خلال بيعهم الوحدات بوصل "جدية التصالح"، وبعرض الوحدات المخالفة للبيع بأسعار منخفضة، ليقع المواطن في الفخ الذي لا يوجد له مخرج إذا لم يتم الصلح.
كيف تتجنب في الوقوع في شراء شقة أو عقار مخالف، وما هي المخالفات التي يمكن الصلح فيها وغير قابلة للصلح، ولماذا لم يحصل المتقدم على طلب التصالح على الموافقة أو الرفض في نفس الوقت وينتظر أربعة أشهر، وماذا عن العقارات التي تم بناؤها بعد عام 2019؟، وما هو التصرف مع صاحب عقار مرخص قام بمخالفة في العقار بعد عام 2019 وطلب التصالح، الإجابة على كل هذه التساؤلات في التقرير التالي.
أهمية قانون التصالح
يعد القانون رقم 17 لسنة 2019 بشأن التصالح في بعض مخالفات البناء وتقنين الأوضاع والمعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2020، من أبرز التشريعات التي تحظى باهتمام الشارع خلال الفترة الأخيرة، وحرص المشرع على أن يكون هذا القانون مؤقتا، حيث يطبق لفترة زمنية محددة، وذلك حتى لا يكون ذريعة فيما بعد للمخالفة بحجة أن القانون قائم وسيتم التصالح وفقا للتشريع 30 سبتمبر آخر موعد لتطبيق القانون، لكن التشريع منح رئيس مجلس الوزراء الحق في مد العمل بالقانون لمدة 6 أشهر لمرة واحدة.
ويصب قانون التصالح في مخالفات البناء في مصلحة المواطن أولا وخاصة المقيمين في القرى والأرياف، وذلك لأن القانون ينص على تشكيل لجنة هندسية لمعاينة العقار المخالف، والتأكد من صلاحيته قبل عملية التصالح، وهو ما يساهم بشكل كبير في الحفاظ على حياة وأرواح المواطنين، حتى لا يحدث معهم ما حدث في عقار فيصل المحترق، الواقعة التي جاءت لتؤكد صحة التحذيرات المتوالية للقيادة السياسية والحكومة في ضرورة التصدي لعشوائية البناء.
إجراءات التصالح
ويؤكد الدكتور حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية، أن إجراءات التقدم على التصالح في مخالفات البناء بسيطة، ويتم الرد على المتقدم سواء بالرفض أو القبول خلال أربعة أشهر، وذلك حتى تقوم اللجنة المختصة بزيارة العقار ورؤيته للتأكد من صلاحيته وهل يمكن التصالح في بنائه أم يجب هدمه، وإذا تم رفض الطلب خلال الأربعة أشهر يمكن أن يقوم بعمل تظلم خلال 30 يوما من الرفض.
كيف تتجنب الوقوع في فخ شراء عقار مخالف
تصل حجم عدد المباني السكنية في مصر إلى تسعة ملايين و469 ألفا و523 مبنى منها 474 ألفا و506 مبان في محافظة القاهرة و578 ألفا و964 في الجيزة بحسب الإحصاءات الرسمية، وجاءت أكثر قرارات الهدم والتنكيس في محافظة القاهرة التي تضم أقدم أحياء الجمهورية مثل السيدة زينب وشبرا والخليفة.
ويقع الكثير من المقبلين على شراء الشقق السكنية في حيرة بشأن ما إذا كان العقار الموجود به الشقة قد بنى بشكل قانوني، أم أنه يقع ضمن المباني المخالفة للحيز العمرانية، والتي يمكن أن تتعرض للهدم في أي وقت، خاصة إذا لم يتم الموافقة على التصالح في البناء المخالف، لذلك يقدم الدكتور حمدي عرفة، من خلال "بوابة الأهرام"، عددا من النصائح للمقبلين على الشراء لعدم الوقوع في فخ المخالفات، فيما يلي:
1- القيام بالاستعلام عن الشقة في الإدارة الهندسية بالحي المتواجدة به، للتأكد من سلامتها الإنشائية.
2- الاطلاع على رخصة البناء قبل كتابة العقد، والتأكد من قانونيتها.
3- التأكد من أن العقار متواجد داخل الحيز العمراني، وغير مبني على أرض زراعية، ولا يشكل أي خطورة على الأمن القومي أو المنشآت الحيوية.
4- التأكد من حصول العقار على ممارسة الكهرباء والمياه بصورة قانونية.
5- عدم شراء شقة لم تنشأ بعد، ولم يشاهدها على الطبيعة.
مخالفات لا تقبل التصالح
هناك بعض المخالفات التي لا يمكن قبول التصالح بها، يوضحها الدكتور حمدي عرفة فيما يلي:
1- مخالفات البناء على أراض زراعية ، حيث حظر القانون إجراء أي عمليات تصالح على مخالفات البناء الواقعة على الأراضي الزراعية وخارج الأحوزة السكنية.
2- الأعمال المخلة بالسلامة الإنشائية للبناء.
3- التعدي على خطوط التنظيم المعتمدة، وحقوق الاتفاق المقررة قانونيا أو اتفاق ما لم يكن قد تم الاتفاق عليه مع ذوي الشأن.
4- المخالفات الخاصة بالمباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز.
5- يحظر التصالح أيضا على أي من المخالفات المتعلقة بتجاوز قيود الارتفاع المقررة من سلطة الطيران المدني أو تجاوز متطلبات شئون الدفاع عن الدولة.
6- البناء على الأراضي المملوكة للدولة ما لم يكن صاحب الشأن قد تقدم بطلب لتوفيق أوضاعه وفقا للقانون.
7- البناء على الأراضي الخاضعة لقانون حماية الآثار وحماية نهر النيل.
8- تغيير الاستخدام للمناطق التي صدرت لها مخططات تفصيلية معتمدة من الجهة الإدارية، ما لم توافق الجهة الإدارية.
9- البناء خارج الأحوزة العمرانية المعتمدة، ما عدا المشروعات الحكومية والمشروعات ذات النفع العام، والكتل السكنية القريبة من الأحوزة العمرانية لقرى وتوابعها والمدن، وتحدد اللائحة التنفيذية معيار القرب.
هل يحق لصاحب العقار البيع قبل إتمام التصالح
يجيب الدكتور حمدي عرفة، على هذا السؤال بالنفي، مؤكدا أنه ليس من حق الشخص أن يبيع الشقق المخالفة وغير قانونية، وإذا أراد شخص شراء شقة فيجب السؤال عنها في الحي، وإذا كان صاحبها تقدم بطلب مصالحة، فلابد أن ينتظر المشتري حتى يتأكد من إتمام عملية التصالح، حتى لا يقع في فخ المخالفة، فالقانون لا يعفي إذا كان قام بشراء الشقة وهي مخالفة.
أما إذا قام صاحب العقار المخالف ببيع شقق دون أن يعرف الشخص الذي يشتري أنها مخالفة، ويكون مذكور في العقد أنها غير مخالفة، فيؤكد أستاذ الإدارة المحلية أنه من حق الشخص المشتري في هذا الوقت اللجوء لمجلس الدولة للحصول على حقه.
عقارات ما بعد أبريل 2019
وأعلنت الحكومة أنه لا تصالح على المباني المخالفة التي تم بناؤها بعد إقرار قانون التصالح، وسيتم إزالة المباني المخالفة بعد أبريل عام 2019 موعد إقرار قانون التصالح بمخالفات البناء، حيث إن القانون جاء لمعالجة أوضاع وتقنين المخالفات التي جاءت قبل إقرار القانون.
وهنا نتساءل، ماذا لو كان هناك عقار مرخص ومقيد أنه سليم في الحي الخاص به قبل أبريل 2019، وقام صاحبه بعد أبريل 2019 بعمل مخالفة ما إذا كانت ببناء دور جديد أو باستخدام البدروم استخداما آخر أو أي شيء، ومن ثم تقدم للمصالحة في مخالفات البناء، فما هو التصرف معه.
لا ينطبق عليها القانون
يؤكد المهندس أحمد عمران رئيس جهاز مدينة العبور، أن هذا الشخص لا ينطبق عليه قانون التصالح في مخالفات البناء نهائيا، لأن المخالفة تمت بعد أبريل 2019، لذلك إذا تقدم الشخص بالمصالحة يتم معه الآتي، أولا قبول الطلب وخلال الدراسة من قبل اللجنة المختصة يثبت أن المخالفة تم بعد تاريخ القانون، لذا يتم اتخاذ قرار بهدم المخالفة.
هدم كل ما هو مخالف
أما إذا كانت المخالفة هي بناء دور جديد مخالف وتم بيعها لشخص آخر، فإن هذا البيع غير قانوني، وأيضا تم إزالة الدور فقط وليس المنزل بالكامل لأن الدور فقط هو المخالف وليس الشقة، بحسب ما أكده رئيس جهاز مدينة العبور.