في الماضي كان من الشائع تعريف بعض المناطق بالصناعة التي تميزها فمثلا دمياط بلد الأثاث، والمحلة مدينة الغزل والنسيج، واخميم بلد السجاد، وهكذا..
والآن ومع إطلاق المشروع القومي لتطوير وتحديث القرية المصرية ينبغي الانتباه إلى أهمية وضع خريطة صناعية لكل محافظة تعكس مزاياها النسبية، خريطة يرسم خطوطها جهاز تنمية المشروعات الصغيرة بالتنسيق مع المحافظات ومزودة بدراسات الجدوي الخاصة بكل مشروع كعامل محفز للشباب للإقبال عليها.
في الصين قامت هذه المشروعات كسياسة وطنية لمحاربة البطالة، خاصة في المناطق الريفية، وقدمت الحكومة دعما كبيرا لتتحول فيما بعد إلى إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الصيني وأصبحت تسهم بحوالي ٥٩ % من الدخل القومي و 68% من التجارة الخارجية.
منذ بدء التجربة بمصر ورغم ما حققته من نتائج لا يمكن إنكارها الا انها لم تصل الي المرحلة المأمولة التي ترضي الطموح، نعم هناك مشروعات كثيرة ناجحة ولكن لا يمكن القول إنها حققت نقلة واضحة لمسار التنمية الاقتصادية مقارنة بما حققته بدول اخرى، حيث يبلغ عدد هذه المشروعات طبقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حوالي ثلاثة ملايين مشروع، ورغم ذلك ووفقا لوزارة التجارة والصناعة فإن مساهمتها في الصادرات المصرية لا تجاوز ٤ ٪.
مشاكل هذه الصناعات - كما أوضحت دراسة حديثة لصندوق النقد العربى - تتمثل في ضعف القدرات الفنية والإدارية لدى أصحابها وعدم قدرتهم على إعداد دراسات جدوى، وخطط عمل ملائمة، وهيكل إدارى وتنظيمى من أجل الحصول على التمويل اللازم، بجانب إحجام عدد من البنوك عن تمويلها لعدم توافر القدرات والخبرات لديهما للتعامل مع هذه الفئة من المشروعات.
إذا نجحت الدولة في تقديم هذه المشروعات للشباب بفلسفة الشراكة في المسئولية وتدعيما لعوامل نجاحها وكونها مبادرة وطنية لا تستهدف الدولة منها الا مساعدة الشباب في بناء مستقبلهم كمواطنين منتجين لديهم الطموح للارتقاء بمستوي معيشتهم فإن هذه المشروعات سوف تحقق للمجتمع المصري طفرة كبيرة.
احساس الشباب بأن ما يهم الحكومة عند التعامل مع مشروعاتهم الصغيرة هو ضمانها سدادهم لما يحصلون عليه من تمويل يخرج العلاقة الي دائرة العلاقة التجارية وليست الاجتماعية، والفارق شاسع بين الحالتين لان كل مشروع صغير هو إنقاذ لشباب من دوامات الإحباط التي يحاول أعداء الوطن بثها وهو بناء لأسرة منتمية ومحبة لوطنها.