Close ad

الشرطة المجتمعية وتجارب معاصرة

30-1-2021 | 11:09

بمناسبة ذكرى عيد الشرطة المصرية لها كل التحية والتقدير لجهودها الكبيرة والمشرفة عبر تاريخ مصر الطويل، خاصة أنها تتصدى بكل حسم وشجاعة لكافة المؤامرات الداخلية والإقليمية والدولية، وبذلت وتبذل الكثير من الدماء والجهد في حماية وطنها.

وبهذه المناسبة هناك تجارب دولية معاصرة في العديد من بلدان العالم عن تحقيق تلاحم وتضامن أكبر بين الشرطة والمجتمع لمواجهة تزايد معدلات وأشكال الجريمة في العصر الحديث، ومن هذه التجارب الشرطة المجتمعية، وهو بداية مفهوم مرن ويختلف تطبيقه من بلد لآخر؛ بل هي جاءت لأن جهاز الشرطة من الطبيعى أن يعمل وفقًا لأسس وأنظمة رسمية صارمة.

ومن هنا كانت فكرة الشرطة المجتمعية على أساس شراكة جديدة مرنة بين الشرطة وأعضاء وقيادات المجتمع المحلي لتكامل الجهود لمواجهة الجريمة والإخلال بالأمن، وهى هدفها الوقاية من الجريمة بجانب ترسيخ مفهوم أن الأمن مسئولية الجميع كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته.

ومن هنا أهمية تعاون الأجهزة الرسمية والشعبية في مواجهة الجريمة وتحقيق الأمن، ومن جانب آخر أشارت بعض الدراسات الأجنبية إلى أن نسبة كبيرة من الجرائم يقوم بها أفراد من المجتمع المحلي لمكان الجريمة أو نتيجة خلل أو اتساع مسرح الجريمة في هذه الأماكن؛ فمثلا المناطق الصحراوية الشاسعة يصعب توفير عدد كافٍ لحمايتها.

ومن هنا يمكن لأفراد المجتمع المحلي بالتعاون مع الشرطة في القيام بتوفير الأمن، خاصة أن أهل مكة أدرى بشعابها والغريب أعمى ولو كان بصيرًا، ومن هنا فالمشاركة المجتمعية على المستوى المحلي في حفظ الأمن سوف تسهم إلى حد كبير في الوقاية من الجرائم وحفظ الأمن.

وترجع نشأة فكرة الشرطة المجتمعية إلى أمريكا في الستينيات نتيجة لتزايد ظاهرة انتشار المخدرات بشكل كبير مع تزايد مشكلات العنصرية والاحتجاجات الشعبية على حرب فيتنام؛ لذلك صدر قانون عام 1968 للحد من الجريمة ومشاركة المجتمع لرجال الأمن في حفظ الأمن والنظام والوقاية والحد من الجريمة من خلال المفهوم الجديد للشرطة المجتمعية.

ثم زاد توسعها وانتشارها داخل أمريكا وفى كثير من بلدان العالم مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا واليابان وبعض الدول العربية وتتزايد نجاحاتها بشكل كبير، ولأنها تعتمد على فكرة مشاركة قيادات وأعضاء المجتمع المحلي مع أجهزة الأمن وتحت قيادة واختيار أجهزة الأمن في توفير الأمن والأمان والوقاية من الجريمة بجانب تقديم خدمات إنسانية أخرى، وهى فكرة مرنة وقد تختلف باختلاف المجتمع المحلي داخل نفس البلد، فمثلًا المناطق الصحراوية تختلف عن الريفية أو العشوائية.

فمثلًا في المناطق الصحراوية يتم اختيار أفراد الشرطة المجتمعية من خلال ترشيح قيادات القبائل أو شيخ القبيلة لبعض أفراد مجتمعه للعمل تحت ضمانته ومسئوليته وبعد موافقة الجهات الأمنية لما للمجتمعات الصحراوية من طبيعة اجتماعية وبيئية خاصة، وهنا يتحمل شيخ القبيلة المسئولية عن اختياره، وهذا يكون دعمًا كبيرًا لتحقيق الأمن والاستقرار، ويوفر كثيرًا من الجهد والمال على رجال الأمن من خلال حماية المنشآت العامة وشبكات الكهرباء والغاز والآثار والمناطق السياحية والأماكن المقدسة وغيرها.

وهذا بالطبع مع تواجد الشرطة، فمثلًا المنشأة التي تحتاج إلى عشرة من رجال الأمن لحمايتها، يمكن الاكتفاء بفردين فقط أو ثلاثة، بالإضافة لأفراد الشرطة المجتمعية، وهناك أيضًا خدمات المرضى والمسنين والإسعاف والرعاية اللاحقة وتنظيم المرور وحماية الآداب العامة، وتستخدم أيضًا في الجامعات والمدارس والطرقات المحيطة لحفظ الأمن والنظام وداخل الأندية والملاعب الرياضية والحدائق العامة، وأيضًا داخل المصانع والشركات، وبشكل أكبر في الأحياء والمجاورات السكنية وفى مجال حماية المستهلك وحماية البيئة ومراقبة الأسواق وحماية الآثار.

وفى مصر قديمًا كان هناك الفتوة، وهو في الأصل يقوم بحفظ النظام وحماية الممتلكات، وهو نظام اجتماعي صرف، ولكن انحراف البعض عن المعنى الأصلي قد شوه هذه الصورة، والغرض الأساسي من الشرطة المجتمعية توفير دعم إضافي للشرطة يعمل بطريقة مرنة بجانب وتحت قيادة الشرطة، وهو بذلك ليس تدخلًا في عمل الشرطة أو عمل مواز لها؛ بل هو يعمل تحت قياداتها وبالشكل الذى تراه مناسبًا للمكان والزمان.

فهي فكرة مرنة تساعد على توفير سند وظهير اجتماعي وشعبي للشرطة يسهم في التنبؤ والتوقع والوقاية من الجريمة، وكمساعد للشرطة قد يخفف عنها بعض الأعباء والمسؤليات والله ولي التوفيق.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة