في أسوأ كوابيسه، لم يتوقع ترامب نهايته كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية..
صنع ترامب فشله بيديه، وأصبح مادة يمكن تدريسها لراغبي النجاح، ليتجنبوا "تفكير" وتصرفات ترامب أثناء تواجده بـالبيت الأبيض..
الفشل هو عدم تحقيق الأهداف، وقد يحدث ببعض التفاصيل "ويمكن" تعويضه أو تجاوزه وصنع انتصارات تمحوه، أو يكون فشلًا ذريعًا "يلتصق" بصاحبه ويلاحقه أينما ذهب ويذكره الناس به بعد موته..
وهو ما فعله ترامب، فسيذكره التاريخ كـأسوأ رئيس أمريكي "أهان" ما يسمى بالنموذج الأمريكي في الحريات والعدالة ومنح الفرص للجميع واحترام الديمقراطية، فكان عنصريًا بامتياز، وهاجم الأقليات وطارد المهاجرين وفرق بينهم وبين أسرهم بمشهد أطاح بالصورة الوردية عن أمريكا واحتضانها للمهاجرين بالعالم، وبدا أشبه "ببلطجي" يبتز الدول للحصول على الأموال منهم، وسيطرت عليه شخصيته النرجسية، حيث الغرور والتعالي وحب الظهور وعدم النضج والتقلب الانفعالي وهي أهم صفات الفاشلين، فنراه يصطنع المشاكل ليبرز بآراء غريبة فيخرج بلاده من اتفاقية المناخ ومن منظمة الصحة العالمية..
وكأي فاشل بلا تفكير يقول كلام يسيء لنفسه كقوله: إذا كانت المطهرات تقتل فيروس كورونا فلماذا لا يتم حقننا بها!! وسخر من منافسه لارتدائه الكمامة فأصيب هو وزوجته وابنه بها..
ولم يكتف بالتخلص من معظم مستشاريه ومن المقربين منه أثناء حكمه وفشل في منع تحويلهم أعداءً لهم وشتمهم علنًا، والناجح وحده الذي يستطيع إنهاء علاقات بلا ضغائن.
وفشل بحياته الأسرية، فبالإضافة لتعدد زيجاته وفضائحه الجنسية، قالت شقيقته إنه شخص لا مبدأ له وكاذب وقاس وزائف، وكانت علاقته بزوجته ميلانا مثيرة للسخرية منه، فقد رفضت الانتقال للبيت الأبيض إلا بعد اتفاق مالي جديد ورفضت أكثر من مرة محاولته لإمساك يدها أثناء النزول من الطائرة وأزاحت يده بغضب، وهي كعارضة أزياء سابقة تستطيع التحكم بانفعالاتها أمام الناس، ولكنها الكراهية التي يصعب إخفاؤها.
وفشل سياسيًا فاضطر للتراجع أمام خصومه بعد أن اغتر بقوته وهاجمهم بحدة، وهو ما يفعله الفاشلون وداس على كل الأعراف خلال رئاسته واستحق لقب الملياردير المتقلب وتعرض لإجراءات العزل مرتين وتراجعت شعبيته، وتخلى عنه بعض نواب حزبه ورفض بعض سكان المنتجع الذي انتقل إليه بعد تركه لمنصبه إقامته بالمنتجع وتنتظره محاكمات بالكونجرس..
واستسلم للغضب الهيستيري إثر خسارته للانتخابات وسمح له "بإدارة" تصرفاته لأكثر من شهرين فرأينا سلوكيات شاذة وإصرارًا على رفض رؤية الواقع وتجاهل كأي "فاشل" اعتراف الناجحين بالخسارة والعمل بمبدأ تقليل الخسائر مكسب..
ضاعف ترامب خسارته بالانتخابات ووصف الانتخابات بالتزوير، ولم ينتبه كأي ناجح "للإشارات" التي تؤكد أنه على الطريق الخطأ وواصل بعنجهيته وصلفه المعروفين، واللذين تسببا من قبل بتعرضه لخسائر كثيرة بمجال عمله السابق بالمقاولات وإفلاسه وتنازله عن حصصه باستثماراته وربما "توهم" أنه سيمكنه تعويض "إفلاسه" السياسي، فحرض على العنف وأخبرهم أنهم بالقوة فقط يمكنهم استعادة بلدهم واقتحم أنصاره الكونجرس لأول مرة بالتاريخ الأمريكي بمشهد "أطاح" بسمعة التقدم الأمريكي بالعالم ولم يعترض حينئذ..
ولم يتراجع وواصل كأي فاشل "عناده" وحجبت تغريداته على تويتر مرات في "سابقة" لم تحدث لأي رئيس أمريكي وتمادى حتى تم حجب كل حساباته على كل وسائل التواصل الاجتماعي وهنا أطلق تصريحه الأضحوكة أنه سيؤسس وسائل تواصل خاصة به!!
من سمات الشخصية الهيسترية اتخاذ قرارات متهورة وصعوبة الحفاظ على العلاقات والميل للاستعراض وهي صفات جسدها ترامب ويتجنبها الناجحون.
وسيذكره التاريخ كأكبر رئيس بالعالم حظي بالسخرية أثناء حكمه وقيل عنه، لا يمكن لشخص تخيل ما سيقوله وسيفعله ترامب..
احتفظ ترامب بالحقيبة النووية التي تضم الشفرات المطلوبة لهجمات نووية، ولم يتركها للرئيس الجديد كما جرى العرف، وتصرف كطفل خاسر وليس كناضج، ورفض حضور تنصيب الرئيس الجديد وغادر قبل وصوله ولو لم يكن فاشلًا لقبل خسارته بالانتخابات وتعامل برقي مع خلفه..
يرفض الفاشل رؤية الواقع ويصر على أوهامه ولا يعترف بهزيمته ويبتعد عمن ينصحونه بذلك ويحيط نفسه بمن يوافقونه على حماقاته فقط ويكابر ويختار الرهانات الخاطئة وهو ما فعله ترامب، حيث توهم أن أنصاره سيغيرون واقع "هزيمته"..
وقال إنه لا يهزم أبدًا، والحقيقة أن الخسارة يمكن ألا تكون هزيمة، فمعظم الرؤساء السابقين بأمريكا استأنفوا حياتهم بعد خسارتهم للانتخابات، ومنهم من عمل محاضرًا وآخرون كتبوا مذكراتهم..
يعترف الناجح بالخسارة ولا يهين نفسه ولا يعطي لخصومه الفرص للنيل منه بأسوأ مما كانوا يحلمون، كما فعل ترامب، فالناجح يتقبل أنه كإنسان معرض للمكسب وللخسارة ويتفرغ "لصنع" حاضر ومستقبل جيد..
حدد ترامب أهدافه بالحياة منذ صغره و"اختزلها" بالمال والنفوذ، وفاته حاجته لاكتساب مهارات التعامل مع الضغوط والتنبه لعيوبه، كما يفعل الناجحون، حتى لا تتحكم بحياته، وفعل كالفاشلون الذين يرون أنفسهم بلا عيوب، وكلنا لدينا عيوب، ومنح خصومه الفرص للتشهير به وعندما يخلفونه بمنصبه سيبدون رائعين بأقل مجهود فالناس سيقارنون بينهم وبينه، لأنه عندما أصبح رئيسًا "هزم" نفسه ولم يكتسب أدوات النجاح بمنصبه وأضاع فرصته..