المشاهد التى كانت تحدث على بعد آلاف الأميال فى مساء الأربعاء قبل الماضى ورأيناها على شاشات التليفزيون.. لم تكن مشاهد غريبة علينا.. شاهدناها من قبل بتفاصيل مختلفة فى أماكن كثيرة.. لكن لم نتخيل لحظة أن يأتى يوم وتحدث فى أمريكا.. الدولة التى تجلس على عرش العالم.. فى دقائق كان رنين الهاتف والمحمول فى كل مكان.. لتبدأ التعليقات والتساؤلات: أين كان رجال الشرطة عندما اقتحم المتظاهرون مبنى الكونجرس فى اثناء جلسة التصديق على فوز «بايدن» بالرئاسة؟.. وكيف لم يكتشف جهاز مخابرات أكبر قوة فى العالم الهجوم قبل وقوعه؟.. ومن كان يتصور أن نظرية المؤامرة التى كانت امريكا تعيب على سكان دول الشرق الأوسط ايمانهم بوجودها ستتردد فى قاعات الكونجرس على ألسنة النواب عندما عادوا لإتمام مهمتهم؟.. وماذا كان سيحدث إذا كان المقتحمون من ذوى البشرة السوداء.. هل كان رجال الشرطة سيتعاملون معهم بنفس الطريقة التى تعاملوا بها مع المقتحمين الذين كانوا كلهم من ذوى البشرة البيضاء.. والذين راحوا يتجولون فى أروقة المبنى ويجلسون على منصة مجلس الشيوخ ويحطمون كل ما يجدونه أمامهم بالإضافة إلى سرقة ملفات مهمة؟.. ولماذا لم يلُم أحد أمريكا عندما نشرت آلافا من جنود الحرس الوطنى لتأمين مبنى الكونجرس؟.. وهل ستعيد امريكا النظر فى نظام الانتخابات وتستجيب للأصوات التى بدأت تطالب بإلغاء المجمع الانتخابى بعد ما حدث فى انتخابات عام ألفين حين كان «آل جور» فائزا فى التصويت الشعبي؟.. ولماذا سارعت الدول الأوروبية إلى شجب ما حدث ولم تطالب المسئولين فى امريكا بضبط النفس والافراج عن الذين تم اعتقالهم عقب الحادث؟.. وماذا سيفعل أنصار «ترامب» خلال الفترة المقبلة وعددهم نحو 75 مليون امريكى يعتقدون أن الانتخابات مزورة؟.. وهل يعرف المسئولون الأمريكان الذين قالوا إن اقتحام الكونجرس كان أكثر الأيام ظلاما فى تاريخ امريكا.. إننا نحن المصريين عشنا عاما كاملا وليس يوما واحدا فى ظلام دامس خلال السنة التى حكم فيها الإخوان والتى رأينا خلالها هجوما على محاكم ووزارات وهيئات.
هذه الأسئلة.. بينما كانت تدور فى ذهن الكثيرين فى تلك الليلة المروعة من الفوضى وأعمال الشغب فى امريكا.. كان الفيروس الغامض المسمى كورونا يتحور ويتجدد ويواصل انتشاره بين سكان كوكب الأرض البائس.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.