- 439 ألف شخص وقعوا على الشكوى المقدمة للكونجرس البرازيلى لمنع دخول عمال المناجم إلى محميات السكان الأصليين
موضوعات مقترحة
تحت أشعة الشمس الحارقة بين الأشجار والأنهار, تفتحت أعينهم على الحياة البدائية التى ورثوها عن أسلافهم ولا يرغبون فى تغييرها .. مواردهم بسيطة وأحلامهم أبسط تقتصر على العيش بسلام. ورغم ذلك لم يسلم سكان البرازيل الأصليون من الأطماع التى تهدد موطنهم, لتتوالى أزماتهم وتتفاقم معاناتهم يوما بعد يوم، خاصة منذ تولى اليمينى المتطرف جاير بولسونارو رئاسة البلاد.
وتزامنا مع تزايد معاناة قاطنى الغابات البرازيلية من سلب أراضيهم ونهب مواردها برعاية حكومية، تتسابق بلدان العالم لتكريم السكان الأصليين فى جميع أنحاء العالم، ومنحهم المزيد من الحقوق. ففى سابقة لم تشهدها الولايات المتحدة من قبل، اختار الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن، السيدة ديب هالاند, من سكان أمريكا الأصليين, لتكون وزيرة للشئون الداخلية فى حكومته، كما عينت رئيسة الوزراء النيوزيلندية, جاسيندا ارديرن, سيدة تنتمى لسكان الماورى الأصليين، وزيرة الخارجية لبلادها. أما فى أستراليا فكان أول أهداف حكومتها للعام الجديد هو تغيير النشيد الوطنى، لإضفاء بعض الكلمات التى من شأنها تكريم سكانها الأصليين كشركاء فى الوطن.
وتتنامى التهديدات لمحميات السكان الأصليين فى البرازيل، إثر استمرار توافد عمال مناجم الذهب لأراضيهم بشكل غير قانونى، إلى جانب الدمار البيئى الذى يحاصرهم. ومما زاد الطين بلة هو تفشى الفيروس بينهم بشكل كبير.. كما أن دعوات الإغاثة التى قدموها للمجتمعات الدولية طيلة الشهور الماضية، لم تلق ردود أفعال كبيرة, مما دفعهم لعمل شكوى جماعية تم تقديمها للكونجرس البرازيلي، وحملت شعار «اطردوا عمال المناجم، نقضى على الفيروس»، تضمنت توقيعات لـ 439 ألف شخص، للمطالبة بإخراج عمال المناجم، الذين يقدر عددهم بنحو 20 ألفا، من محمية يانومامى فى ولاية رورايما - أكثر المحميات تضررا.
عمال المناجم، الذين يعملون لسنوات طويلة بشكل غير قانونى، لم يجلبوا كوفيد ـ 19 فقط إلى المحمية، بل جلبوا أيضا الكحوليات والدعارة وتضاعفت بسببهم معدلات الدمار التى شهدتها الغابات، بسبب إزالة الأشجار وتلويث الأنهار بالزئبق الأحمر المستخدم فى فصل الذهب، وكل ذلك برعاية رئاسية ووسط صمت حكومى.
ويقول داريو كوبيناول، نائب رئيس جمعية هوتوكارا فى يانومامي: «العمال يأتون بأعراض خفيفة ويجلبونها للمحمية، ومن ثم تنتشر بين سكانها». ففى الشهر الماضي، حذر تقرير صادر عن الجمعيات والنشطاء المعنيين بالسكان الأصليين، من الزيادة الكبيرة فى الإصابات فى إقليم يانومامي، ورصد التقرير أنه فى الفترة ما بين شهرى أغسطس وأكتوبر، أصيب نحو 1202 شخص، وتوفى نحو 23 من بين 27 ألف شخص.
وقد ذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أنه بدلا من اتخاذ الحكومة إجراء حاسما، بإخراج عمال المناجم من المحمية، فإنها أغلقت معسكرا للجيش على نهر يراريكورا، تاركة منجم التعدين القريب منه مفتوحا مع استمرار العمل به. يأتى ذلك فى الوقت الذى تسعى فيه حكومة بولسونارو لإسكات أصوات الغضب الدولية، بشأن تصاعد إزالة الأشجار وإحراقها فى منطقة الأمازون, حيث تضاعفت معدلات الإزالة إلى أعلى مستوى لها منذ 12 عاما. والأدهى توعد الرئيس اليمينى بإضفاء الشرعية على مهمة عمال المناجم فى المحميات الأصلية. وبالفعل فى فبراير الماضي، أرسلت الحكومة مشروع قانون إلى الكونجرس، والتقى قادة منجمى الذهب بمسئولين حكوميين مع تصاعد الموافقة على مشروع القانون.
ويقول خوسيه ماريو جويس، رئيس جمعية السكان الأصليين المحلية: «الغابة هى حياتنا.. ونريد حمايتها من منتزعى الأراضى والمنقبين».
ولم يقتصر الأمر على شكوى السكان فقط، بل سعوا لإيجاد بدائل من شأنها أن تغرى المستثمرين تجاه المحمية بعيدا عن الذهب. فعلى الجانب الشرقى من المحمية، قام زعماء اليانومامى بزرع آلاف الشتلات من الكاكاو خلال العام الماضي، وذلك بالتعاون مع إحدى الجمعيات البرازيلية غير الربحية، لإنتاج الشيكولاتة العضوية وتوفير دخل مستدام. وقد تم بيع ألف قطعة من الشيكولاته فى أول حصاد، ثم تم تسليم نحو 20 كيلو من الكاكاو.
السكان الأصليون لا يأملون فى مغادرة عمال الذهب قريبا من المحمية، لذلك ينتاب قادتهم شعور بالخوف، حيث يقول رئيس جمعية بقبيلة يوكوانا، إنه يجب على السلطات مساعدة السكان الأصليين فى الحفاظ على الطبيعة، وليس تدميرها .. فمنقبو الذهب يتزايدون وكوفيد ـ 19 يتوغل بشراسة، متسائلا: «أين مساعدة الحكومة من كل ذلك؟».