Close ad

تعدد الزوجات "عدالة مستحيلة".. ومبروك عطية: حلال إذا كان الزوج مليارديرًا

11-1-2021 | 16:30
تعدد الزوجات عدالة مستحيلة ومبروك عطية حلال إذا كان الزوج مليارديرًاصورة أرشيفية
تحقيق - زينب هاشم
الأهرام العربي نقلاً عن

مبروك عطية: حرام إلا في حالة أن يكون الزوج مليارديراً
آمال عطية: ارتفاع عدد المطلقات يشجع خطوة الزوجة الثانية
راضية صحراوى: تضاربت الآراء فى الجزائر بين مؤيد وبين ما أقره المشرع الجزائرى
آمنة الطرابلسي: تونس أول دولة عربية تلغي رسميا تعدد الزوجات عام 1956
سعاد الطاوسى: المغرب يضع شروطاً صارمة تقترب من المنع

ما بين الرفض والقبول تباينت الآراء حول قضية تعدد الزوجات، وهو الحق الذى أجازته الشريعة الإسلامية للرجل لكن بشروط، وحرمه بعض الدعاة لصعوبة تحقيق مبدأ العدل المذكور فى القرآن، بينما جرمته بعض الدول العربية، وأخرى قيدته.

وفى مصر كانت هناك وجهات نظر مختلفة حول قضية التعدد، ما بين مؤيد يراه قادماً لا محالة. ومعارض يراه حراماً.. «الأهرام العربى» ناقشت القضية عبر هذا التحقيق.

ترى د. آمال عطية، استشارى العلاقات الأسرية، أن التعدد قادم لا محالة ولا يخالف الشرع ومذكور فى القرآن لكن بشروط، وأعتقد أن ارتفاع أعداد المطلقات فى الفترة الأخيرة ستشجع وتبارك خطوة الزوجة الثانية، بشرط أن يطبق الزوج الشروط العادلة فى الجمع بين الزوجتين.

بينما يؤكد الداعية، مبروك عطية، أستاذ الشريعة الإسلامية لـ “الأهرام العربى”، أن تعدد الزوجات حرام، وذلك بسبب الظروف المادية القاسية التى تعانيها أغلب الأسر بداخل المجتمع، ويضيف قائلا: تعدد الزوجات حرام إلا فى حالة أن يكون الزوج مليارديراً، حتى يستطيع تحقيق مبدأ المساواة والعدل بين الزوجتين.

وتضيف المحامية رباب عبده، نائب رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وقضايا الأسرة، أن المرأة المصرية، تعانى كثيرا من القوانين المتعلقة بقضايا الأسرة، ويعتبر تعدد الزوجات أحد أهم الموضوعات التى بسببها تجد المرأة نفسها مجبرة على طرق باب المحاكم، بسبب إقدام الزوج على الزواج من أخرى، ويكفل القانون للمرأة تبليغ المأذون لها بإقدام الزواج على عقد قرانه بأخرى، وفى كثير من الحالات يتعمد الزوج إخفاء البيانات الخاصة بزوجته الأولى من حيث عنوان سكنها، وأحيانا يتم الاتفاق بين الزوج والمأذون على تجاهل هذه الخطوة، أو إرسال هذا الإعلام على عنوان خاطئ حفاظا على استمرار الزوج فى زيجته الأولى، لكن فى هذه الحالة يتحمل كل من الزوج والمأذون عواقب ذلك، لأن هذا السلوك يعد تحايلا على القانون.

لكن فى حالة علم الزوجة بذلك ورفضها لزواج زوجها بأخرى، من حقها أن تقيم ضده قضية طلاق للضرر، وهى قضية مضمونة للزوجة، لكنها تصبح مضطرة للتردد على المحاكم ومكاتب المحامين .

وفى المغرب اعتبر الكثيرون أن تغيير مدونة الأسرة سنة 2003 وخروجها لحيز الوجود 2004 "ثورة اجتماعية هادئة"، وهو ما تتحدث عنه سعاد الطاوسى، مدير جمعية مؤسسة الطاهر السبتى، خبير فى قضايا المرأة ومستشار جمعية، التحدى للمساواة والمواطنة المغربية لـ "الأهرام العربى" قائلة: يضع القانون المغربى شروطا صارمة على تعدد الزوجات، إلى درجة تقترب من المنع، وأعطى للمرأة حقوقا أخرى. وسعت الحركة النسائية والحقوقية من خلال ملفاتهم الترافعية إلى إلغاء تعدد الزوجات، فى حين اكتفى القانون الجديد بتقييد تعدد الزوجات، بوضع شروط صارمة للتضييق على طالبى التعدد، كقدرة الزوج على "توفير العدل على قدم المساواة مع الزوجة الأولى وأبنائها فى جميع جوانب الحياة، وإذا ثبت لديه المبرر الموضوعى الاستثنائى للتعدد، كما يمكن للمرأة أن تشترط كتابيا على زوجها عدم التزوج عليها، و"إذا لم يكن هنالك شرط وجب استدعاء المرأة الأولى لأخذ موافقتها، وهذا مع إعطاء الحق للمرأة المتزوج عليها فى طلب التطليق للضرر". لكن تفيد الإحصاءات الأخيرة بأنّ الرجال المغاربة قدموا أمام قضاء الأسرة 559 ألف طلب من أجل الزواج بامرأة ثانية، أو حتى ثالثة فى خلال 10 أعوام (2006 - 2016)، وقد تمت الموافقة على نحو 19 ألف طلب زواج، ويصعب مقارنة تطور نسبة تعدد الزوجات فى المغرب قبل وبعد المدونة الجديدة، بسبب غياب إحصائيات دقيقة، "وبالتالى لا يمكننا أن نقوم بمقارنة لتطور حالات التعدد. ووفق مدوّنة الأسرة، فإنّ الإذن بالتعدد يتوقف على الشروط الآتية: توفّر الموارد الكافية للزوج حتى يؤدى واجبه فى الإنفاق على زوجاته، وتوفّر مبرر موضوعى واستثنائى وراء رغبته فى التعدد، واستدعاء الزوجة الأولى لحضور جلسة المحكمة التى تبحث معها موافقتها أو عدمها.

وفى حالة موافقة الزوجة الأولى على اقتران زوجها بامرأة أخرى إلى جانبها، فإنّ المحكمة تحفظ القضية للتداول بها والحكم بالقبول إذا استوفى الطلب كلّ العناصر، ورأت المحكمة أنّها موجبة للتعدد، أو الحكم بالرفض فى حال لم تجد المحكمة أنّ الطلب يستوفى العناصر اللازمة. أمّا فى حال رفض الزوجة الأولى اقتران زوجها بامرأة أخرى وألحّ الزوج على طلبه، وإذا طلبت الزوجة الطلاق، حُكم لمصلحتها بمستحقات، يتعيّن على الزوج إيداعها صندوق المحكمة خلال سبعة أيام، وإلا عُدّ متراجعاً عن طلب الإذن بتعدد الزوجات. لكن مدونة الأسرة تضمنت مادة تجيز إثبات عقود زواج الفاتحة، أو ما يعرف بالزواج العرفى. وقد أعطيت هذه المادة مفعولا مؤقتا (عشر سنوات)، حيث يرى المشرعون لتلك المدونة أنها ضرورية لتجاوز الأعراف المتبعة، خصوصا فى المناطق الريفية.

وقد اعترف وزير العدل المغربى، بأن لتلك المادة حساسية مفرطة، وأنها قد سبق وبنيت على توافقات وعلى تحكيم ملكى، وبالتالى فإن حذف الاستثناء الوارد بها يحتاج إلى توافقات جديدة، بخلاف ذلك فقد دعا الملك محمد السادس فى فبراير الماضى عند اجتماع مع الوزراء المكلفين بالطفولة، إلى ضرورة إعادة النظر فى مدونة الأسرة من خلال تقييمها وتقويمها لمواجهة اختلالاتها، والعمل على تعزيز تماسك الأسرة ومراعاة المصلحة الفضلى للطفل تصون حقوقه فى كل الظروف والأحوال، ودعا الملك إلى معالجة النقائض التى أبانتها التجربة.|

وتستكمل الحديث الكاتبة الجزائرية راضية صحراوى، قائلة: فى الجزائر تغيرت معالم الزواج المقدس المبنى على الثقة بين الزوجين، ونظرا للشروط التعجيزية التى أتى بها قانون الأسرة المعدل فى 2005, والذى أدخل الزوج فى صراع حقيقى مع الزوجة الأولى التى ترفض أن تكون لها شريكة أو كما يعرف بالضرة، حيث أعطى المشرع الجزائرى الزوجة الأولى الحق فى قبول أو رفض التعدد. بجانب قانون أسال الكثير من الحبر، خصوصا أنه سن فى العهدة الرئاسية لعبد العزيز بوتفليقة، الذى أعطى للمرأة - بمناسبة عيدها العالمى المصادف الثامن مارس - حقوقا من أجل كسب رهان الاستحقاقات الرئاسية المقبلة وإرضاء المرأة ببعض الحقوق، التى فى الحقيقة لا تمت للإسلام بصلة. فقد تضاربت الآراء فى الجزائر بين مؤيد لمسألة تعدد الزوجات الذى يحاكى تعاليم الشريعة الإسلامية، وبين ما أقره المشرع الجزائرى فى المادة الثامنة والثامنة مكرر من قانون الأسرة، والذى وضع شروطا تدخل فى خانة التعجيز لأى شخص يريد أن يعقد قرانه على زوجة ثانية، حيث لا يزال المؤيدون للتعدد يرونه على أنه نوع من درء المعاصى، وخفضا لنسبة العنوسة فى الجزائر، التى تعدت 12 مليون عانس، فالمادة الثامنة من قانون الأسرة المؤرخ فى مارس 2005 جاءت صريحة، كونها أعطت القاضى السلطة التقديرية فى إجازة تعدد الزوجات من عدمه.

كما أنها منحت الزوجة الأولى والثانية، الحق فى ترخيص الزواج من عدمه، وهو الغالب فى الأمر، حيث إن الكثيرات من النساء يرفضن فكرة التعدد، ما يجبر الرجل على الدخول فى مشاكل قانونية مع الزوجة الأولى عندما يتجه إلى فكرة الزواج العرفى، أى بفاتحة الكتاب من أخرى، وهو ما أثار إشكالات قانونية أخرى جرت الزوج إلى أروقة المحاكم، خصوصا مع الأزمة الصحية التى شهدها العالم وانتشار كوفيد 19، الذى بسببه أجبر الأزواج البقاء بالبيوت، بسبب فرض إجراءات الحجر الصحى لأشهر عديدة، ما نجم عنه إهمال الزوجة الثانية، فكان فيروس كورونا بمثابة القطرة التى أفاضت الكأس، حيث أماط اللثام عن ظاهرة الزواج العرفى، وأظهر أرقاماً مهولة لعدد قضايا الطلاق التى رفعتها الزوجة الأولى، بعد انقشاع الضباب عن الخيانة التى مورست فى حقها لسنوات من قبل الزوج، الذى لم يجد إلا الزواج السرى سبيلا له، لممارسة حقه الشرعى الذى جاء به القرآن، فقد عرت الأزمة الصحية فى الجزائر ظاهرة التعدد، ما أعاد قانون الأسرة المعدل إلى دائرة النقاش مجددا، وهو من المفروض ما يجب فعله وهو إعادة النظر فى القانون، ومحاولة إيجاد حل قانونى دون المساس بقداسية الزواج وتعاليم ديننا الحنيف، الذى أجاز الزواج بأربع شريطة توافر العدل بين الزوجات.

وتتحدث الكاتبة التونسية المتخصصة فى قضايا المرأة آمنة طرابلسى قائلة: تعتبر تونس أول دولة عربية تلغى رسميا تعدد الزوجات فى عام 1956. فى عهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، وفى العصر الحالي، لا تزال تونس واحدة من الدول القلائل ذات الأغلبية المسلمة التى اعتمدت قانون منع تعدد الزوجات، بحيث يعاقب القانون التونسى، على تعدد الزوجات بعقوبات تصل حد السجن كعامل ردع لتقليل الظاهرة ونزعها من المجتمع، وقد تضمنت مجلة "الأحوال الشخصية" أحكاما وعقوبات تطبق على كل من يخترق هذا القانون.

وبرغم المحاولات البائسة والقليلة من أجل عودة الجدل حول موضوع تعدد الزوجات منذ ما بعد الثورة التونسية، فإن كل تلك الفرقعات لا علاقة لها بواقع المرأة التونسية، ولا باهتماماتها ولا تمس الواقع المعيشى للشعب التونسي. بل إنها تشوش على استحقاقات العدالة الاجتماعية والعيش الكريم وعكس هذا يبقى كلاما سرمديا مدفوع الأجر يستغل لأغراض حزبية ضيقة. ومنذ اعتماد هذا القانون فى الدستور التونسى فى الخمسينيات لم تطرح مسألة منع تعدد الزوجات كقضية فى الشأن التونسى بل على العكس، لطالما مثلت مصدر فخر للتونسيات من ناحية حفظ كرامتهن وحقوقهن الأسرية.

كلمات البحث