إذا كان فى المسرح مذهب اللامعقول، وفى السينما الخيال العلمى، والسياسة هى فن الممكن، فأعتقد أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد أسس مذهبا جديدا هو سياسة اللامعقول، التى لم تخطر على بال كتاب المسرح والسينما، عندما أمر أنصاره بالتظاهر أمام الكونجرس لكى لا يتم اعتماد نجاح جو بايدن منافسه فى الانتخابات الأمريكية، وظل يردد حتى الآن أن الانتخابات مزورة، وهى تهمة لا أظن أن هناك رئيسًا أمريكيًا قد قالها قبله، وقد تسببت دعوته لأنصاره الى اقتحام مبنى الكونجرس، فى نشر العنف والفوضى مما أدى إلى مقتل 5 أشخاص وإصابة أكثر من خمسين شرطيًا، والقبض على العشرات وإعلان الأحكام العرفية فى العاصمة واشنطن، وأضر بصورة الولايات المتحدة فى العالم، إلا أن الكونجرس أصر على استكمال جلساته وتم اعتماد نجاح جو بايدن كرئيس أمريكى جديد.
وقد أدت هذه التطورات الى الفوضى والانقسام بالحزب الجمهورى، وتوالت الاستقالات من وزراء ومسئولين من إدارة ترامب احتجاجا على الدور الذى لعبه بخطابه التحريضى فى اقتحام الكونجرس، وأغلق موقع تويتر حساب ترامب نهائيا، وعدد من المساعدين له، لأنهم روجوا لنظريات المؤامرة.
ورغم أن ترامب لم يعترف أبدا بسقوطه فى الانتخابات، فإنه صرح بأنه سينافس فى انتخابات 2024، الاحداث الأخيرة قد لا تكون وضعت حدا لمستقبله السياسى فقط، بل تسود الآن تحركات لعزله من منصبه ومحاكمته رغم أنه لم يتبق له فى الحكم إلا أيام معدودة، فهل ينجح الكونجرس فى مسعاه، أم ينجح ترامب فى إصدار عفو عن نفسه كما يريد؟.