فى عام 410 ميلادية، هاجم البرابرة الأوروبيون روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية. استباحوا بيوت الأغنياء 3 أيام. تصور الناس أن العالم وصل لنهايته. كان الغزو بداية انهيار الإمبراطورية.
فى 6 يناير 2021، هاجم غوغاء بيض الكونجرس الأمريكى. لأول مرة تتعرض واشنطن للهجوم منذ 1814، عندما اقتحمها البريطانيون وأحرقوا البيت الأبيض. تجول الغوغاء بمجلس الشيوخ مهددين النواب حتى لا يصادقوا على فوز بايدن بالانتخابات. اختبأ النواب المرتعشون أسفل مكاتبهم.
سمها ما شئت: محاولة انقلاب، انتهاكا للدستور. المؤكد أن ما حدث ليس سوى بداية الانفجار الكبير. على مدى 4 سنوات، شحن ترامب الذكور البيض الغاضبين لأن أمريكا لم تعد لهم، وأن الغرباء والمتخلفين من الأقليات والمهاجرين سيطروا على المشهد.عاش البيض طويلا على وقع شعار: أنا أضع القواعد والآخرون يسيرون عليها. لم يعد ذلك ممكنا. تولى أسود الرئاسة. امتلأ الكونجرس بمشرعين من أصول وعرقيات متعددة. أعداد الملونين تتزايد والبيض يتناقصون. ماذا بقى لهؤلاء الذكور؟ بقى ترامب، اعتقدوا أنه سيعيد إليهم (أمريكتهم). لم يقصر الرجل. نفخ فى تطرفهم وانحاز لهم. لم يحاول يوما إدانة سلوكياتهم العنيفة. فقط، كان ينصحهم: تراجعوا وابقوا مستعدين.
لكنه خسر الانتخابات، زورها اليسار، حسب اعتقادهم، فما الذى يبكون عليه؟ هبوا للدفاع عن القومية البيضاء. لبوا النداء وتجمعوا، ثم اقتحموا الكونجرس. لأسابيع خلت، اعتبر ترامب أن 6 يناير يوم الحساب. الكارثة أن يوم الحساب سيمتد طويلا. كان مجرد موجة عنف ستليها موجات وصدمات. المشكلة لم تعد فى ترامب فقط بل فى خزان الغضب الذى يعيش عليه ملايين البيض. لم يعد الأمر خلافا سياسيا أو انقساما عموديا. هناك معسكران مستعدان لاستخدام كل وسيلة لإزاحة الآخر، بما فى ذلك السلاح. اليسار المتطرف مارس دوره قبل شهور خلال اضطرابات أعقبت قتل الشرطة مواطنا أسود. اليمين الأشد تطرفا لم يتوقف عن استعراض قوته مدعوما بسياسيين شعبويين وجماعات تدعو لامتلاك السلاح ومنظمات متعصبة.
فى 20 يناير، سيصبح بايدن رئيسا لكن ماراثون نزع شرعية حكمه سيتواصل. اقتحام الكونجرس مجرد بروفة. أمريكا دخلت عصر اللايقين.