Close ad

تنظيم الأسرة في عصر ما بعد الحداثة؟!

10-1-2021 | 00:14

ترتب على ثورة تكنولوجيا الاتصالات تغيرات كبيرة في البناء الاجتماعي للمجتمعات في جميع أنحاء العالم بوجه عام؛ مما انعكس على قضايا ومشكلات المجتمعات بوجه عام، وبالطبع هناك اختلافات من مجتمع لآخر، ولكنها في معظمها اختلافات نسبية بمعنى هناك سمات عامة لحد كبير في معظم المجتمعات بالنسبة لقضايا ومشكلات المجتمع مع اختلاف في الدرجة أو حدة هذه القضايا والمشكلات.

ومن أهم هذه القضايا قضية الأسرة وما يرتبط بها من قضايا تنظيم النسل وعدد السكان والمواليد والوفيات، ونسبة زيادة السكان والزواج والطلاق وخلافه؛ حيث تشير الإحصاءات الأخيرة في معظم بلدان العالم إلى تغيرات كبيرة بدأت ملامحها في الظهور ومنها الآتي:

انخفاض معدلات الزواج مع تزايد معدلات الطلاق، حيث تشير الإحصاءات في مصر إلى أن عقود الزواج انخفضت في السنوات الأخيرة بمعدل يقترب من 3% سنويًا في حين ارتفعت معدلات الطلاق بنحو 7%، وانخفضت بالتالي معدلات الزيادة الطبيعية إلى أقل من 2%.

وهذه ظواهر منتشرة في كثير من بلدان العالم، فنجد على سبيل المثال في ألمانيا تراجعت نسبة زواج البالغين من 75% عام 2013 إلى 63% عام 2019، في مقابل ارتفاع نسبة الطلاق بنحو 1% سنويًا.

وفى الصين انخفض الزواج بنحو 7% في حين ارتفع الطلاق من نحو 2% عام 2013 إلى أكثر من 3% عام 2018، وفى إسرائيل ارتفع الطلاق بنحو 11% من عام  1970 إلى عام 2018، وبالنسبة للزواج انخفضت أيضًا معدلاته؛ وهذا يعنى أن هناك ظواهر عالمية والمتوقع تزايد هذه النسب بشكل كبير خلال سنوات قليلة سوف ينتشر الروبوت والزواج من الروبوت بشكل يقدره البعض بـ50% من الزيجات عام 2030 في إنجلترا، وبالطبع سوف ينتشر ذلك بنسبة أو أخرى في بقية دول العالم.

والآن كثير من دول العالم تعانى مشكلة تناقص السكان؛ مما يهدد بـانقراض الجنس البشري، حيث تشير الإحصاءات إلى أن هناك عدة دول تتناقص سنويًا، ومنها على سبيل المثال ألمانيا بمعدل تناقص 07% وكوبا 08% وبمعدلات متقاربة كل من اليابان وروسيا والمجر وكوبا وغيرهم وهذا قد يعنى أن المشكلة القادمة ليست زيادة السكان، ولكنها غالبًا ستكون تناقص السكان وحتى مصر تناقصت نسبة الزيادة الطبيعية إلى أقل من 2% في السنوات الأخيرة وكانت تصل إلى نحو 4% في الستينيات، وهناك أسباب متعددة لذلك تبدأ بثورة التكنولوجيا والاتصالات وانعكاساتها على القيم والعلاقات الإنسانية مع ارتفاع أسعار المسكن ومتطلبات الزواج مع الابتعاد عن الدين وضعف القيم الدينية والأسرية وثقافة العولمة والقيم الغربية الناتجة عن الغزو الفكري والثقافي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وما يسمى بالحريات الشخصية والبعد عن الدين وغياب القدوة والتماسك الأسري وانتشار العنف والبطالة وغيرها من أسباب سوف تغير كثيرًا من مشكلات وأولويات كافة المجتمعات وبالنسبة لمصر تحديدًا من المؤكد أن هناك مشكلات لبعض الفئات محدودة التعليم والثقافة فيما يتعلق بـتنظيم الأسرة.

ولكن حل هذه المشكلات يكون من خلال نشر إلزامية التعليم في مراحله الأساسية وتحسين نوعية وجودة التعليم ليكون مناسبًا لمستجدات عصر ما بعد الحداثة، خاصة أن مع انتشار زواج الروبوت سوف تعانى كثير من الدول من مشكلة تناقص السكان، وسوف تضطر لجذب عمالة أجنبية من الخارج وهذا ما يحدث الآن فعلًا من دولة مثل ألمانيا، وبالتالي يتوقع في المستقبل القريب تزايد الطلب على علماء وخبراء وعمال مصر وللعلم وفقًا لتصريحات وزيرة الهجرة المصرية بلغ عدد المهاجرين المصريين نحو 13 مليون مصري يعملون بالخارج أي بنسبة نحو 13% من إجمالي عدد السكان وهم يمثلون المصدر الأول للدخل القومي بنحو 27 مليار دولار سنويا، وهى نسبة عالية يتوقع أن تتزايد هجرة المصريين على المدى البعيد لانخفاض متوسط الدخل في مصر وأيضًا لمهارة وخبرة وتاريخ الإنسان المصري الذي أعتبره ثروة مصر الحقيقية.

لأن الإنسان المصري نتاج حضارة آلاف السنوات وهو من علم الدنيا القراءة والكتابة والزراعة والعدالة وصاحب أقدم المهن والحرف، ومن هنا أهمية الاستعداد للاستفادة بهذه الثروة البشرية من خلال الاهتمام بتعليمة على كافة المستويات، بداية من العمالة الفنية للتعامل مع تكنولوجيا العصر مثل الروبوت وخلافه إلى أساليب الزراعة الحديثة والتعليم والطب وكافة المجالات.

فالإنسان المصري هو القوى الناعمة التي تملكها مصر، وعلينا الاستعداد لمواجهة متطلبات عصر ما بعد الحداثة ومتطلباته قبل أن نعانى من مشكلة ندرة السكان كما أتوقع، فهذه مهمة علماء الاجتماع بالتنبؤ بالمشكلات والمتغيرات المجتمعية وكيفية مواجهتا والله ولى التوفيق.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة