أسوان تتجمل، وتذكر العالم باللواء محمد صالح حرب باشا، صاحب لقب القائد العام «37» للقوات المسلحة المصرية، ابن جزيرة الحربياب. يأتى تكريم حرب باشا، بإقامة تمثال خاص له ضمن مشروع التطوير الحضارى، الذى يطول أغلب شوارع وميادين وأسواق أسوان بتكلفة تبلغ نحو 270 مليون جنيه، تحت إشراف مباشر من محافظها اللواء أشرف عطية.
موضوعات مقترحة
واستجاب المشروع لدعوة لعدد من الفنانين ووزارة الثقافة، لإقامة ساحة مفتوحة تضم عددا من الأعمال الإبداعية التراثية بقلب «حديقة درة النيل»، المتاخمة لكورنيش النيل.
وتضم الساحة تمثالين لاثنين من أبناء المحافظة شغلا منصب «القائد العام للقوات المسلحة المصرية»، هما المشير محمد حسين طنطاوى، واللواء محمد صالح حرب باشا.
عدو الاستعمار
وحرب باشا، هو ابن جزيرة الحربياب بمركز دراو فى شمال أسوان، حفظ القرآن طفلا قبل أن يلتحق بمدرسة أسوان الابتدائية، وتزامل هناك مع المفكر العملاق عباس محمود العقاد فى فصل واحد، والتحق بعد ذلك، بمدرسة خفر السواحل، ليتخرج فيها عام 1903 برتبة ملازم ثان، وترقى إلى منصب الحاكم العسكرى والمدنى، لمنطقة مرسى مطروح وسيوة، وارتبط بحركة المقاومة للاستعمار الإيطالى فى ليبيا، بقيادة المجاهد الكبير عمر المختار.
وفى نوفمبر من عام1915، تولى قيادة حركة ثورية مسلحة ضد الاحتلال الإنجليزى، وتمكن من حشد قبائل مرسى مطروح، التى انضمت للقوات المصرية والقوات السنوسية، معلنا الثورة العسكرية فى صحراء مصر الغربية.
وظل يحارب الإنجليز ثلاثة أعوام متصلة، تحت لواء جيش المجاهدين، الذى تفكك بمكيدة إنجليزية، وانشقاق داخل البيت السنوسى. واتجه حرب باشا بعدها إلى تركيا، حتى تولى سعد باشا زغلول، رئاسة الوزارء، وأصدر عفوا عن المنفيين والهاربين. فعاد صالح حرب إلى مصر ليستكمل مشواره السياسى، ورشح نفسه فى انتخابات مجلس النواب عن دائرة أسوان مسقط رأسه، وانتخب كبرلمانى، فى الفترة من 1926 إلى 1930، وبعدها اختير وكيلا لمصلحة السجون، ثم مديرا لخفر السواحل من عام 1930الى عام1939، وفى وزارة على ماهر باشا تم اختياره وزيرا للدفاع من عام1939 إلى عام 1940، ثم اختير رئيسا للمركز العام لجمعية الشبان المسلمين حتى عام 1967.
وكانت له مواقف وطنية ضد سياسة الاحتلال الإنجليزى، فصدر قرار بتحديد إقامته بأسوان من عام 1942 إلى عام 1945، وبعد رفع الأحكام العرفية عاد لممارسة نشاطه السياسى، حتى توفى عام 1968.
حرب وياسين
أما عن حكاية صالح حرب مع ياسين الشخصية الفلكلورية، حبيب بهية، التى تتغنى المواويل ببطولاته.. يقول صالح حرب باشا فى مذكراته، ان ياسين ما هو إلا شقى مجرم، كان قاتلا مأجورا، روع محافظتى أسوان وقنا، واستطاع حرب أن يرديه قتيلا داخل مخبئه فى كهف بالجبل الشرقى، فى بلدة المحاميد، بشمال أسوان.
وحول هذه الواقعة، يقول الباشا فى مذكراته.. أنه بعد تخرجه فى مدرسة خفر السواحل عام 1903، عمل بالمنطقة الحدودية بأسوان وبينما هو فى طريقه مع قوات الهجانة إلى بلدة حلفا على الحدود الجنوبية لشراء جمال، أبلغه أومباشى الفرقة، برصد رجل يتابع تحرك القوات من أحد الجبال الشرقية، حاملا سلاحا.
ويضيف حرب حاكيا: «فاصطحبت بعض رجال الهجانة وصعدنا الجبل فاختفى الرجل، إلا أن رجال الهجانة تتبعوا أثره الذى انتهى بإحدى المغارات، وبمجرد اقترابنا أطلق النار علينا، مما يؤكد أنه الشقى ياسين الهارب من القانون، وبادلناه إطلاق النار، وكان الشائع أن الرصاص لا يؤثر على ياسين بسبب السحر!! وصممت على القبض عليه، خاصة وأن أحد العساكر أصيب من طلقاته، وحاصرنا المغارة».
ويكمل حرب باشا كيف استعان بالبوص والقش، ليشعل النيران أمام مدخل المغارة، ليتسبب الدخان الكثيف بإجبار الشقى على مغادرتها ليجد رصاص الأمن فى استقباله حتى أصابته رصاصة بقلبه أودت بحياته.
وقد قام حرب باشا بتفقد مغارة ياسين، ليجدها مجهزة بكل وسائل الراحة، من طعام وشراب، وبعد إطلاع زوجته، وتدعى بهية على خبر مقتله، يقول صالح حرب إن الزوجة أطلقت «الزغاريد»، مرددة: «بركة لى بركة لى».. ويضيف الباشا فى مذكراته كيف أن مأمور نقطة المحاميد تهلل لخبر مقتل ياسين، قائلا: « تخلصنا من شيطان رجيم».
ولم تمض أيام قليلة على إذاعة خبر مصرع ياسين، حتى نظم أحد شعراء الصعيد موالا يقول: « يابهية وخبرينى على اللى قتل ياسين».. وقد ألف الشاعر الراحل نجيب سرور مسرحية خيالية تحكى قصة ياسين باعتباره بطلا شعبيا عنوانها «ياسين وبهية».
نقلا عن صحيفة الأهرام