حققت وزارة البيئة خلال السنوات الماضية نجاحا لافتا في عدد من الملفات في إطار استراتيجة الدولة للحد من ملوثات الهواء والإضرار بصحة وسلامة المواطنين وفي مقدمتها مواجهة ظاهرة السحابة السوداء التي جسدت كابوسًا سنويًا بدءا من شهر سبتمبر وحتى منتصف أكتوبر يضر بصحة المواطنين بسبب حرق قش الأرز.
موضوعات مقترحة
نجاح جهود وزارة البيئة بالتعاون مع وزارة الزراعة في التعامل مع ملف حرق قش الأرز لم يتوقف فقط عند تقليل تكلفة التدهور البيئي الناتج عنه، ولكن امتد لتعظيم استفادة الدولة الاقتصادية من قش الأرز وتحويله إلى مصدر للدخل يساهم في خلق فرص عمل خلال علميات الجمع والتدوير والبيع.
توفير مليار جنيه
ووفقا لإحصائيات وزارة البيئة فإن العمل على ملف المخلفات الزراعية وخاصة تحويل قش الأرز لسماد وعلف، وفر مليار جنيه، وساهم في خلق 26 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للعاملين خلال موسم الأرز التي امتدت لمدة شهرين ونصف خلال الفترة الماضية، حيث تم فتح العديد من المواقع ودعم المزارعين بمعدات الجمع والكبس وعقد ندوات إرشادية وتوعوية بالاستفادة من هذه المخالفات حفاظا على البيئة.
622 ألف طن قش أرز
وأوضحت الإحصائيات أن وزارة البيئة بالتعاون مع وزارتي الزراعة والتنمية المحلية تمكنت خلال الموسم الماضي من تجميع ما يقرب من 622 ألف طن قش أرز أى ما يعادل نسبة 120%من المستهدف تجميعه هذا العام من خلال 700 موقع لتجميع القش.
سماد عضوي
نقيب الزراعيين الدكتور سيد خليفة قال لـ"بوابة الأهرام"، إن تجربة الدولة في التعامل مع "قش الأرز" وتحويله إلى سماد عضوي تعد من أنجح تجارب الحكومة على مدار السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن التعاون بين الوزارات وأجهزة الدولة المختلفة بطريقة عملية قادرة على تحقيق المستحيل.
وأضاف خليفة أن تحويل قش الأرز إلى سماد بدأ بتجارب صغيرة قام بها قسم الإرشاد بوزارة الزراعة بالتعاون مع وزارة البيئة، وقوبلت بتجاوب كبير من قبل المزارعين بسبب شعورهم بصدق تحركات الدولة للتعامل مع الملف خاصة أن قش الأرز كان يمثل أزمة للفلاحين وتنعدم الاستفادة المادية منه.
وأشار نقيب الزراعيين إلى أن مصر تزرع سنويا نحو 1.2 مليون فدان أرز، في 6 محافظات بشمال الدلتا، ينتج عنهم نحو 4 ملايين طن قش، كان يتم حرقهم، أما الآن يتم تجميع قش الأرز وكبسه في مكابس قامت وزارة البيئة بتوفيرها، تمهيدًا لتحويلها إلى سماد عضوي وأعلاف خضراء.
وعبر خليفة عن أمله أن تمتد تجربة التعامل مع قش الأرز لباقي المخلفات الزراعية المنتجة في مصر سنويا والمقدرة بنحو 47 مليار طن، لافتًا إلى أن ما يتم تدويره حاليا لا يتجاوز 3 ملايين طن وهو رقم متواضع، مطالبا وزارة البيئة، بنقل معداتها التي يتم استخدمها في الدلتا خلال موسم حصاد الأرز، إلى الجنوب للتخلص بشكل كامل من المخلفات الزراعية للقصب والذرة وغيرها من المحاصيل.
صناعة الورق
وأشارالخبير البيئي الدكتور مجدي علام إلى إمكانية استخدام قش الأرز في صناعة الورق، موضحًا أنها صناعة كبيرة لها مردود اقتصادي مرتفع، خاصة مصر تستورد كميات كبيرة من الورق ما يمثل ضغطًا على النقد الأجنبي، وخلال السنوات الأخيرة لمست الصحف الورقية أزمة في استيراد الورق.
ولفت علام إلى أن مصر تمتلك فرصة ذهبية في استغلال قش الأرز لصناعة الورق واختراق هذا المجال عالميًا بعد أن توقفت معظم دول العالم عن صناعة الورق؛ لاعتمادها على قطع الأخشاب، ولما لها من مردود سلبي على ظاهرة التغيرات المناخية
وأشار علام إلى تجربة الصين في صناعة الورق من قش الأرز، لافتًا إلى أن التعاون مع بكين في هذا المجال بما لديها من خبرات وتكنولوجيا يجعل مصر قادرة على إنجاح مشروع صناعة الورق من قش الأرز، إضافة إلى إعادة استخدام مخلفات الورق التي تنتجها مصر بكميات وفيرة سنويًا.