أكتب هذه الكلمات بعد زيارة لـمدينة رأس البر لمدة عشرة أيام، أوحت لى ببعض الأفكار التى أحب أن أعرضها هنا، انطلاقا ليس فقط من حبى وتفضيلى لها، وإنما أيضا من تقدير موضوعى لإمكانات كبيرة تمتلكها تلك المدينة الساحلية الفريدة بـمحافظة دمياط.
إن نشأة رأس البر كمصيف متميز تعود إلى مائتى عام فى عهد محمد علي باشا، ثم أسهم حكام مصر بعده فى صياغة ملامحها الحالية بعد أن اكتشفها العالم الألمانى روبرت كوخ الذى كان قد زار مصر لمساعدتها فى مواجهة وباء الكوليرا فرأى فيها منتجعا رائعا من الناحية الصحية، فضلا عن موقعها الفريد عند التقاء النيل بالبحر.
ولم يكن من الغريب أن سعى كثير من محافظى دمياط إلى إضفاء بصمة تطوير أو تحسين أو تجميل لتلك المدينة الفريدة. ولم تشذ محافظة دمياط الحالية د. منال عوض عن تلك القاعدة فأضفت على شوارع المدينة ومتاجرها لمسات تهذيب وتجميل ملموسة لا شك فيها.
غير أننى أعتقد أن خصوصية رأس البر، وإمكاناتها الهائلة المتعددة، جديرة بأن تجعلها مستحقة عن جدارة لأن تكون مدينة ذات طابع خاص أسوة بـمدينة الأقصر.
صحيح أن الأقصر لها مكانتها الخاصة العالمية باعتبارها تضم أهم آثار مصر الفرعونية، ولكن فى المقابل تستمد رأس البر مكانتها الخاصة من موقعها الفريد عند التقاء النهر بالبحر، ومن غنى وخصوبة وتعدد مقاصدها السياحية على النيل والبحر، والتى تجذب إليها الملايين كل عام.
ولم تكن مصادفة أن قامت واحدة من أكبر سلاسل الفنادق فى أوروبا بإنشاء فندق لها فى المدينة، سوف يحفز بدوره فنادق المدينة الأخرى القديمة والعريقة لتطوير نفسها.
فى هذا السياق، فإن تحويل رأس البر لمدينة ذات طابع خاص بما يتيحه من استقلاليتها الإدارية، وتكوين مجلس أعلى لها يساعد فى تقديرى على المزيد من تطوير المدينة، ويسهم على وجه الخصوص فى مواجهة مشكلتين عويصتين، أى مشكلة التجاوزات الكثيرة للقانون ولقواعد البناء، ومشكلة ضعف النظافة التى تعانيها رأس البر مثل مصر كلها!
* نقلًا عن صحيفة الأهرام