هل كنت تتوقع شيئا غير ذلك؟ ألسنا نعيش هذه الدراما منذ 2016. الفارق فقط أن المخرج أراد تكثيف الأحداث وزاد من جرعات الإثارة والتشويق والمفاجآت كى تليق بليلة كان مفترضا أن تشهد نهاية المسلسل بالإعلان عن الفائز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية. سهر الأمريكيون والعالم، فحصدوا الحيرة الممزوجة بالأرق وانتفاخ العيون مع تعهد المخرج باستمرار المسلسل أياما وأسابيع.
الديكور مبهر. الإعلام يتابع النتائج لحظة بلحظة. هنا، فاز ترامب، وهناك اقتنص بايدن أصواتا بالمجمع الانتخابي. الخبراء يحللون والإحصاءات والرسوم البيانية تجعلك تشعر بأن الانتخابات من كوكب تاني. لكن، من فضلك، لا تتسرع. هنا فقط تتميز أمريكا، أما الباقي، فلا يختلف عما يحدث بالعالم الثالث.. هل رأيت انتخابات يتم الطعن بصحتها بينما لم يكتمل الفرز؟.
يخرج بايدن ويقول إنه على الطريق الصحيح للفوز، ولابد من فرز كل الأصوات. فورا، يغرد ترامب بأن الديمقراطيين يحاولون سرقة الانتخابات ليلغى تويتر التويتة، التى لا دليل على صحتها. يعقد الرئيس مؤتمرا صحفيا، هو الأعجب بدنيا السياسة لكنه ليس جديدا عليه. لقد فزنا بالفعل.. هكذا حسم الأمر، ورغم ذلك، جزم: سنذهب للمحكمة، ونتهم الديمقراطيين بالتزوير. كثيرون اعتقدوا أن تمرد ترامب على «السفينة أمريكا» شارف النهاية، لكن يبدو أننا مازلنا أبعد ما نكون عن تلك اللحظة التى ربما تمتد 4 سنوات أخري. عندها لن يكون التمرد وصفا دقيقا. قد يصبح ثورة ترامبية تغير ملامح المجتمع الأمريكى لعقود قادمة.
كان الديمقراطيون يمنون أنفسهم بتوجيه ضربة خطافية ساحقة تطرح ترامب أرضا، وتجعله يخسر بشكل مذل، لكنه نجح بتجنبها، وجرهم لجولات أخري، ربما أعلنته فائزا أو ألقت بخصمه فى البيت الأبيض، ولكن، وهو مثخن الجراح منقوص الشرعية.
وإلى أن تحين لحظة الحقيقة، ونعرف من رئيس أمريكا المقبل، سنشهد معركة كبيرة، جنودها مئات المحامين الذين سيطعنون بكل صوت للخصم بالولايات المتأرجحة، وجنرالاتها سياسيون حزبيون وقائداها ترامب وبايدن. وحتى تسكت المدافع، لا مجال للحديث عن سياسة خارجية أو داخلية ولا عن كورونا أو الصين. فقط، معركة توم وجيرى أقصد ترامب وبايدن.!
نقلا عن صحيفة الأهرام