أن نتفهم صحيح ديننا وما فيه من احترام للعقل والعلم والحضارة والتنوير نصل بالإنسان إلى اعلى مراتب إنسانيته وان نتخلق بخلق الرسول الكريم صلوات الله عليه فى يوم مولده وفى كل يوم وان نطلق منصات عالمية تبدد الجهالة التى فعلها جهلاء عن وعى أو غير وعى بفهم مغلوط لصحيح الدين أو بوضعه غطاء لأطماع ومخططات لتدمير الدول والشعوب أو لتوازنات ومغازلات سياسية لجميع الأطراف ولإيقاف الخلط بين الفوضى والتطرف وزراعة الكراهية والعداوة بين الشعوب وبين احترام الحريات .
معان تستوجب الوقوف أمامها فى الاحتفال بالذكرى العطرة لمولده الكريم تستوجب تدارس كيفية تحويلها إلى وقائع حياة وايمانات ويقين عقلى وروحى تعيد للبشرية توازنها وتهدئ من روعها ومخاوفها وتقضى على المسافات بين صحيح الاديان والرسالات والاستخدامات المغرضة السياسية وغير السياسية ومواجهة ما عرفنا وما لم نعرف بعد وكان من أبشعها فيروس كورونا الذى كنت أعد للكتابة عنه وعن حالة الفزع التى اجتاحت العالم بسببه والتى لم تستطع أن ترد للكيانات الكبرى خاصة الدول صاحبة التاريخ الاستعمارى المذل للشعوب.. وأن اكتب أيضا عما يتهددنا من أخطار وتحديات أخرى وحتى لا ينسينا الاهتمام الواجب بالفيروس والبحث عن أمصال وعلاجات الالتفات الى مخاطر واشكاليات صحية أكدتها توجيهات الرئاسة بعد ثورة 30/6 من سياسات علاجية لتخفف موروثا صحيا ثقيلا ازدادت تهديداته بالإهمال واللامبالاة بصحة المواطنين!.
مازلت أذكر ماتناولته فى سلسله طويلة من مقالاتى على صفحات «الأهرام» فى تسعينيات القرن الماضى وثقتها بشهادات علماء وخبراء ثقاة ومستقلين عما يتهدد المصريين من أمراض وكيف أصبح حتى الغذاء يحمل لهم كثيرا من الاخطار، وبعد ان كان الغذاء النظيف والآمن فى مقدمة أسباب صحتهم وعبقريتهم .. وكيف تراجعت سلامة التربة والزرع والمياه والحيوان والاسماك بمشروعات واستخدامات إجرامية للهندسة الوراثية حاولت حتى أن تعبث وتغير الجينات الوراثية للانسان وكل ما يتكون منه الأمن الحيوى والصحى والغذائي .. وفى مختلف مجالات هذا الأمن القومى نشرت آراء ودراسات بالغة الخطورة لأساتذة أجلاء وأطباء كبار حذرت من مهددات وملوثات كثيرة فى الأسمدة والمبيدات الحشرية والأعلاف المليئة بالهرمونات التى تتغذى عليها الثروة الداجنة والاسماك.
استعدت ما كتبته من مخاوف وتحذيرات ونداءات لم تجد من يستجيب لها، خاصة وأنا أتابع خلال السنوات القليلة الماضية الأعداد الضخمة من افتتاحات مستشفيات ومراكز علاج الاورام فى أنحاء الجمهورية وكثافة دعوات التبرع لها ... تابعتها أيضا من خلال تشرفى بعضوية مجلس ادارة معهد الاورام منذ سنوات طويلة والجهود الضخمة التى يقدمها المعهد لتوفير العلاج المجانى للأعداد الضخمة من المرضى الذين يقصدونه من جميع المحافظات ثقة فى مستوى العلاج فيه بالاضافة الى ما عرفت من تكاليف وارقام ضخمة يتكلفها العلاج فى المستشفيات والمراكز الخاصة مما يفوق قدرة حتى من لديهم نفقات العلاج الخاص...هذه الملايين الذين يعيشون تحت خطوط الفقر والذين التحقت بهم جموع الطبقة المتوسطة من الم ومعاناة فوق طاقة البشر وبروتوكولات وأنظمة علاجية لها هى الاخرى تبعاتها وآلامها ... كتب الله النجاة والشفاء للجميع وأتاح للدولة أن تأخذ بكل اسباب تخفيف مسبباته البيئية والغذائية والصحية والاجتماعية والثقافية.
حاولت أن أوثق معلومات عن نسبة انتشار المرض والى أين وصل ما وضع من بروتوكولات علاجية من كبار علمائنا واطبائنا، واعتذر عما قد اكون لم أوفق فى الوصول إليه فهى فى النهاية محاولة مخلصة بقدر ما شاهدت وتابعت من آلام ومعاناة لغياب الوعى بالمرض والاكتشافات المتأخرة وفى مراحل يصبح فيها العلاج اذا أمكن الوصول اليه غير مجد ودعوة لوضع برنامج قومى فى اطار السياسات الصحية للدولة يوفر أنظمة وقائية وعلاجية تناسب الأوضاع الاقتصادية الصعبة للملايين.
وهذه مقتطفات من هذه المعلومات، فى عام 2011 شكلت لجنة قومية قامت بوضع إستراتيجية قوميه لمكافحة السرطان ودعم السجل القومى لتسجيل المرضى ووقعت اتفاقية ثلاثية بين وزارات الصحة والتعليم العالى والاتصالات عام 2008 كما تم وضع ارشادات علاجية قومية تدعمها الدولة للالتزام بها فى معاهد واقسام ومراكز علاج الاورام وظلت اللجنة تقوم بهذا الدور بالغ الاهمية حتى عام 2018 ومن خلالها تم تحديث الارشادات وبروتوكولات العلاج أعوام 2014 و2016 و 2018، وأعلن أول تعداد لحالات الاورام لمعرفة حجم المشكلة 2014وتم تحديثه 2018 ومن خلاله ظهر ان سرطان الثدى هو الاكثر انتشار بين النساء وسرطان الكبد هو الاعلى بين الرجال فى مصر ومنذ عام 2018 توقف الدعم والتطبيق وأعلنت منظمة الصحة العالمية اعتمادا على السجل القومى للاورام فى مصر أن نسبة الاصابة به بلغت 128 حالة جديدة لكل 100 الف نسمة وانه بافتراض القضاء على جميع مسببات هذا المرض وهو من الامور الصعبة فعدد المرضى سيزداد بسبب زيادة السكان و متوسط أعمار المصريين وأنه من المتوقع ان يكون أعداد مرضى السرطان فى عام 2050 ثلاثة أضعاف الاعداد الحالية وما زال سرطان الثدى الاعلى بين السيدات وقد يكون الاعلى بين كثير من الدول النامية ويبدأ فى سن مبكرة عن أغلب هذه الدول الذى ينتشر فيها وضرورة الاهتمام بالكشف المبكر والذى يتوافر حاليا وسرطان الكبد الاعلى بين الرجال ويليه سرطان المثانة الذى انخفضت معدلاته للقضاء على البلهارسيا ..
أعود لأؤكد ان ما أحدثه وباء كورونا من فزع للعالم ولنا وسيطر على جميع اهتماماتنا يجب ألا ينسينا الاهتمام الواجب بما لا يقل خطورة عن الوباء وقد أشرت الى المقدمات والاسباب التى جعلته من أخطر ما يهدد المصريين والسؤال الذى ينتظر اجابه عليه عن اسباب توقف لجنة قومية تشكلت عام 2011 لتؤدى المهمة القومية والاخلاقية للارشاد وصناعة الوعى ووضع بروتوكولات العلاج الانسانية والاقتصادية فى جميع معاهد واقسام ومراكز علاج الاورام.
لا أريد ان اثير فزعا أو مخاوف من الاورام ويكفينا فزع وباء كورونا ـ خاصة بعد تقدم وتطور انظمة علاج الاورام، فقط تمنيت ان يتكامل الشفاء العقلى والروحى بتطبيق وتفهم صحيح الدين، والاستشفاء العلاجى والإنسانى والاقتصادى وشفاء البيئة من التلوث والاهمال رغم التصريحات البراقه كأسس وركائز لخطط وسياسات بناء الانسان .
نقلا عن صحيفة الأهرام