Close ad

لمسات الرئيس وحزبه

21-10-2020 | 04:34

يبدو أن كثيرين مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية باتوا يفضلون طرح السؤال عن تأثير فوز أحد المرشحين على العلاقات مع مصر.. 
 
ومن الواضح أيضًا أن السؤال يستهدف ماذا لو فاز جو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي؛ لأنه لن يكون ذو معنى في حالة بقاء دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري رئيسًا للولايات المتحدة.. 
 
والرئيس في البيت الأبيض، رغم اللمسات الشخصية، يحكم من خلال قاعدة مؤسسات، ترتكز على مبادئ حزبه، والخارجية والبنتاجون (وزارة الدفاع) والكونجرس، ومراكز عدة لاتخاذ القرار، وجماعات ضغط ومصالح.. 
 
وفي بحث رأسي في تاريخ زعماء البيت الأبيض نكتشف خرافة يُروج لها حاليًا عن تأثير الحاكم القادم من الديمقراطيين في ضعف أو تأزم العلاقات مع مصر.. 
 
وفي التاريخ القريب فإن جيمي كارتر الذي كان صديقًا مقربًا من السادات وساعده في كامب ديفيد بكل ما يملك من قوة كان ديمقراطيًا.. والديمقراطي بيل كلينتون (وليست زوجته هيلاري) كان صديقًا لمصر وللعرب، وتمنى التوصل إلى حل نهائي للصراع العربي الإسرائيلي، وصنع ودعم اتصالات ومؤتمرات عدة للتوصل إلى هذا الحل، غطيت أحدها صحفيًا في شرم الشيخ، من دون جدوى، بسبب التعنت الإسرائيلي الدائم، وغياب الدهاء عن القادة الفلسطينيين ليظفروا بحل.
 
وقامت ثورة يوليو، التي يقال إن الأمريكيين دعموها ليلة قيامها في ظل حكومة هاري ترومان الديمقراطي، وكان ديمقراطيًا جون كنيدي رجل البيت الأبيض المتعاطف مع مأساة اللاجئين الفلسطينيين، ومر هو وجمال عبدالناصر في فترة من الدفء في العلاقات عبرت عنها رسائلهما المتبادلة الـ 91، التي كُشف النقاب عنها قبل عامين.. 
 
بينما ليندون جونسون وهو ديمقراطي أيضا داعما لإسرائيل في حرب 67 التي انتهت بهزيمة ساحقة للعرب، وبعده جاء ريتشارد نيكسون (جمهوري) ووضع إمكاناته السياسية ومخازنه العسكرية المتطورة ليصور الثغرة بأحدث طائرات الاستطلاع، ويشيد جسرًا جويًا لدعم إسرائيل بعد أن انهارت في حرب أكتوبر 73، ثم جاء ليطوف في سيارة مكشوفة مع السادت في صيف 74 في شوارع القاهرة، عائدًا بالحلم الأمريكي إلى الذهنية الشعبية المصرية.. 
 
بينما الجمهوري رونالد ريجان هو من وجه بخطف طائرة ركاب مصرية تحمل خاطفي السفينة أكيلي لاورو إلى قاعدة في إيطاليا في الثمانينيات.
 
وقد يحكم بضرر حكم ديمقراطي على العلاقات مع مصر، من ينظر إلى فترتي باراك أوباما من 2009 إلى 2017، ولنلاحظ أنها جاءت في العامين الأخيرين من رئاسة مبارك، وكان العامان مثار أزمات ليست في علاقات مبارك بواشنطن فحسب، وإنما بالعديد من الأحزاب والتوجهات السياسية داخل مصر.. كانا عامين من القلق والترقب والحديث عن التوريث والفساد في المحليات، وفي الوقت نفسه رغبة الحاكم الجديد في البيت الأبيض في نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وتمكين المرأة.. فحدث صدام غير معلن بين القاهرة وواشنطن عبر عن نفسه في إيميلات هيلاري المنشورة أخيرًا، وفي طلب أوباما من مبارك الرحيل الآن، واستخدامه كلمة "now" الشهيرة.. 
 
وألاحظ أن سياسيين مصريين يفضلون فوز ترامب الشهر القادم على قاعدة اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش، وأن هناك كيمياء بين الرئيسين المصري والأمريكي، والتعاون الاقتصادي والعسكري الواضح بين البلدين، على الرغم من التنويع الهائل في مصادر السلاح الذي انتهجته مصر، وأن الإدارة الحالية تعي مجريات الأمور في المنطقة، أكثر من غيرها.. 
 
ورغم الخلفية الحزبية لأي رئيس فإن الولايات المتحدة ليس بلدًا ساذجًا ليضحي بمصالحه إرضاءً للعواطف.. فهو بلد براجماتي، وعندما يأتي ترامب أو بايدن فإن العلاقات مع مصر تُرسم على أساس الوزن والتأثير في الإقليم، هنا في الشرق الأوسط، وبالتالي سوف تستمر العلاقات طيبة في حال فوز ترامب، وقد تكون أكثر قوة في حال فوز بايدن.
 
والمثير في الأمر أن قطر وتركيا والإخوان يحاولون إفزاع الحكومة المصرية من إمكانية تأثير فوز بايدن على العلاقات مع واشنطن.. وبعد أن فشلت خطة إثارة الاحتجاجات في مصر في شهر سبتمبر الماضي بجدارة، فإن المأساة هي عدم تصديق قنوات الجزيرة وأخواتها التي تبث من تركيا لما جرى، وقد اختفى كثير من المحرضين من الشاشات، فاجتهدوا جلبًا للرزق، إلى قضية ترامب أم بايدن يكون أكثر ضررًا بمصر..
 
ويبدو أن مصر جاذبة وملفاتها لا تضاهيها ملفات أخرى؛ لأن نسبة المشاهدة العالية لن تتحقق مع أي قضية في أي بلد عربي آخر.. ومحاولة هدم الدولة المصرية بالتشكيك وإثارة الفزع في قضايا وهمية، أهم عندهم من خراب لبنان وليبيا وسوريا، والتطبيع مع إسرائيل، وتعويضات السودان لعائلات أمريكية ليرفع أسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
 
أما صور الإزعاج المقترحة فهي، أن بادين سوف يمنع دول عربية مثل السعودية والإمارات من الدعم الاقتصادي لمصر، وأنه سوف يضغط على القاهرة في ملف حقوق الإنسان.. ولم ير مقترحو هذه الخطوات أنه من الصعب إحداث تغيير واسع في علاقات القاهرة وواشنطن؛ كونها إستراتيجية، ولديها ركائز في الاقتصاد والاستثمار والسلام والأمن والسلاح.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة