في مرحلة الشيخوخة تبدأ معالم الإنسان بالتغير، سواء في المظهر الخارجي للجسم، أو في حالته النفسية والمعنوية، وكذلك الحالة الصحية للجسم، لكن تلك المرحلة رغم ذلك تبدو صعبة التحديد، أو أنها متغيرة بحسب الإنسان نفسه، كما يذهب بعض علماء النفس، الذين ينفون وجود سن محددة يمكن اعتبارها سن الدخول في "مرحلة الشيخوخة".
موضوعات مقترحة
في الغرب مثلا، جرى التعارف على أن مرحلة الشيخوخة تبدأ في الـ"65"، وهو العمر الذي يشير إلى بداية الشيخوخة، ولكن هذا العُرف لا يستند على أسس بيولوجية، فقد يصل بعض الأشخاص إلى عمر السبعين وهم يتمتعون بصحة جيدة، بينما يصيب بعضهم الوهن ويحتاجون إلى رعاية الآخرين، وقد تجد شبابًا في عمر الثلاثين، لكنهم يعانون من "الشيخوخة"، وفي هذه الحالة تعرف بالشيخوخة المبكرة، وفي كل الأحوال، لابد من استعداد الإنسان لمواجهة تلك الأعراض حال مواجهته له في أي سن كان.
وفي التقرير التالي سعت "بوابة الأهرام" لاستطلاع آراء بعض الأطباء النفسيين حول كيفية القضاء على الشيخوخة والاستمتاع بالشباب الدائم.
كلمة السر
يوضح الدكتور وائل وفاء، استشاري تنمية المهارات والعلاقات الإنسانية، أن الشيخوخة تبدأ من إحساس الإنسان بأنه ليس لديه دور في الحياة، وبالتالي ليس لديه ما يقدمه ولا يجد من يعطيه، ومن هذا المنطلق نستطيع القول إن القضاء على الشيخوخة أو تجنب الإحساس والشعور بالشيخوخة ينبع بالأساس من وجود الإنسان في بيئة مناسبة تسمح له أن يكون طبيعيا فيها، وطبيعيا تعني أن يقدم للمجتمع شيئا، وأنه قادر على الإنتاج، وفي ذات الوقت يريد أن يحصل على حب وتعاطف ممن حوله، فهناك مثال ظهر على السوشيال ميديا منذ عدة أيام لرجل يعمل في توصيل البيتزا في إحدى الدول الغربية قارب على التسعين من عمره، ولكن السبب الرئيسي لعمله أنه لازال قادرًا على العطاء، والسبب الآخر لأن معاش الضمان الاجتماعي لا يكفيه، فقرر أن يعمل حتى يستطيع أن يعيش حياة كريمة، لأن هذا الرجل كان يقدم للزبائن أكثر من توصيل البيتزا، فقد كان يقدم لهم الابتسامة والدعم النفسي من خلال الكلمات الطيبة البسيطة بالشكل الذي جعل جميع الزبائن يصرون على تكرار طلبه في توصيل البيتزا إليهم مرات كثيرة، وبالشكل الذي أتاح له أن يجمع أكثر من 12 ألف دولار في فترة وجيزة، لافتًا إلى أن كلمة السر أن هذا الرجل قادر على العطاء طوال الوقت، ووجد من يقدر ما يقوم به من عمل ومجهود، خلاصة الأمر إن أردنا القضاء على الشيخوخة ينبغي أن نقدم لمن حولنا الحب والاحترام والتقدير، والدعم لكل ما يقدمه مهما كان بسيطا.
أنواع الشيخوخة
ويقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن هناك من هو دائم الشباب والحيوية والانطلاق على الرغم من كبر سنه، ونجد أيضا على النقيض تماما شبابا في عمر الـ30 يعيش شيخوخة مبكرة، وخاصة الشخصيات الوسواسية التي بها الكثير من النمطية والتقليدية، مشيرًا إلى أن هناك أنواعا من الشيخوخة، فهناك شيخوخة جسدية وشيخوخة عقلية وشيخوخة كاذبة وشيخوخة مزاجية، وشيخوخة انطوائية.
وأوضح أن الشيخوخة الجسدية هي الشعور بالإجهاد والتعب، أما الشيخوخة المزاجية فهي عبارة عن أن يكون الشخص في حالة فرح وسعادة وطاقة وحيوية، ثم يتحول فجأة إلى شخص مكتئب ولا يبادل المشاعر مع المحيطين به، أما الشيخوخة الانطوائية فهي الأخطر، حيث إنها تصل إلى الوفاة، لافتًا إلى ضرورة شعور المسن من المحيطين حوله بأن له أهمية ولهم قيمة في الحياة، فلو شعر بالدونية وأنكر تواجده سيدخل في حالة اكتئاب ثم الوفاة المبكرة.
روشتة للقضاء على الشيخوخة
ويضيف الدكتور علاء الغندور، استشاري التأهيل النفسي والسلوكي، أن الشيخوخة شيخوخة الروح قبل أن تكون شيخوخة الجسد، فنجد أن بعض الشباب في الثلاثينيات يشعرون بالشيخوخة المبكرة نظرًا لسيطرة التفكير السلبي عليهم وإحساسهم بالعجز والضعف في مقاومة صعوبات الحياة، أما عمن تجاوزوا عمر الستين فأقول لهم أنتم في ربيع العمر، أنتم في مرحلة الاستمتاع الحقيقي بالحياة، وعليكم الاسترخاء والتأمل والاستمتاع بكل لحظة في حياتكم، وعليكم تجديد أوقاتكم السعيدة وذكرياتكم الرائعة في شبابكم بزيارة تلك الأماكن لتذكر هذه الذكريات الجميلة مع من كنتم تحبونهم، وعليكم أن تراجعوا أنفسكم فإن كنتم أخطأتم في حق أحد من الأقارب أو الأصدقاء فعليكم طلب الصفح والسماح منهم، وعليكم البحث عن عمل أو تفكير ذهني بالاطلاع والقراءة حتى تشغلوا أوقاتكم فيما يفيد.
وينصح الغندور بضرورة تجنب الصدامات الأسرية، وأن تكونوا بمثابة الحكيم يوجه حكمته للصغار، وأن يكون المربي للأبناء والأحفاد ولغيرهم من المقربين، وأن يلتقي بأصدقاء الشباب أو أصدقاء العمر بين الحين والآخر، ليتبادلوا الذكريات ويوجه كلا منهم طاقته في خدمة المجتمع الصغير، والاستمتاع بالهوايات المحببة إليهم، والخروج عن المألوف للحياة الروتينية التقليدية بالذهاب إلى كورنيش النيل أو البحر للتأمل والاسترخاء.