Close ad

يحدٌث في أمريكا: الولايات المٌـتأرجحة والانتخاب البريدي

6-9-2020 | 00:41

بالرغم من التوترات الحادة والاضطرابات في عدة مدن أمريكية، وأيضًا المخاوف من موجة ثانية من وباء الكورونا قد تكون أشد من الأولى، وبالرغم من الوضع الاقتصادي السيئ والارتباك الواضح على المشهد العام وعلى الرأي العام الأمريكي والاتهامات المٌتبادلة بين المٌرشحين الرئاسيين وآخرها ما صدر عن جو بايدن المٌرشح الديمقراطي في حق دونالد ترامب المٌرشح الجمهوري والرئيس الحالي عندما وصفه بالقائد الضعيف والمسئول عن إثارة العنف والشغب والعٌنصرية في الولايات المتحدة وقال بايدن في مؤتمر جماهيري له بولاية بنسلفانيا منذ أيام أن الولايات المتحدة تواجه عدة أزمات وبسبب سوء إدارة ترامب فإن الأزمات تتزايد باستمرار..

وبالرغم من ذلك فقد انطلقت فعليًا من اليوم (الجمعة) 4 سبتمبر الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 في ولاية نورث كارولاينا؛ حيث بدأت الولاية إرسال بطاقات الاقتراع الأولى إلى أكثر من 618 ألف ناخب طلبوا التصويت عبر البريد.

واستلام بطاقات الانتخاب يبدأ سباق انتخابي مدته ثمانية أسابيع ينتهي في نوفمبر في الولاية التي يعتبرها البعض من الولايات "المٌتأرجحة" فيما يخص ميول التصويت.. ومع إرسال بطاقات التصويت يٌباشر المسئولون المحليون الخطوة الأولى في عملية التصويت بالبريد ومن المفترض أن تبدأ البطاقات بالوصول خلال الأسبوعين المقبلين وبعد استلام البطاقات يتعين على الناخبين ملؤها وإرسالها مرة أخرى إما عن طريق البريد أو إحضارها إلى مكتب الانتخابات وبالفعل وطلب الملايين من الناخبين المٌسجلين في الولايات المتحدة بطاقات التصويت عبر البريد.

ما وصفه المحللون السياسيون بأنها أرقام "فلكية" عن عام 2016، وقد يكون ذلك بفعل تأثير أزمة فيروس كورونا المستجد التي أثارت اهتماماً تاريخياً بالتصويت عن طريق البريد بعيدًا عن مواقع الاقتراع وتعتبر نورث كارولاينا من الولايات المهمة في هذا الشأن والتي توصف بأنها "ولاية متأرجحة" في الانتخابات الرئاسية وانتخابات حاكم الولاية ومجلس الشيوخ ويسعى ترامب للحفاظ على الولاية المتأرجحة بصفة بعد أن حصل على أغلبية أصواتها في انتخابات 2016 بتقدم نسبته 3.7 بالمئة ويأمل منافسه جو بايدن أن يقلب الآية في الولاية للمرة الأولى منذ انتخابات عام 2008 ..

من ناحيتها، أكدت حملة ترامب الانتخابية أنها طرقت أكثر من 425 ألف باب في نورث كارولاينا، وحصلت على تأييد أكثر من 4.7 مليون ناخب فيها كما تقول الحملة إنها تستفيد من توجهات تسجيل الناخبين الأخيرة، والتي تعكس أن التفوق الديمقراطي التاريخي في الولاية يتراجع بشكل كبير .. وتلعب الولايات المتأرجحة دورًا حاسمًا في أي انتخابات رئاسة أمريكية ويعول عليها المرشحون خاصة الولايات التي تتمتع بعدد كبير من المندوبين في المجمع الانتخابي وعلى الرغم من أن مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي يعتمدون على ولايات عادة ما تصوت لصالح حزب معين إلا أن الولايات "المتأرجحة" غير مضمونة..

ويسعى المرشحون لاستمالة الناخبين فيها من خلال الحملات والإعلانات التي تبث على وسائل الإعلام المختلفة وأيضًا على منصات التواصل الاجتماعي بشكل مٌكثف هذه الأيام وهذه الولايات تتأرجح سياسيًا بين الحزبين الكبيرين فهي تصوت في بعض الأحيان للديمقراطيين وفي أحيان أخرى تصوت للجمهوريين..

والوضع كما يبدو الآن لم يتغير بشكل كبير عما كان عليه قبل المؤتمر الجمهوري الأخير ومن قبله المؤتمر الديمقراطي وبالنسبة لشعبية ترامب المٌتأرجحة أيضًا منذ تفشي وباء الكورونا وحسب ما أوضحت بعض الاستطلاعات كان التحسن كبيرًا لدرجة تضييق الفارق إلى نقطتين فقط لصالح بايدن وهو مايدخل في هامش الخطأ لكن أغلب الاستطلاعات ذات المصداقية أبقت علي فارق يصل في المتوسط إلي حوالي سبع نقاط وهو ما يقل بنقطة أو اثنتين عما كان من أسبوعين، لكنه يظل فارقاً كبيرًا يعبر عن استقرار السباق على وضعه الحالي ..

مع ملاحظة أن هذا الفارق في الأصوات الشعبية وليس المجمع الانتخابي للولايات ويصعٌب تصور حصول دونالد ترامب على أصوات ولايات مثل فلوريا وبنسلفانيا و ويسكونسين أو حتي اريزونا طالما بقي هذا الفارق بينه وبين بايدن أما لو انخفض إلى نقطة أو نقطتين كما حدث مع هيلاري عام 2016 فإن من الممكن تصور فوز ترامب بهذه الولايات المٌتأرجحة والتي عادة ما تميل لليمين الجمهوري عن المعدل العام للأصوات الشعبية..

ومن الممكن أن يتحسن موقف دونالد ترامب إذا تحسن الوضع الاقتصادي والأوضاع في مواجهة وباء الكورونا وتصنيع التطعيم أو اللقاح قبل موعد الانتخابات الرسمي في 3 نوفمبر المٌقبل ولكن هذا ليس مؤكدا بعد. وهو يعد باستعادة الأوضاع الاقتصادية سريعا لما كانت عليه قبل الوباء الأمر الآخر هو استغلاله لأحداث العنف والمٌظاهرات مثل أحداث كينوشا والعنف في المظاهرات ليظهر كرجل النظام والقانون القادر وحده علي تأمين حياة الأسر الأمريكية..

رغم أن هذا التكتيك لم ينجح بعد بدليل تصريحات بايدن بأن ترامب قائد ضعيف وصحيح أن ترامب لا يزال يعتمد على قاعدة تأييد صلبة حوالي ٤٠٪؜ لكنه فشل في جذب نسبة كافية من المستقلين ومازال صوت المرأة يميل ضده بشدة في الولايات المتأرجحة بفارق يتجاوز ١٥٪؜ وهو ما يعني أن علينا انتظار المناظرات الثلاث بينهما لحسم السباق ..

أما بالنسبة لبايدن فهو لا يعتمد بالأساس على شعبيته الشخصية ولكن على رفض الناخبين لترامب.. فهل يفلح جو بايدن فيما فشلت فيه هيلاري كلينتون عام 2016 مع اختلاف الظروف والأوضاع والمٌلابسات ومواجهة وباء الكوفيد-19 .. وللحديث بقية

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: