حرف الهاء الذي نكتبه بجانب كل رقم نؤرخ به أيامنا يرمز إلى التاريخ الهجري، وهذا التاريخ له حكاية سنعرفها عبر السطور التالية:
البداية
التأريخ بالهجرة النبوية، أو ما يعرف بالتاريخ الهجري، هو مظهر من مظاهر تميز أمة محمد وعزتها، ويعود أصل هذا التأريخ إلى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد ألهم الله الفاروق أن يجعل للأمة تأريخًا يميزها عن الأمم الأخرى، فما كان منه إلا أن فعل مثلما تعلم من النبي "صلى الله عليه وسلم" حينما كان يستشير أصحابه في كل أمر، فاستشار الصحابة فيما يبدأ به التأريخ، أيأرّخون من مولده "عليه الصلاة والسلام"؟ أم مبعثه؟ أم هجرته؟ أم وفاته؟
فاجتمعوا وأخذوا يفكرون معا، أما مولده وبعثته فيختلف في وقتهما تحديدًا، وأما وفاته فمدعاة للأسف والحزن عليه، لذا فقد كانت الهجرة أنسب الخيارات، فهدى الله تعالى الصحابة إلى اختيار الهجرة منطلقًا للتأريخ الإسلامي، وهذا الذي ظللنا نعمل به قرونًا طويلة وحتى يومنا هذا.
لماذا اختاروا الهجرة؟
تعتبر الهجرة النبوية الشريفة من أبرز الأحداث التاريخيّة الّتي مرّت على المسلمين منذ بعثة النبي "صلى الله عليه وسلم" إلى يومنا هذا، بل ربما إلى أن تقوم الساعة؛ حيث تعرف الهجرة النبوية على أنها هجرة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وجماعة المسلمين من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فرارًا بدينهم من أذى أهل قريش، فكانت الهجرة النبوية بمثابة انطلاقة للدولة الإسلامية وللكيان الإسلامي.
وقد وقعت أحداث الهجرة النبوية الشريفة في عام ستمائة واثنين وعشرين من الميلاد.
شهور التقويم الهجري
استند التقويم الهجري في أساسه إلى التقويم القمري الذي كان معمولاً به قبل ذلك، والذي يتكون من اثني عشر شهراً هي: محرم، وصفر، وربيع الأول، وربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجب، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذو القعدة، وذو الحجة، ومن هذه الأشهر الإثني عشر هناك أربعة حرم هي: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم .
وقد أمرنا الله تعالى باتباع التقويم القمري وجاء هذا في الآية الكريمة:
(إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
ويكون الاختلاف بين التقويمين الهجري والميلادي هو ثلاثة أعوام لكل مئة عام .
المناسبات الدينية
ويعتبر التقويم الهجري التقويم المستعمل في تحديد المناسبات الدينية في الإسلام، كشهر رمضان المبارك، ويوم عرفة، والمولد النبوي الشريف، ويوم عاشوراء، وأول العام الهجري، وذكرى الإسراء والمعراج، وغير ذلك من المناسبات الدينية الهامة، لهذا فإن التقويم الهجري لا يمكن الاستغناء عنه كونه ارتبط بالعبادات والفرائض.
السيرة النبوية الحلقة 13 (بداية المرحلة المدنية)