بعض الآباء لا يعرفون أين تقع مدرسة أبنائهم.. أو فى أى سنة دراسية هم.. وبحجة كثرة المسئوليات الملقاة على عاتقهم يتركون مهمة تربية الأبناء للأمهات.. وقد لا يعرف هؤلاء الآباء أن هناك أبا كان يومه طويلا وشاقا.. ومشحونا بالعمل والاجتماعات والمقابلات.. ومع ذلك لم يتخل أبدا عن مسئوليته كأب.. هذا الرجل هو الرئيس جمال عبدالناصر الذى كان يحرص على رؤية الشهادات المدرسية لأبنائه ومناقشتهم فى محتواها.. ولم يتخلف أبدا عن حضور الحفلات التى كانت تقام فى آخر العام الدراسى.. فيجلس مع أولياء الأمور على «كرسى» متواضع مصنوع من الخشب يستمع لعزف فريق الموسيقى.. ويتابع مسرحية فريق التمثيل.. ثم يتجول فى معرض المدرسة لمشاهدة منتجات التلاميذ.. يفعل كل ذلك بحب وسعادة..
أيضا كان يحرض على حضور أعياد ميلاد أبنائه والوقوف بجانبهم وهم يطفئون الشموع ومداعبة أصدقائهم.. وبالرغم من كثرة مشاغله وضيق وقته منح أبناءه حبا وحنانا واهتماما.. فحرص على تناول وجبة الغداء يوميا معهم وخلال هذه الفترة كان يسألهم عن أحوالهم الدراسية وأمور حياتهم اليومية.. ويقوم بالتنبيه عليهم بأنه ممنوع منعا باتا أن يستغلوا كونهم أبناء رئيس الجمهورية فى الحصول على أى امتيازات..
ولا ينسى «عبدالحكيم» الابن الأصغر للرئيس أنه كان فى طريقه إلى النادى وقبل أن يغادر البيت دخل حجرة والده، فنظر والده إلى الحقيبة التي كان يضع فيها ملابسه الرياضية، وكانت من ماركة أجنبية غالية الثمن، وقال له من أين جئت بهذه الشنطة؟؟ فأجاب حكيم: إنها هدية.. فقال الرئيس: «رجع الشنطة يا حكيم».
أيضا حرص عبدالناصر على تلقين أبنائه القيم والمبادئ.. فقول الحقيقة لا الكذب.. واحدة من الصفات التى اهتم الرئيس عبدالناصر أن يتحلى بها وأولاده،، لم يكن يؤمن بالضرب كوسيلة للعقاب.. كان عقابه إذا أخطأ أحدهم أن يقول له أنا زعلان منك.. وكان وقع هذه العبارة عليهم أشد كثيرا من النهر أو الضرب.
عبدالناصر الذى خرج من بيته فى ليلة حارة من ليالى شهر يوليو عام 1952 لم يكن يعرف هل سيعود مرة أخرى إلى بيته.. هل سيسمع من جديد ضحكات أولاده.. هل سيحتفل معهم بأعياد ميلادهم.. أم أنه ذاهب بلا عودة؟.. كل ما كان يعرفه أن الوطن فى محنة.. وعندما يكون الوطن فى محنة يخرج الوطنيون والشرفاء دون تردد.. ودون طرح أى سؤال.
* نقلا عن صحيفة الأهرام