راديو الاهرام

عيد الفطر في زمن الكورونا

23-5-2020 | 15:32
عيد الفطر في زمن الكوروناالدكتور شوقى علام مفتي الجمهورية
د.شوقى علام

يهلُّ علينا عيد الفطر فى هذا العام والأمة الإسلاميَّة، بل والإنسانية جميعًا تعيش ظروفًا استثنائية نتيجة تفشى جائحة فيروس كورونا المستجد، مما انعكس سلبًا على الواقع بتغيير كثير من مظاهر الحياة المعتادة والمألوفة لدى المصريين فى الأعياد، من الخروج إلى المساجد والساحات للصلاة ولسماع خطبة العيد، وتبادل الزيارات، والترويح عن النفس بالفسحة والخروج إلى المتنزهات والحدائق.. إلخ.

وينبغى على المسلم الالتزام بكافة الإجراءات المقررة لمواجهة هذه الأزمة القاسية؛ خاصة تلك التى تستوجب تقييد الحركة والتنقل وتجنب الفرد لكافة مظاهر الاجتماع مع الآخرين حتى ولو كان لإقامة العبادة والشعائر الدينية، وإن كانت شعائر عامة؛ امتثالًا لقوله صلى الله عليه وسلم فى الأمراض والأوبئة العامة: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَكُونُ فِى بَلَدٍ يَكُونُ فِيهِ، وَيَمْكُثُ فِيهِ لاَ يَخْرُجُ مِنَ البَلَدِ، صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ»(صحيح البخاري)، وفى رواية للإمام أحمد: «فيمكث فى بيته».

وقد تضمن هذا الحديث الشريف معانى حضارية مع ضبَطٍ حكيم للقواعد والإجراءات الاحترازية بمعانٍ عالية النقاء؛ حيث التأكيد على مسئولية الفرد تجاه أهله ومجتمعه ووطنه والبشرية فى مثل هذه الظروف والأحوال، فضلا عن إشارته لضرورة اتخاذ المسلم ذلك كفرصة سانحة فى بنائه شخصيته بصورة ذاتية من خلال إعادة ترتيب برنامجه اليومى.

ففى ظل هذه الظروف يمكن للمسلم وبسهولة التدرب على التعبد الفردي؛ وذلك بأداء صلاة العيد فى البيت منفردًا أو جماعة بأسرته، على صفتها المعهودة ركعتين جهرًا دون خطبة بعدها، يكبِّر فى الركعة الأولى منهما عدد سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام، وفى الركعة الثانية عدد خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام إلى الركعة الثانية، وبشرط أن تكون فى وقتها الذى يبدأ من بعد شروق الشمس بثلث ساعة، ويمتد إلى قبيل أذان الظهر بثلث ساعة، مع مراعاة التطيب ولبس أطيب الثياب.

كذلك يستحب الإتيان بسنن العيد وآدابه، كإحياء ليلة العيد بالاجتهاد فى الأعمال الصالحة؛ لأنها ليلة مباركة تسمى بـ "ليلة الجائزة"؛ لما يعقبها فى الصباح من توزيع الأجور، استدلالا بما روى عن أبى أمامة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من قام ليلتى العيدين محتسبا لله، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب»(سنن ابن ماجه)، ويحصل أصل قيامها بصلاة العشاء فيها جماعة مع أهله، والعزم على صلاة الصبح كما قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما.

وفى خصوص مظاهر الاحتفالات الأخرى يمكن الاستفادة من الوسائل المتاحة بعد اتخاذ الوقاية والتباعد الاجتماعى المطلوب من أجل الترويح عن النفوس ورسم البهجة والبسمة على الوجوه وفعل المباحات، فضلا عن استخدام أدوات الاتصال المتنوعة لعمل مجالس عائلية على الواقع الافتراضى للمعايدة على الأهل والأحباب والأصدقاء كبديل عملى للزيارات والتجمعات.

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث