الشبكات لها دور مهم في تغيير الأفكار والثوابت قبل النقلة الكبرى للثورة على النظام السياسي القائم.. هكذا يقول تاريخ كل الثورات المصنعة.
تهدف الشبكات المترابطة والمنتشرة في كافة قطاعات المجتمع - وأخطرها بالطبع الفكر والإعلام والأبحاث والدراسات - إلى خلخلة المنظومة القيمية في المجتمع.. لإحداث التشويه المتعمد للمؤسسات.. والقفز على الأهداف الوطنية، ومن ثم تحطيم المصلحة القومية.. بعد تغيير كل هذه الثوابت في الوعي العام.
تعتمد هذه الشبكات على أسماء يتم تلميعها وتقديمها إلى الصفوف الأولى لمجتمعاتها.. عبر اختراق ممنهج ومحسوب.. ترتكن فيه إلى ما تتمتع به شخوصها من مكانة علمية أو أدبية أو إعلامية أو بحثية يتم تخليقها.. وتعمل على توسيع دائرة مريدي الشبكة ومفكريها ومنظريها، وجذب أصحاب رأس المال ممن يمكن استمالتهم للصرف الذكي على الشبكة وأعضائها.
عندما تندلع الثورة يتوارى ممثلو الشبكة.. ويتركون الأمور لكي تتدحرج بقوة نحو الاشتعال والفوضى.. ويظلون مراقبين لهذه الثورات التي هي بلا قائد.. ومتى تحقق الهدف من إزالة النظام القائم.. يبدأون في الظهور والتبشير بالمجموعة التي يرونها ستحقق مصالح من وظفهم منذ البداية، ومكنهم من تكوينها وانتشارها.
المنتمون للشبكة نرى فيهم أنهم قيادات كل في مجاله.. وهي قيادات متنوعة فكريًا بحيث تعجز عن تحديد الأهداف الأيديولوجية والإستراتيجية التي يبغون تحقيقها.. وهو هدف أسمى للشبكة؛ بحيث لا يمكنك أن تشير لهوية المنتمين لها أو تصنيفهم وتحديد انتماءاتهم.. ولا أن تحصرهم في نسق فكري واحد.
وبرغم أنها تنظيم شبكي مخفي.. إلا أن الشبكة تخضع للتنظيم الهيراركي المعروف.. تنظيم يعلي من شأن القائد الخفي المجهول.. ويدفع جميع أعضائها عبر انتقال الأوامر الهيراركية إلى الاستماتة في الدفاع عن رأس الشبكة.. وفي هذه الهيراركية قد لا يعلم المتلقي للأمر كينونة من أصدره له.. حتى أنه قد لا يعلم وظائف أو دور من يجاوره في نفس هذا المستوى الهيراركي المنتمي له.. ومنطقي عند هذه النقطة أنه لا يعلم الأهداف النهائية للشبكة.. التي يعلمها فقط رأس الشبكة وقادة المستويات الهيراركية.
وكما أسلفت القول بعد هز وإسقاط مؤسسات النظام القائم حتى بأكثر الآليات دموية.. فالشبكة لا تمانع من وصول نظام استبدادي أكثر من الذي كان قائمًا.. وفقًا لما صوروه لمجتمعاتهم.. بل وحتى لا يمانعون أن يكون هذا النظام مختلفًا معهم فكريًا وأيديولوجيًا.. طالما سيحقق مصالحهم ومصالح المُوكل لهم.