راديو الاهرام

قصة آية من القرآن الكريم

5-5-2020 | 15:00
قصة آية من القرآن الكريمقرآن كريم - أرشيفية
علي شفيق الشيمي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.. "الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ".

على  مدار شهر رمضان الكريم نقدم لكم في كل يوم حلقة عن سبب نزول آية من آيات القرآن الكريم لنتعلم منها الحكمة، فسبب نزول الآيات إما لحدوث واقعة معينة فنزلت الآية بشأنها، أو أن يُسأل الرسول "صلى الله عليه وسلم" عن شيء فينزل الله تعالى قرآنًا لبيان الحكم..

قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ).

قال زيد بن أسلم: مرّ رجل من اليهود يُدعى شاس بن قيس على نفرٍ من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وسلم" من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه، وكان هذا الرجل قد عسا في الجاهلية، وكان شديد الكره والحسد والحقد على المسلمين، فرأى في جمعهم محبة وأُلفة، وصلاح ذاتَ بينهم في الإسلام بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من حرب وعداوة وبغضاء، فلم يُسرّه وحزن واشتعل غيظاً فأمر شاباً من اليهود كان معه، فقال: أعمد إليهم واجلس معهم، ثم ذكِرهم بيوم "بُعاث" وما كان فيه، فأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من أشعار، وكان يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان النصر للأوس على الخزرج،.. ففعل وتكلم القوم عند ذلك، فتنازعوا حتى تصارع رجلان من القبيلتين، وغضِبَ الفريقان جميعاً وقالا: قد فعلنا، وأشهروا السلاح، وخرجوا إلى مكان يُسمى الظاهر وهي حرة للقتال، فانضمت الأوس بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية وكذلك الخزرج.

فبلغ ذلك رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، فخرج إليهم ومن معه من المهاجرين حتى جاءهم، فقال: "يا معشر المسلمين أبدعوة الجاهلية وأنا بين أظهركم، وبعد أن أكرمكم الله بالإسلام وقطع به أمر الجاهلية وآلّف بينكم أترجعون إلى ما كنتم عليه كفار؟.. الله - الله"، فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم فألقوا السلاح من أيديهم، وعانق بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" في سمعٍ وطاعة.

فأنزل الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)، أي- يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، إن تطيعوا جماعة من اليهود والنصارى ممن آتاهم الله التوراة والإنجيل أي- " شاسا وأصحابه" يضلوكم، ويلقون إليكم الشبه في دينكم، لترجعوا جاحدين للحق بعد أن كنتم مؤمنين به، فلا تأتمنوهم على دينكم.

عن بن عباس قال: كان الأوس والخزرج يتحدثون فذكروا ما بينهم، فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف فأتى النبي "صلى الله عليه وسلم" فأخبروه بذلك، فذهب إليهم فنزلت هذه الآيات.

قال تعالى: (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، حتى إلى قوله تعالي: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) أي – تمسكوا جميعاً بكتاب ربكم وهدي نبيكم، ولا تفعلوا ما يؤدي إلى فرقتكم، واذكروا نعمة جليلة أنعم الله بها عليكم: إذ كنتم - أيها المؤمنون قبل الإسلام أعداء فجمع الله قلوبكم على محبته ومحبة رسوله، وألقى في قلوبكم محبة بعضكم لبعض، فأصبحتم بفضله إخواناً متحابين، وكنتم على حافة نار جهنم، فهداكم الله بالإسلام ونجاكم من النار.

كلمات البحث