راديو الاهرام

رسالة الأنبياء .. ضرورة دينية ودنيوية

26-4-2020 | 16:02
رسالة الأنبياء  ضرورة دينية ودنيوية.
حوار - حسني كمال

اشتملت رسالة الأنبياء والرسل على جانبي (العقيدة والشريعة) وكان للأنبياء والرسل جانب سياسي، فما هي العقيدة التي حملها الأنبياء والرسل لنا؟ وهل تعني العبادة الحقة؟

يقول الدكتور محمود عبده نورالدين، رئيس قسم التاريخ والحضارة، بكلية اللغة العربية، جامعة الأزهر، فرع أسيوط، في حلقات خاصة لـ(بوابة الأهرام)، تتمثل العقيدة في عدة أمور هي:

1- توحيد الألوهية وإفراد الله بالعبودية، 2- خلق المخلوقات علوية وسفلية ، 3- إثبات الصفات له - تعالى - كما وصف بها نفسه، 4- إرسال الرسل وإنزال الكتب وحدوث المعجزات المؤيدة، 5- يوم الحساب ومبدأ الثواب والعقاب ـــ الجنة والنار ....ألخ.

ماهي الأطر العامة للعقيدة التي دعا إليها أنبياء الله ورسله منذ خلق آدم عليه السلام؟

هذه الأطر العامة للعقيدة، وهى التي دعا إليها أنبياء الله ورسله منذ آدم، إلى محمد، صلى الله عليه وسلم، وهى التي تعني العبادة الحقة - في جانبها النظري- المعنية من عبادة الله التي جاءت على لسان الأنبياء والرسل إلى أقوامهم: وذلك في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون)، وأيضًا (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَاوَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَاوَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَتَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى المُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ)، (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُه)، (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ).

الحب الشديد لله

إذن انتهينا من جانب العقيدة، فما هو الجانب الآخر للأنبياء في الرسالة وهو (الشريعة)؟

يوضح الدكتور عبده نور، أن الشريعـة: هي الجانب العملي للعقيدة، وهى نظام الحياة، ليس ثمة انفصام بين جانبي الدين – العقيدة والشريعة - ولا يصلح أحدهما بدون الآخر، ومن ثم فقد اشتمل الدين على منهج قويم للشريعة مثل اشتماله على منهج العقيدة، وتأتي الشريعة دائماً في ظل العقيدة وإطارها وتحكم بأسسها، وتقنن بقواعدها، وكل هذا وليد العبادة الحقة لله.

وأمر العبادة – كما يقول بعض المفسرين: (بسيط واضح مستقيم)، وهو (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ)، ومن هنا نقول إنها عبادة لله وحده بلا شريك، (والذين آمنوا أشد حبا لله)، وتقوى الله تهيمن على الشعور والسلوك، وطاعة لرسوله تجعل أمره هو المصدر الذى يستمدون منه نظام الحياة وقواعد السلوك.

جوانب سياسية للأنبياء

هل كان للأنبياء والرسل جانب سياسي في رسالتهم لنا؟

يقول الدكتور عبده نور، نعم، هناك جانب سياسي بالفعل، وهو من أهم الجوانب في نظام الحياة ، لأنه – فضلاً عن دوره، ووظيفته في الأمة – يؤثر تأثيرًا بالغاً في كل الجوانب الأخرى – تقريباً – (سلباً أو إيجابياً). وهذا الجانب كان جزءاً أساسياً في شريعة الأنبياء إلى أممهم، فهو النظام الذي يقودهم في إطار العقيدة – وكان الأنبياء هم قادة أممهم في هذا الجانب مثل قيادتهم في الجانب الدعوي وهو الجانب الأهم، يقول ــ تعالى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُم وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئا ًوَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ)، ويقول ــ تعالي: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَتَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَتَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُون َوَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ).

وقال ــ تعالى: أيضاً: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَتَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)، وقد أخبرنا رسوله الله، صلى الله عليه وسلم، عن هذا الأمر في بنى إسرائيل، فقال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون (قالوا) فما تأمرنا؟ قال: (أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلُوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم)... وإلى لقاء في حلقة أخرى بإذن الله.


د. محمود عبده نورالدين رئيس قسم التاريخ والحضارة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر مع المحررد. محمود عبده نورالدين رئيس قسم التاريخ والحضارة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر مع المحرر
كلمات البحث