بعد ظهور فيروس كورونا في معظم دول العالم، وتصنيفه من قبل منظمة الصحة العالمية بأنه وباء عالمي، وبعد اكتشاف حالات إصابة بهذا الفيروس اتخذت الحكومة إجراءات احترازية مهمة لمواجهة عدم انتشاره؛ منها تعليق الدراسة لمدة أسبوعين، وطرح نظام "التعليم عن بُعد"؛ وذلك لمنع التجمعات والزحام؛ خوفًا من انتشار الفيروس.
ولكني وجدت فيروسًا أشد وأخطر من كورونا ألا وهو فيروس "انعدام الأخلاق"، وغياب القيم الدينية والمجتمعية، فشاهدت تعليقات لبعض الطلبة والطالبات - من خلال فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي - خارجة عن السياق أثبتت بالدليل القاطع أننا بحاجة لمكافحة تلك الظاهرة التي طرأت على مجتمعنا خلال الأعوام العشرة الماضية، وتمثلت في نماذج كثيرة جسّدها - للأسف الشديد - شباب اليوم وآباء وأمهات المستقبل، وأظهرت الصورة التي يمكن أن يظهر بها مجتمع الغد وهو يفتقر إلى القيم والمبادئ السامية.
وتساءلت عن شكل الأسرة في المستقبل؟ في ظل غياب الدور الرقابي للأبوين، وعدم التفرغ لزرع المبادئ والحث على القيم الدينية والروحية؛ نظرًا لانهماكهما في السعي لتوفير ظروف معيشية مناسبة، كلُ هذا بجانب الاستخدام السيئ للتكنولوجيا الحديثة، وجاءت الإجابة أن هذا هو حصاد ما زرعناه بأيدينا بالأمس!!
ومن ناحية أخرى وجدت تسارع وتكالب الكثير لشراء السلع والمنتجات الغذائية والمستلزمات الطبية، مما ساعد على ظهور السوق السوداء واحتكار بعض التجار الجشعين العديد السلع.
فنحن بأيدينا نخلق الأزمات؛ نتيجة للسلوك والثقافة الخاطئة من جانب، ومن جانب آخر استغلال التجار مثل تلك الأزمات؛ لتحقيق مكاسب ومنافع مادية على حساب الشعب، فمثل هذه السلوكيات تخلق الأزمات.
ونجد أيضًا عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي أصدرتها الحكومة من منع التجمعات، فالحكومة قامت بدورها على أكمل وجه، ولكننا فعلنا عكس ذلك، فقد أقبل الكثير على التسوق والتنزه دون الإحساس بالمسئولية المجتمعية، في تحدٍ صارخ وضرب تلك الإجراءات عرض الحائط، فكيف يمكننا حث أبنائنا على الالتزام، ونحن نفعل عكس ذلك تمامًا؟ فالإصلاح أن تبدأ بنفسك أولًا.
تأملوا حالنا اليوم وقارنوا بين مجتمعنا في السابق ومجتمعنا الآن، نجد أننا بحاجة ماسة إلى الرجوع إلى الدين لتعليم وإرساء القيم الروحية والأخلاقية.
وأخيرًا أقول إن الأخلاق هي أعظم ما تعتز به الأمم وتمتاز به عن غيرها؛ بل إنها تعكس ثقافة الأمة وحضارتها، وبقدر ما تعلو أخلاق الأمة تعلو حضارتها وتلفت الأنظار إليها، وبقدر ما تنحط أخلاقها وتُضيّع قيمها تنحط حضارتها وتذهب هيبتها، فكم من أمم سادت وعلت بتمسكها بمحاسن الأخلاق، وكم من أمم زلت أقدامها وضاعت بضياعها.
وقديمًا قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
"وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا".