عزيزي الإنسان في كل بقاع الأرض ! فليست كل العناوين تشي بمضمون المحتوى في الحديث، ولكني أردت أن أجعلك شريكًا أساسيًا وفاعلاً فيما نستطيع أن نفعله لمواجهة الكوارث ـ سواءً أكانت كوارث من فعل الطبيعة، أو الكوارث التي تصنعها قوى الشر في عالمنا المعاصر!
فالحدث الجلل الذي يسيطر على العالم الآن هو الاحتشاد لمواجهة "فيروس كورونا" الذي تضاربت عنه وفيه الأقاويل؛ بين المؤمنين بأنه كارثة طبيعية وبين المشككين في كونه بفعل آلة الشر التي تعبث في مقدرات البشرية للسيطرة والتحكم وإثارة المخاوف؛ للاستئثار بمنابع الثروة في أركان العالم بعد تصفية مايقرب من ثلث سكان الكرة الأرضية، كما جاء على لسان إحدى "العالمات" أمريكية الجنسية وقبل وفاتها منذ حوالي خمس سنوات؛ وتلك شهادة شاهدة من أهلها بالضمير العلمي الحي الخالص وهي على شفا الخروج من العالم! ولكن هذا ليس محل قضيتنا ومعضلتنا الآن.
لقد ارتبطت الثقافة في الموروث الشعبي المصري ـ والعربي والإسلامي بالتحديد ـ بعدة قناعات في التعامل مع بعض الظواهر التي تعتري حركة جسد الإنسان في الحياة؛ كظاهرة "العطس" أو "العُطاس" بصحيح اللغة؛ فمن منطلق ماقاله "ابن القيم الجوزي" في كتاب "الروح": "عطِس آدم عندما نفخ الله فيه من روحه فقالت الملائكة قل الحمد الله فحمد فقال الله: يرحمك الرب"! ومن هذا المفهوم المعتقدي يسارع من يجلسون حول صاحب "العطسة" بقولهم : يرحمكم الله .. ليرد التحية ـ بعد أن تنتهي النوبة ـ بقوله: يرحمنا ويرحمكم الله!
فالعُطَاس ـ كما يقول الأطباء والعلماء ـ هو خروج الهواء فجأة وبإندفاع من الأنف والفم، وعادة يقوم الجسم بهذه الحركة للتخلص من المادة التي تهيج الأنف، إذ تستجيب النهايات العصبية الموجودة لتلك المواد بإثارة العُطاس وهي عملية تحدث بشكل غير إرادي . فعندما يعطس المرء، تنطلق من فمه حوالي 100 ألف جرثومة بسرعة 100 ميل في الساعة وبما أن العطسة تنطلق بهذه السرعة فهي تحتاج إلى طاقة كبيرة لإخراجها، ويتم تداول الكثير مما يشبه الحواديت والأساطير حول هذه الظاهرة الطبيعية في التكوين البشري، ولكننا في الأغلب الأعم نتداولها على سبيل الدعابة؛ دون التعمق في آثارها علينا وعلى من حولنا، وبخاصة في التجمعات البشرية في الأماكن العامة والخاصة.
والآن .. ماذا يجب علينا فعله لمواجهة هذا العدو القادم إلينا بشراسة؟
لقد حبانا الله عز وجل بالكثير من النعم في تركيب أجسادنا؛ منها مايسمى بالجهاز المناعي؛ وهو عبارة عن شبكة من الخلايا والأعضاء والبروتينات والأجسام المضادة التي تعمل على الحماية من البكتيريا والفيروسات والطفيليات، ولا يعمل فقط عندما نشعر بالمرض، وهناك جزءان رئيسان بالجهاز المناعى : الاستجابة الفطرية والاستجابة المكتسبة؛ فالاستجابة الفطرية لديها القدرة على معرفة من هو الصديق ومن هو العدو، ثم تحاول التخلص من الغزاة - وهذا يمكن أن يجعلنا نشعر بالحمى أو المخاط، اما الاستجابة المكتسبة تتذكر غزاة معينين وترسل الخلايا الصحيحة لقتلهم .. سبحان الله!
ولكن ـ بالتأكيد ـ ليس علينا ترك الأمور على عواهنها والاتكال على استخدام "قناع الوجه" فقط كما نرى الآن في الأماكن العامة ومناطق التجمعات البشرية كمحطات المترو والمسارح والسينمات والمصانع ..إلخ، فليس هناك دليل قاطع يشير إلى أنه بإمكان هذا القناع منع جزيئات الفيروس من دخول الفم والحنجرة، فقد يمنع القناع بعض التلوث الذاتي عن طريق وضع اليدين على الفم والأنف.
وصحيح أنه لايمنع الحذر عن قدر، ولكن علينا أن نأخذ بالأسباب والتحفظات التي تقينا شر البلاء والكوارث؛ يستوي في هذا الكوارث الطبيعية والبشرية؛ لنعود إلى طرق الوقاية في "روشتة" جدتي التى تسمَّى في الأعراف الشعبية بـ "علم الروكَّا" بتشديد الكاف، أو "تذكرة داود" بحسب ثقافة الموروث الشعبي للمنطقة أو المكان.
تقول "تذكرة داود" لممارسي الطب الشعبي للوقاية بحول الله وقوته:
النظافة الجيدة من أهم عوامل الوقاية لمواجهة اختراق الفيروس لخلايا الجسد ؛ سواء عن طريق اليدين بالاغتسال بالماء الجاري مع المطهرات المتداولة المعروفة بالصيدليات كالديتول والكحول، مع التجفيف الجيد لآثار المياه، مع الحرص على تناول التوابل والثوم والزنجبيل في داخل الأطعمة، ومع المزاج الشعبي المصري يستبدل الشاي العادي بالشاي الأخضر لاحتوائه على المواد المضادة للأكسدة، ويُعد من اقوى جنود المقاومة للعدوى .. لاقدر الله .
ثم تأتي أهمية الحصول على قسط كاف من النوم ـ وخاصة النوم الليلي ـ الذي يساعد على تعزيز مناعة الخلايا الطبيعية المقاومة لأي هجوم من الأجسام المضادة، تزامنًا مع الحفاظ على عدم الإجهاد العضلي والعصبي، والإكثار من السوائل التي تساعد على التخلص من السموم والبكتريا بما لايقل عن لترين من الماء الزلال .
وإرشادات السلامة كثيرة لن نخوض فيها يكفينا الإشارات السريعة التي تعد المكون الأساسي للوقاية من التقاط العدوى والحفاظ على الصحة العامة، ليتكم تلتزمون بها ليرحمكم الله من مخاطر نحن في غنى عنها جميعا.
كاتبة المقال:
أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي بأكاديمية الفنون