Close ad

البورصة تحارب الاستثمار بملاليم الضرائب

16-1-2020 | 16:42

لا يمكن أن تكون البورصة في هذا البلد معبرة عن التطور والتنمية والمشروعات العملاقة؛ حتى إن قيمة الجنيه المصري واصلت الارتفاع أمام الدولار، في نفس الوقت الذي كانت مؤشرات البورصة سلبية.

وبينما كانت كل المؤسسات الدولية تعطي للاقتصاد المصري شهادات إجادة كان للبورصة رأي مختلف، وبينما كانت مؤسسات التصنيف الدولية ترفع من شأن مصر، وتنقلها من التصنيف السلبي للإيجابي، كانت البورصة تعمل على تطفيش الاستثمار بكل السبل.

وبصراحة لم تعد بورصة مصر مرآة للاقتصاد، وباتت شوكة في خاصرة أي طموحات للنهضة في هذا البلد، وذلك لعدة أسباب أبرزها؛ انخفاض حجم رأس المال السوقي للبورصة، والذي لا يتعدى 14% من الناتج القومي الإجمالي، وهذه نسبة ضئيلة لا تعكس أي أخبار إيجابية للاقتصاد الكلي على البورصة، والتي تأثرت سيولتها بسبب عدة قرارات اتُخذت على مدار الفترة الماضية؛ مما أثر سلبًا على أداء البورصة.

وليس من المنطقي أن تحتل بورصة دولة بحجم مصر المركز السادس عربيًا، وأن يكون وزنها على المؤشرات العالمية يقترب من الصفر، أو أن تكون قيمة التعاملات اليومية منخفضة إلى 10% من قيمتها سنة 2008 (مقوم بالدولار)، أو أن القيمة السوقية لرأس المال السوقي للبورصة حاليًا لا تتعدى 17% من الناتج القومي الإجمالي، بعد أن كان يساوى 100% سنة 2008، وينخفض عدد المتعاملين النشطين من 300 ألف متعامل نشط إلى 3 آلاف، ولهذا تحقق بعض الأسهم أدنى سعر في تاريخها على الإطلاق.

وربما كانت الأسباب المعروفة للكافة تتمثل في تدخل إدارة هيئة سوق المال في آليات التداول، وإلغاء عمليات تمت بالفعل، وإلغاء عروض وطلبات على الأسهم، والأغرب هو الحديث عن فرض ضرائب دمغة على تعاملات البورصة في الشراء والبيع، وحتى وإن كان العميل خاسرًا في العملية (يخسر ويدفع ضرائب)، وهذا لا يحدث في أي بورصة في العالم، ثم سوء استخدام السلطة من قبل الهيئة والتي تعامل المسـتثمرين والشركات في سوق المال وكأنهم مجـرمون، وتوجه لهم اتهامات انتقامية لتزيد الغرامات، وتزيد حصيلة الهيئة، وبالتالي تزيد مكافآتهم، وهذا واضح من حكم المحكمة في أكثر من قضية تم رفعها على الهيئة؛ حيث وصفت المحكمة إجراءات الهيئة في حكم لصالح إحدى الشركات، وآخر لصالح شركة ثانية بالتعنت في إجراءات قيد الشركات فـأحجمت الشركات عن القيد؛ بل لجأت كثير منها للشطب (عدد الشركات الآن 200 شركة، بعد أن كان 1200 شركة مقيدة في السوق)، ويظهـر هذا أيضًا في حكم تظلم لصالح شـركة مقاولات؛ حيث ألزمت لجنة التظلمات الهيئة بإعادة مبلغ 9 ملايين جنيه إلى الشركة رسومًا للقيد، ولهذا كان من الطبيعي أن تفقد البورصة طبيعتها، وتفقد السوق جاذبيتها، ويفقد المستثمرون الثقة، وتصبح السوق هشة، وتحدث الانهيارات التي نراها في السوق.

فالعقل الجمعي في السوق يقوم بمعاقبة المسئولين علـى قراراتهم الخاطئة؛ وذلك بالخروج من البورصة، وبذلك تصبح (البورصة سيئة السـمعة)، وهـذا أثر على برنامج الطروحات الحكومية؛ الذي تم تأجيله أكثر من مرة لمدة؛ مما جعل صندوق النقـد يعلق على هذا الإجراء، أو أن تلجأ الحكومة إلى بيع أصول وممتلكات الدولة بأسعار رخيصة جدًا، وهذا إهدار للمال العام.

والأخطر هو أن الاسـتثمار المباشر وغـير المباشـر لن يأتي بدون وجود بورصة قوية ونشطة، ثم إن انعدام الثقة سهل وإعادة بنائها أصعب.

 فمن فضلكم - والأمر هكذا - فإن حل كثير من المشكلات الراهنة في الاستثمار والتشغيل وإدارة الديون يبدأ بإعادة بناء الثقة في البورصة المصرية، وذلك بإلغاء الضرائب المفروضة على الاستثمار في البورصة؛ لإعادة الانتعاش إليها مرة أخرى، وأي إجراء خلاف هذا غير ذي قيمة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
مصر الغريبة بأسمائها

الزائر لمصر لأول مرة لن يصدق أنه في بلد عربي لغته العربية فمعظم الأسماء للمحال والشوارع والمنتجعات، بل الأشخاص ليس لها علاقة باللغة العربية وباتت القاهرة

مصر تخطت الفترة الانتقالية

جاء حين على مصر كانت شبه دولة عندما تعرضت لهزة عنيفة ومحنة سياسية واقتصادية قاسية، عقب ثورتين تخللتهما موجات إرهابية تصاعدت فى ظل غياب وانهيار لمؤسسات

ثوار ما بعد الثورة

لابد من الاعتراف بأن كل ما في مصر الآن نتيجة مباشرة لأحداث ٢٥ يناير بحلوه ومره، فأي إصلاح هو ثمرة مباشرة لشجاعة ووعي ودماء شرفاء سالت لتحقق حلم الأمة في

الأكثر قراءة