"تطون" قرية صغيرة بمحافظة الفيوم، يطلق عليها "القرية الإيطالية"، بسبب كثرة عدد الشباب والرجال من أبنائها الذين يعملون في إيطاليا، منذ عشرات السنين، وتوارث شباب القرية، فكرة السفر للعمل والعيش في إيطاليا طوال الوقت، لدرجة أن شباب القرية قد لا يعرفون بعضهم البعض على خلاف ما تتسم به أي قرية مصرية، مما سيطر على عقول شباب القرية فكرة الهجرة غير الشرعية، لتأتي مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتحاول إنقاذ هؤلاء الشباب بإطلاق مبادرة "مراكب النجاة".
موضوعات مقترحة
تبعد قرية "تطون"، بنحو 25 كيلو مترًا عن مدينة الفيوم، وتستغرق مدة نحو ساعة للوصول إليها، وهي تابعة لمركز إطسا، الذي يمتد حدوده إلى الصحراء في اتجاه ليبيا.
يقطن قرية تطون، نحو 50 ألف نسمة، ويعمل منها نحو 12 ألف نسمة في دولة إيطاليا، بحسب تصريح لمقرر المجلس القومي للمرأة بالفيوم، لوسائل الإعلام مؤخرًا، واشتهرت القرية بأن فكر مواطنيها تغير من الفكر الريفي التقليدي إلى اقتناء أساليب وأدوات حياتية تتشابه مع المواطنين بقرية إيطاليا، بسبب عمل كثيرين من أبنائها هناك.
الشباب يعشقون السفر لإيطاليا
قال "إسلام.م"، أحد شباب القرية، في حديثه لـ"بوابة الأهرام"، فإن شباب القرية يعشقون السفر إلى إيطاليا منذ عشرات السنوات، وغالبية البيوت بالقرية تجد منها شخصًا أو اثنين في إيطاليا ويعمل بها منذ سنوات، واعتاد الشباب هنا بمجرد انهاء تعليمهم أي كان المؤهل الدراسي، أن يسافروا إلى هناك، بسبب وجود فرص عمل هناك تجعلهم يجمعون أموالًا كثيرة في وقت قصير، وهو ما شجع الكثير من شباب القرية على المغامرة بالسفر بطرق غير شرعية لتحقيق هذا الحلم.
ويضيف "محمد.أ" من شباب القرية:" سافرت للعمل بعد أن حصلت على دبلوم صناعي، وشجعني خالي الذي سافر إلى هناك منذ 10 سنوات، على ذلك، وأسافر أعمل هناك عدة أشهر، ثم أعود إلى عائلتي هنا، وخاصة في العيد"، قائلا: "إن كثير من شباب القرية، بعد سفره لإيطاليا، عاد إلى هنا وفتح مشروع تجاري، وكثير منهم يطلقون أسماء مدن إيطالية على المحال التجارية هنا".
وتابع:" رغم أن كثيرًا من العائلات هنا، فقدت أبناءها في السفر عن طريق البحر في المراكب بشكل غير شرعي، إلا أنهم مولعون بالسفر لإيطاليا، ويشجع بعضها أبنائها على السفر إلى هناك، لافتا إلى أن في السنوات الماضية، كثير من الشباب يسافرون بالحصول على فيزا سياحة، ولا يعودون إلى القرية إلا بعد الحصول على الإقامة من خلال الزواج هناك، أو تقنين أوضاعهم القانونية".
مباني علي التراث الإيطالي
وأشيع لفترة طويلة، قبيل ثورة 25 يناير 2011، عن أبناء قرية تطون، بالثراء الذي وصف بالفاحش، وخاض الكثير من أبنائها في الاتجار بمجال العقارات والأراضي بمدينة الفيوم، والذي أدى في إحدى السنوات إلى ارتفاع كبير في أسعار العقارات والأراضي، بسبب مضاربات سماسرة ومواطنين من القرية ممن سافروا لإيطاليا، في الأسعار.
وبجولة بسيطة في القرية، يبدو مشهد غالبية الشوارع كمثيلتها في القرى الأخرى، فهي مليئة بالمطبات، وغير مرصوفة، بسبب أعمال بنية تحتية أجريت بها، وتفتقد القرية لتوفر خدمة الصرف الصحي، بسبب تعطل مشروع إنشاء شبكة الصرف الصحي بها، ومع ذلك تعد الأبراج السكنية الفاخرة، والفلل المتميزة في بعض شوارعها، وأسماء مدن إيطالية على محال تجارية ومطاعم، شئ ملفت للنظر، فضلا عن أن الأثاث المنزلي في داخل تلك الفلل والعمارات والأبراج السكنية، مصنوع على التراث الإيطالي، كما يغلب على القرية الطابع التجاري.
مبادرة "مراكب النجاة"
ومع بدء تطبيق المبادرة الرئاسية "مراكب النجاة"، على أرض محافظة الفيوم، الأحد الماضي، بحضور السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد، وزير الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، وعقدها لقاء ضمن الزيارة التي استمرت يومين للمحافظة، مع أهالي بقرية تطون، أظهرت الدولة اهتمامها بالقضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وقالت ليلى طه، مقرر فرع المجلس القومي للمرأة بالفيوم، في تصريحات صحفية، خلال الإعلان عن إطلاق المبادرة للتطبيق بالفيوم، في زيارة وزير الدولة للهجرة، أن قرية تطون لديها أكثر من ١٢ ألفًا من أبنائها في إيطاليا، ومازال يسعى أبناؤها إلى السفر رغم غرق نحو ٣٠٠ من أبناء القرية، وكان آخرهم على "مركب رشيد" قبل عامين.
وتضيف "طه"، أن محاولات الهجرة غير الشرعية، إنما ترجع لأسباب سلبية داخل القرية، أدت إلى ظهور عادات وثقافات دخيلة أحدثت خلل اجتماعي ونفسي، مما أدى إلى ظهور طبقتين بين السكان.
والتقت السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد، بنحو أكثر من 1500 رجل وسيدة وشاب من أهالي قرية تطون، ضمن مبادرة "مراكب النجاة"، للتوعية بمخاطر هذه الظاهرة، بالتعاون مع محافظة الفيوم، والمجلس القومي للمرأة ، وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
وقالت السفيرة نبيلة مكرم: "نعلّم أبناءنا الأمانة والصبر والرضا، لكن الهجرة غير الشرعية تتعارض مع كل هذه المبادئ، وتتسبب في خوف دائم للشباب خلال تواجدهم بالدول الأجنبية نظرا لعدم شرعيتهم"، وأضافت أن القرية تعد واحدة من أكثر القرى المصدرة للهجرة غير الشرعية بالمحافظة، وأنها أكثر قرية خرج منها هجرة غير شرعية قبل عام 2016م، وتعرض 160 من شبابها للغرق نتيجة لذلك.
وأضافت "عبيد"، أن مبادرة "مراكب النجاة" لن تتوقف عند حد التوعية، وإنما تتولى كل الجهات المعنية مسئولية تدريب الشباب، وتأهيلهم لفرص عمل وفق احتياجات سوق العمل الخارجي حتى لا نترك شبابنا فريسة لتجار البشر. وقالت لحضور اللقاء من أبناء القرية: "لا يصح أن نلقي بأبنائنا في مياه البحر بحثا عن الأموال، وإنما علينا الحفاظ عليهم ودعمهم وتوفير الإمكانيات التي تساعدهم على النجاح، لافتة إلى أنه يتم الاستعانة بجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتوفير مشروعات لشباب القرية، تحفيزا لهم على عدم الهجرة بطرق غير شرعية خارج مصر، وأن جهود الدولة مستمرة من أجل حماية أبنائها من مخاطر الهجرة غير الشرعية.
تطون القرية الإيطالية في الفيوم
تطون القرية الإيطالية في الفيوم
تطون القرية الإيطالية في الفيوم
تطون القرية الإيطالية في الفيوم