"دراجة لكل مواطن" .. مبادرة رياضية تستعد الحكومة لإطلاقها خلال الأيام القادمة لتغيير ثقافة الانتقال اليومي للمواطنين بدلاً من اعتمادهم علي السيارات التي تضر البيئة والإنسان بالانبعاثات الصادرة من عوادم السيارات إضافة إلي ترسيخ ثقافة ممارسة الرياضة وذلك بتوفير الحكومة لهذه الدراجات بأسعار مناسبة "أقل من سعر السوق" وكذا توفير نظام تقسيط من خلال البنوك وعدد من الشركات .
"بوابة الأهرام" ترصد الهدف من المبادرة وكيف يراها الخبراء كلٍ في تخصصه وضمانات نجاحها في محافظات الجمهورية
العائد الصحي
الدكتور أمجد الحداد مدير مركز الحساسية والمناعة بهيئة المصل واللقاح يقول في حديثه لـ"بوابة الأهرام" أن عوادم السيارات هي من أشهر مهيجات حساسية الصدر والأنف والعين مؤكدًا أن التقليل من التعرض لها يؤدي إلي قلة عدد نوبات الأزمات الصدرية وبالتالي قلة استخدام الأدوية إضافة إلي أنه سيكون له مردود اقتصادي حيث يرفع العبء عن كاهل الدولة وكاهل المريض وذلك من دخوله المستشفى واستخدامه للأدوية أو دخوله للرعاية المركزة .
الدكتور أمجد الحداد
ويضيف أن الإنسان عندما يتعرض للأدخنة والأتربة وعوادم السيارات الكيميائية يؤدي ذلك إلي حدوث تليف في الرئتين أو ما يسمي بالسدة الرئوية مؤكدًا أن الحفاظ علي هذا العامل البيئي (عوادم السيارات) يؤدي بالتبعية إلي تقليل ظهور هذا المرض وانتشاره بين الأصحاء .
ويلفت مدير مركز الحساسية والمناعة إلي العائد الصحي علي مستخدم الدراجة فيقول أنها تزيد من لياقته البدنية وتجعله إنسانًا رياضيًا وتعمل علي زيادة الدورة الدموية في جمع أعضاء جسمه وكذلك ملائمة الصدر رياضيًا لأي مثيرات بيئية خارجية قائلًا :" المبادرة هامة صحيًا لقائد الدراجة وهامة بيئيًا لجميع المواطنين لأنها تقلل من تلوث الهواء ".
هل يتقبل المجتمع فكرة استبدال المواصلات العامة بالدراجة ؟
الدكتورة هالة يسري أستاذ علم الاجتماع بمركز بحوث الصحراء تقول في حديثها لـ"بوابة الأهرام" الشعب المصري دائمًا لديه الاستعداد لتقبل الجديد والتكيف مؤكده ارتفاع درجة الاستعداد بعد إدراك أهمية استخدام الدراجة علي الصحة والبيئة والمجتمع وكذلك الوقت .
الدكتورة هالة يسري
وفي المقابل تشدد علي ضرورة نشر ثقافة مصاحبة لهذا الاتجاه تبدأ من الشباب في الجامعات والمدارس والنوادي ومراكز الشباب وقصور الثقافة وذلك باعتبار الشباب هو صانع التغيير .
وحول طرق نشر هذه الثقافة لفتت أستاذ علم الاجتماع إلي تنظيم خروج جماعي مثلا بين الطلاب في الجامعات علي أن يكون سيرهم في الشوارع بشكل جماعي وليس فرديا وهو ما يقدم للمواطنين مشهدًا رياضيًا يحفز علي تقليده .
وأكدت في حديثها أن نجاح المبادرة يشترط اشتراطًا قويًا بزيادة أعداد المتبنين لها لافته إلى حدوث ذلك مع بداية الدراسة لأنه بشكل كبير معتمد علي الطلاب :" المبادرة سوف تنتقل بعد ذلك من الطلاب إلي العاملين ثم الموظفين ثم المواطن العادي ".
وحول فكرة المبادرة قالت أستاذ علم الاجتماع أن القيادة السياسية أعطت نموذجًا متميزًا لقيادة الدراجات ولازالت تعطينا هذا النموذج والذي إن دل فإنه يدل علي أن صحة الإنسان المصري تؤخذ بعين الاعتبار بالإضافة إلي الأبعاد البيئة والصحية والاقتصادية والاجتماعية فضلًا عن النفسية لاستخدام الدراجة والرياضة بشكل عام مضيفة أن هذا النموذج شجع الكثير من الشباب علي انتهاج هذا النهج الصحيح للجسد والنفس وأنه قلما وُجد عالميًا وقلما استخدمه رؤساء وملوك دول لكي يهتدوا به في كل أفراد المجتمع .
ضمانات نجاح المبادرة
يقول الدكتور حمدي عرفة خبير الإدارة المحلية أن المبادرة ستنجح في المدن الجديدة وذلك لاتساع شوارعها وجودة التخطيط العمراني لها إضافة إلي عدم الزحام :" هذه المدن يمكن تنفيذ المبادرة بها فورًا".
وبالنسبة لبقية المدن والمحافظات يقول خبير الإدارة المحلية الضمان أن الوحيد لنجاح المبادرة فيها هو تخصيص مكان لسير الدراجات وعن آلية تنفيذ ذلك يقترح علي الحكومة من خلال "بوابة الأهرام" التالي :
- تخصيص حارة لسير الدراجات علي حافة شريط نهر النيل وطول البحيرات والترع وألا تقل هذه الحارة عن 1.5 متر ولا تزيد عن 2.5 متر .
الدكتور حمدى عرفة خبير الإدارة المحلية
- استغلال المساحات المحيطة بشريط السكة الحديد والذي يمتد علي 1200 كيلو في الـ 27 محافظة كذلك قطع جزء من شريط السكة الحديد قائلًا :" أحيانًا بيكون في مبالغه في حجمه ".
- وجود تشريع خاص لتنظيم سير الدراجات والآثار السلبية التي قد تنتج عن ذلك من سوء استخدام البعض لها أو استخدامها في غير غرضها .
- وجود أماكن كثيرة لصيانة الدراجات بالإضافة إلي تشجيع القطاع الخاص علي الاستثمار في هذا المجال .
- وجود "باركينج" لاستقلال الدراجات وإذا ما كان في ذلك عبئًا ماديًا علي الحكومة فيمكنها إسناده كمشروع إلي القطاع الخاص علي أن يستفاد منه 5 أعوام علي سبيل المثال ثم يعيده إلي الدولة .
ويشير خبير الإدارة المحلية إلي العائد الاقتصادي فيقول أن تأخير استثمار الدولة في الدراجات أضاع عليها نحو 88 مليار جنيهًا علي الأقل سنويًا لافتًا إلي مصادر دخل عدة منها مخالفات الدراجات وصيانتها وترخيصها فضلًا عن الضغط على الوقود في الاستخدام وهو ما يهدد نفاده وتلوث البيئة .
ويؤكد أن استخدام الدراجات كوسيلة تنقل بين المواطنين قضية أمن قومي حيث تقلل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في محافظة القاهرة فقط بنحو 50 ألف طن الأمر الذي يسبب توتر عصبي واكتئاب فضلًا عن توفير آلاف الجنيهات شهريًا للأسرة كانت تتكبدها في شراء وقود السيارات أو أجرة المواصلات .
دراجة لكل طالب
من جانبها أوضحت وزارة الشباب والرياضة بأنه تم توفير 100 ألف دراجة كمرحلة أولي مؤكدًا أهمية مبادرة "دراجة لكل مواطن" حيث توفر فرص عمل من خلال أعمال صيانة الدراجات والتوزيع .
وأشارت إلي أن المبادرة ستتاح لجميع الهيئات والمؤسسات والأفراد بمحافظات الجمهورية كما أشار إلي أنه من المنتظر توفير دراجة لكل طالب في عدد من الجامعات وفق دراسة تتضمن كيفية الوصول لأكبر عدد ممكن من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعات.