يناقش مجلس النواب مشروع قانون سيتم بمقتضاه رفع سن المعاش بالتدريج، على أن يبدأ التطبيق الفعلي بدءًا من عام 2032 برفع سن التقاعد بحيث سيكون 61 عامًا في 2032، و62 عامًا في 2034، و63 عامًا في 2036، و64 عامًا في 2038، و65 عامًا في 2040.
وحجة هذا المشروع، هو توحيد سن المعاش عند 65 سنة، ومساواة جميع الفئات من العاملين بأصحاب الأعمال والعمالة غير المنتظمة، وحتى يتم توحيد المزايا التأمينية للجميع، وأكدت الحكومة أن كل دول العالم ترفع سن المعاش.
وقالت الحكومة إن عدد العاملين بالدولة حاليا نحو 5 ملايين، وخلال السنوات العشر المقبلة، وبعد تطبيق هذا القانون لرفع السن سيصل عدد العاملين في الدولة إلى 3 ملايين أو 2.5 مليون موظف.
وخلال هذه الفترة "السنوات العشر المقبلة" سيقل عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة نحو 30%؛ وذلك لأن هناك 160 ألف موظف يخرجون إلى المعاش سنويا، وهذا ما تعلنه وزارة التخطيط، وأن خطة رفع سن المعاش ستعالج العجز المالي والاكتواري في نظام المعاشات، وتخفيف العبء عن الخزانة العامة.
وبالطبع، كل موظف يتمنى أن يظل يعمل مادام قادرًا على العطاء حتى يموت، وليس حتى سن الخامسة والستين، ولكن هل هذا القانون يصلح لمصر؟ وكيف يسن هذا القانون في دولة تغلق باب التعيين أساسًا، وتشتكي من كثرة الموظفين بها؟
فهل من الحكمة في دولة يمثل الفتية فيها (أقل من 15 سنة) بنسبة تصل إلى (62.3%) من عدد سكان الجمهورية، كما أعلن جهاز التعبئة والإحصاء العام الماضي، وهم بعد عشر سنوات سيكونون هم الشباب وطاقة العمل، فأغلق الباب أمام تعيينهم في الوظائف، وفى الوقت نفسه أمد سن العمل للشيوخ؟ أليس هذا سيؤدي في النهاية إلى تصلب في شرايين أجهزة الدولة؟ فإذا كان الشيوخ يتميزون بالخبرة، فالشباب يتميزون بالحركة والنشاط والطاقة، ولابد لأي من أجهزة الدولة من المزج بين الشباب والشيوخ حتى نستفيد من مميزات كل فئة.
وهل من المنطق أن أصدر هذا القانون في الوقت الذي أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مايو الماضي أن معدل البطالة في البلاد هبط إلى 8.1 % في الربع الأول من هذا العام مقابل 10.6% قبل عام، ليصل عدد العاطلين عن العمل إلى 2.267 مليون من قوة العمل البالغة 27.968 مليون فرد.
ومنذ شهور قليلة أعلنت محافظة الشرقية، أنه تم تعيين المؤهلات العليا كعمال نظافة بالمحافظة لسد العجز، وقال إنه تم تعيين شباب خريجي كليات الاقتصاد والعلوم السياسية وآداب إنجليزي وهندسة، وفى الوقت الذي أعلنت فيه وزارة التربية والتعليم، في العام الماضي مسابقة للتعاقد مع معلمين مؤقتين للفصل الدراسي الثاني، فتقدم لها نصف مليون شخص لشغل نحو 50 ألف وظيفة منهم خريجو طب بشرى وحقوق.
وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على قلة وندرة فرص العمل أمام الشباب حتى من خريجي كليات القمة كالهندسة والطب البشري والاقتصاد والعلوم السياسية، فلا تغلقوا الأبواب أمام الشباب بمد سن المعاش، وإذا كانت بعض الدول تمد سن المعاش، فلأنها تعاني ندرة الشباب، وليس كثرتهم كما هي حال مصر.
[email protected]