فصلت هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» المذيع داني بيكر أحد مذيعيها بعدما نشر صورة على تويتر لقرد يرتدي ملابس وعليها تعليق «الطفل الملكي يغادر المستشفى» في إسقاط على مولود الأمير هاري وزوجته، وقد انتشرت التغريدة، ثم أزيلتْ لاحقًا من وسائل التواصل الاجتماعي، واتهم مستخدمو الإنترنت المذيع بيكر، أنه يسخر من أصول دوقة ساسيكس ماركل التي أصبحت أول عضو في العائلة المالكة من عرق مختلط.. وبالتالي فإنّ تغريدته فيها إساءة للعائلة الملكية.
كان ذلك في شهر مايو 2019، وقد أحدثت التغريدة ضجة كبيرة، وأغضبتْ الكثيرين من المتابعين الذين رأوا في ذلك تمييزًا عنصريًّا ضد ابن الأمير ووالدته، وبسرعة علَّق المتحدث باسم هيئة الإذاعة البريطانية «BBC»، قائلاً: «هذا خطأ خطير من «بيكر»، وإنّ التغريدة تتعارض مع القيم التي تتبناها الإذاعة»، مضيفًا أنّ «بيكر» مذيع هائل إلا أنه لن تتم رؤيته في البرنامج الأسبوعي بعد الآن.
ومن جانب آخر اعتذر المذيع الشهير عن هفوته وأعلن أنّ تصرفه كان غبيـًّـا وقال: «آسف لأنّ الصورة الساخرة التي نشرتها قد أثارتْ غضب بعضكم. ولم يخطر ببالي أنّ تلك الصورة سيترتب عليها سخط المتابعين لبرنامجي».
وأقرّ بأنه كان «أحمق» وكتب يقول: «هذا اليوم يـُعد من أسوأ أيام حياتي، وأردتُ أن أعتذر رسميـًا عن الغضب الذي سببته.. وأنْ أشرح كيف أوقعتُ نفسي في هذا المستنقع».
وأضاف: «على أية حال، ها أنذا الآن أدفع ثمن هذا الخطأ الفادح المؤسف، وهذا عدل»، وكانت شبكة CNN قد طرحتْ السؤال الذي استفزّ الكثيرين.. خاصة من محبي الأسرة الملكية.. وكان السؤال هو: إلى أي مدى يتشابه البشر مع القرود؟».
وجرى اتهام «بيكر» بالعنصرية من قِبل الصحفيين الذين قالوا له: «هل تعتقد أنّ الناس السود يـُـشبهون القرود؟»، حيث إن مولود الأمير «هاري» و«ميجان» ذو أصول مختلطة نظرًا لأنّ والدة ميجان من أصول إفريقية.
لاشك أن العنصرية داء بغيض، وهي أشدُّ بُغضًا عندما تُوجَّهُ لطفل لم يتجاوز عمرُه أيامًا معدودات، ولا شك أيضًا، أنّ العنصرية هي تراث بريطاني بامتياز، فمازال البعض ينظر إلى الآخرين بفوقية بغيضة ويعتبرون أنفسهم على قمة هرم التطور الإنساني.. وقد فسّـر البعض نظرية التطور.. وقانون الانتخاب الطبيعي التي شرحها العالم (دارون) في كتابه «أصل الأنواع»، بأن الإنسان أصله قرد.. وهذا تفسير ساذج ومغرض، ولم يـُـردّده إلاّ أعداء العلم.. وبصفة خاصة أعضاء الكهنوت الديني، بينما شرح دارون أنّ الكائنات الحية بدأتْ بخلية واحدة، ثـمّ تطوّرت في حلقات.. ومن بين هذا الحلقات الحلقة «بين فصائل القرود والإنسان».. وسماها الحلقة المفقودة، وجاء من بعد دارون علماء كثيرون أكـّدوا نظريته واكتشفوا تلك الحلقة التي عجز دارون عن اكتشافها!!. إنّ السؤال الذي يطرح نفسه: هل الإعلامي إذا أخطأ في أثناء عمله، أو كتب تعليقـًا مشينـًا على وسائل التواصل الاجتماعي هل اعتذاره مقبول؟ أم لابد من عقابه بشدة؟ وهل ما حدث لبيكر مما يـُعتبر درسًا لكل الإعلاميين في العالم، وعليهم من الآن التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بحرص.. وبدون استخفاف؟ هل نحن الآن في حاجة لهذا الحزم والحسم بعد أنْ أصبح التطاول والتجاوز سلاح الغالبية على وسائل التواصل الاجتماعي؟!! في رأيي أنه لابد من محاسبة أي متجاوز.. خاصة من الإعلاميين الذين يـُخاطبون الملايين من المشاهدين.
والسؤال الأخير هو: كيف غاب عن هذا المذيع الذي وقع في (سقطة عنصرية) كفاح مارتن لوثر كينج في الولايات المتحدة الأمريكية.. وهو الكفاح الذي تـمّ تتويجه بإلغاء النظرة العنصرية التي كانت سائدة وسط أغلب مواطني المجتمع الأمريكي.. وكانت النتيجة أنْ رأينا دبلوماسيين وسياسيين وفنانين (من أصول زنجية) بل وصل الأمر لدرجة الوصول إلى كرسي الرئاسة.. ودخول البيت الأبيض.. كما حدث مع باراك أوباما.