عبر الشاعر حمزة قناوي الذي عمل سكرتيرًا شخصيًا للمفكر الراحل أنور عبد الملك لعامين عن حزنه بغياب المفكر الأب بحسب وصفه، وقال إن الراحل كان شديد الإيمان بثورة يوليو لأنها سعت إلى تحرير الإنسان المصري، ونفي قناوي أن يكون الكتاب الذي كتبه عن عبد الملك من الأسباب التي أدت إلى اكتئابه لأنه لم يكن نصًا جارحًا.
موضوعات مقترحة
وقال قناوي في اتصال مع "بوابة الأهرام" ربما لم يتح لشابٍ مصري أن يقترب من أنور عبدالملك كما حدث معي، كانت تقاطعات الأقدار ودوائر المصادفة لها دور كبير في ذلك عندما اختارني لأكون مساعداً له، والحياة التي عشتها معه الملك عبر العامين اللتين عملتهما معه (2004 -2006) كانت بمثابة تجربة حياتية متكاملة عمادها الدقة والمنهجية والصرامة التي تعلمتها منه.
عمل حمزة قناوي مساعدا لأنور عبد الملك لعامين وكتب عن تجربته في العمل معه كتابًا فريدًا بعنوان " المثقفون" صدر عن دار الثقافة الجديدة في عام 2010، رصد فيه هذه التجربة ولكن من دون الإشارة إلى عبد الملك صراحة، كما أصدر رواية هذا العام عن دار الآداب في بيروت روى فيها جوانب من تلك التجربة بصورة سردية.
وأوضح قناوي المقيم بالإمارات حيث يعمل في مؤسسة الصدى الإعلامية، أنه التقي بعبد الملك في منزله بشارع نهرو بمصر الجديدة لأول مرة وقال "حاول عبد الملك أن يفكك الخطاب الاستعماري الغربي باتجاهه إلى الشرق، حيث الصين الطالعة، وروسيا العائدة، ومركزية العالم الجديد. تجربةٌ في قلبها الثورة المصرية."
وأكد قناوي أن عبد الملك كان مؤمنا بثورة 52 لأبعد الحدود، بتحرير الإنسان والعدالة الاجتماعية اللذين كانا في قلب الثورة، واللذين عاش حياته مدافعاً عنهما على المستوى الإنساني الأشمل. وكان يراها رديفاً لثورة ماو تسي تونج في الصين.
وكشف قناوي الذي فاز هذا العام بجائزة طنجة الشعرية أن عمله مع عبد الملك كان يبدأ من الثامنة صباحاً وقال " كنت أتلقى دروسي الفكرية على مقعدي المطعم بالأرابيسك في الصالون المُطل على الميريلاند وهو يشد قامته أمامي عاقداً يديه خلف ظهره.
وفي مركزها إيمانه العميق بضرورة تجميع القوى الوطنية المؤمنة بالقومية العربية وبالدائرة الإسلامية والإفريقية.
ولفت قناوي إلى أن عبد الملك القبطي كان شديد التسامح وعاشقا للقران الكريم وقال "كثيراً ما ذهبت إليه وقت الإفطار فوجدته يستمع إلى الشيخ محمد رفعت ويقول لي ( سامع القيثارة؟) كان حافظاً لكثير من سور القرآن الكريم.. حيرني ذلك أن أجد عالماً قبطياً متسامحاً إلى ذلك الحد.
وكشف حمزة قناوي تعقد علاقة انور عبد الملك بالدولة الناصرية وقال " ذات يوم بينما نسير في الميريلاند وهو يتكئ على ذراعي: مصر هذه قصة كبيرة، قصة عمرها آلاف الأعوام. السعيد وحده من يعيش ليعرفها ويكتشف مكامن روعتها وعذوبتها.. كانت مصر عشقه الأوحد وكانت ذكريات المُعتقل عزيزةً على روحهِ، يحدثني عن الصباحات التي امتزج فيها الحب بضرب الكرابيج في المعتقل، يوم رأى بعينيه اغتيال رفيقه شهدي عطية تعذيباً في المعتقل.. يوم أرسل له عبد الناصر رسالة في باريس بعد هروبه من المعتقل ينصحه فيها بالبقاء عنده فمصر مقبلة على انعطافات حادة ومواجهات قاسية (حدثت بعد ذلك بوقوع العدوان الثلاثي).
وأكد حمزة قناوي أن السنوات الأخيرة في حياة عبد الملك اتسمت بالألم لأنه كان حزيناً وهو يرى مصر تفقد مكانتها وقيمتها التاريخية في العالم المعاصر.