Close ad

كشف حساب أكاديمى لمعجزة الصين في شينجيانغ

10-3-2019 | 18:50

في عالمنا العربي، جرت العادة أن نقول: لابد من صنعاء ولو طال السفر.

وفي دنيا الصين المترامية الأطراف، يقال، والعهدة على الراوي، لابد من مدينة أوروموتشي، مهما طال السفر، وشددت الرحال إلى بلاد الله خلق الله الواسعة.

هكذا كان حال الوفد الإعلامي والصحفي المصري، الزائر، ونحن نهتف من أعماقنا: أوروموتشي.. أوروموتشي.. أوروموتشي، منذ اللحظة الأولى، لبدء رحلتنا الاستكشافية لـ شينجيانغ للتعرف، بأنفسنا، على ما تردده الدعاية المناوئة للصين، من ظروف اضطهاد، وعقاب جماعي، وإهدار لحقوق سكان المنطقة من القومية الويغورية، المسلمة.

وبدلا من أن تكون مدينة أوروموتشي، عاصمة شينجيانغ، هي المحطة الأولى للمهمة، وفقًا لترتيبات السفر، قام قائد الطائرة المقلة لنا، بتغيير وجهتها، فجأة، إلى مطار ولاية كاشغر، الأبعد، بنحو ساعتين، لأسباب مناخية، لم تشهد أوروموتشي مثيلًا لها مع صعوبة الرؤية، والثلوج التي غطت مدرج الهبوط.

وكما يقول المثل، فـ رب ضارة نافعة، حيث أتاح تغيير مواعيد برنامج الزيارة، فرصة أكبر لنا لتفقد مواقع سكانية وتعليمية مستهدفة، أساسًا، في ولايتي كاشغر وخوتيان، بشكل مفاجئ، حقيقي، وليس تمويها، وهي على حالها، وبدون "تزويق" أو إخفاء لأسرار أو أية ترتيبات محلية مسبقة.

اشتد بنا الشوق لرؤية أوروموتشي، خاصة، بعد ما امتدت إقامة الوفد الصحفي المصري إلى 4 أيام في ولايتي كاشغر وخوتيان، سبقتها ليلتان في العاصمة، بكين، لنهتف من جديد: أوروموتشي.. أوروموتشي.. أوروموتشي، وقد امتلأت مفكراتنا وكاميراتنا، ومشاهداتنا الميدانية بالملاحظات والأحاديث والصور.

اجتهدت، قدر الإمكان، في عرض جانب من المشاهدات، ضمن 5 تقارير نشرتها "بوابة الأهرام"، تناولت - بالأساس - الأحوال المعيشية، النموذجية، لسكان الولايتين، بما فيها مراكز التعليم والتدريب المهني، ذائعة الصيت، فضلا عما يمكن تسميته بالنهضة الاقتصادية والاجتماعية، وحالة الاستقرار والأمن والأمان، التي تشهدها ولايتا كاشغر وخوتيان، عكس ما تردده الأبواق المناوئة للصين.

بعد طول انتظار، حطت بنا الرحال، في مطار أوروموتشي الدولي، كثيف الحركة من الطائرات والركاب؛ حيث الطقس البارد جدًا- يبلغ نحو 21 درجة تحت الصفر- وثلوج تغطي كافة الأنحاء، بما فيها المباني والأشجار والشوارع والميادين، وخفف من وطأة البرودة، حرارة الاستقبال والضيافة من جانب الجهات المنظمة للزيارة.

هذه هي الزيارة الثانية، التي أقوم بها إلى مدينة أوروموتشي، مرآة وحاضرة منطقة شينجيانغ، زرتها للمرة الأولى، في أغسطس من عام 2010، أي منذ نحو 9 سنوات، وأمضيت مع أهلها الطيبين العشر الأوائل من شهر رمضان المعظم، في ذلك الوقت، وهو ما قد يفسر سر اللهفة والشوق والحنين الشخصي لرؤيتها، وقد انتقل هذا التشوق لرؤيتها إلى زميلاتي وزملائي، من أعضاء الوفد المصري، لكثرة ما أفضيت إليهم من حديث عن إمكانات وأصالة ومكانة المدينة.

في أوروموتشي، قام الوفد المصري بزيارة المتحف الوطني، وتفقد معرضًا، يضم صورًا وتسجيلات للأعمال الإجرامية، التي ارتكبها الإرهابيون المتشددون دينيًا، والانفصاليون، والعملاء المؤجورون، في التسعينيات بمنطقة شينجيانغ.

شاهدنا كيف نجحت السلطات الصينية في تحويل مجرى الأحداث الدامية بالمنطقة، التي امتدت إلى نحو ثلاثة عقود، إلى مجرد مشاهد من الصور والتسجيلات، وذكرى أليمة، وماض أسود، عاشه السكان الآمنون من كل القوميات ورجال الأمن، لتبقى عبرة لمن يعتبر، في هذا المعرض والمتحف.

خلال اليومين والليلتين، اللتين قضيناهما في المدينة، زرنا معهد شينجيانغ الإسلامي بـ أوروموتشي، والتقينا طلابه ومعلميه وعميده، الشيخ عبدالرقيب، حضرنا عروضًا للفنون بمسرح المقامات الـ 12 الشهيرة، وقام الراغبون بالتسوق بزيارة أشهر "بازارات" المدينة، وتناولنا وجبة العشاء في أحد مطاعمها الفاخرة، مع مشاهدة عروض محلية، موسيقية وغنائية وراقصة.

أخيرًا، وقبل أن نغادر أوروموتشي بساعتين، جرى تنظيم لقاء موسع للوفد الصحفي والإعلامي المصري، في مقر أكاديمية شينجيانغ للعلوم الاجتماعية، أداره رئيس الأكاديمية، دينج شوو تشينغ، وحضره 10 من الأكاديميين والخبراء من قوميات صينية متعددة.

خلاصة اللقاء الأكاديمي، يمكن إجمالها في نقاط تلغرافية على النحو التالي:

- نائب مدير معهد الدراسات التاريخية، محمود عبدالولى: الإرهابيون والانفصاليون، الذين ارتكبوا جرائم بشعة في شينجيانغ، منذ بدء عقد التسعينيات، لا يمثلون قومية الويغور، التي انتمى إليها، ونحن زرنا مراكز التعليم والتدريب المهني، التي أنقذت جيلا كاملا من الشباب الويغوريين.

- مديرة معهد الأقليات العرقية، لي شياوشي: من تجربتي الخاصة، فإن منطقة شينجيانج عانت كثيرًا من الفقر والتخلف، عن باقي مناطق الصين، والآن تنعم هذه المنطقة بنهضة حقيقية في التجارة والإنتاج الصناعي والزراعي والسياحة، وعلى مختلف الأصعدة والمستويات، ولم تحدث أية أعمال إرهابية منذ أكثر من عامين، وبالذات، بعد إقامة مراكز التعليم والتدريب المهني للسكان من القومية الويغورية المسلمة.

- نائب مدير معهد الدراسات الدينية، ما جين ووي: توفير البنية الأساسية في منطقة شينجيانغ مع سهولة النقل والمواصلات والربط مع باقي أنحاء الصين جعل السياحة الداخلية، والخارجية، تحقق نقلة نوعية بالأرقام التي بلغت 150 مليونًا، ومتوقع أن تصل 180 مليونًا في عام 2019.

- خبير الدراسات الدينية، ما بيينيان: الإرهاب تسبب في إحداث خسائر بشرية ومادية فادحة، عانى منها سكان منطقة شينجيانغ منذ التسعينيات، وقد تأثر هذا الإرهاب – بطبيعة الحال- بالبيئة الدولية الحاضنة له، من ناحية، وبدعم خارجي مشبوه، ومناوئ لتقدم ونهضة ووحدة الصين، وليس بسبب القومية الويغورية أو الدين الإسلامي، البريء من الإرهاب، أو حتى الفقر، لأن المنطقة كانت أكثر فقرًا في الثمانينيات، ولم تشهد أعمالا إرهابية مماثلة.

- الخبيرة والمديرة لإدارة العلاقات الخارجية، ليو مييي: زرت أحد مراكز التعليم والتدريب المهني بولاية خوتيان، وتحدثت هناك مع إحدى الخريجات الجميلات، التي كانت تحتفل بعيد ميلادها هي وابنتها وزوجها، قالت إنها قبل دخول المركز، كانت مغلقة على نفسها، وتقاطع المعاملات مع الناس والجهات الرسمية، والآن تعيش سعيدة هانئة وتعمل وتحقق دخلًا ماليًا.

- الخبير في معهد الدراسات الاقتصادية، باي ليدونغ: ارتفعت معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في منطقة شينجيانغ بشكل متسارع وملحوظ في السنوات الأخيرة، واقتربت من النهضة، التي تشهدها باقي مناطق الصين، مما انعكس إيجابًا على الحالة المعيشية للسكان من مختلف القوميات.

- أخيرًا، رئيس الأكاديمية: الاستقرار عامل رئيسي لتنمية جميع القوميات في الصين، بما فيها القومية الويغورية، بمقاطعة شينجيانغ، والحكومة حريصة على تحقيق هذه الغاية، والدفاع عن وحدة أراضيها، والتصدي للنزعات الانفصالية، بكل ما تملكه من قوة، أيضًا، الأكاديمية تتواصل مع باحثين وخبراء مصريين، وليس مع مؤسسات، ويسعدنا أن يتحقق التبادل على مستويات أعلى مستقبلا.

---------

بقي أن أشير في مقال أخير، بإذن الله، إلى مدلولات وآفاق امتلاء الطائرة، في رحلتي الذهاب، والعودة من الصين، بالسائحين الصينيين.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة